أشاد علماء الدين بالمبادرة التي أطلقها أخيرا مركز توثيق التراث الحضاري بمكتبة الإسكندرية, والتي أعلن خلالها بدء الإعداد لإطلاق بوابة إلكترونية لتوثيق تراث علماء المسلمين الأوائل , الذين تخطي علمهم الحدود الجغرافية, وأسهموا في إثراء الحضارة الإسلامية بعلمهم وخبراتهم في شتي المجالات. ودعا العلماء الي دعم هذا المشروع المهم الذي يربط ماضي الأمة بحاضرها, ويصون مجدها, مؤكدين ان علي الجميع التكاتف والتعاون لانجاح هذا المشروع باعتبار ذلك واجبا شرعيا, حتي تستفيد الاجيال القادمة من الباحثين والمؤرخين من علوم من سبقوهم في مختلف التخصصات العلمية والشرعية والكونية. وحول جدوي المشروع وأهميته يقول الدكتور ياسر الشايب, مدير مركز توثيق التراث الحضاري والطبيعي, التابع لمكتبة الإسكندرية, إن برنامج ذاكرة العالم تتبناه اليونسكو لتوثيق ونشر التراث الوثائقي في مختلف مجالات العلوم والرياضيات, والمدعم من وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات, إن البوابة التي سيتم إطلاقها علي شبكة الإنترنت, تأتي كإحدي مخرجات مشروع توثيق تراث علماء المسلمين الذي ينفذه المركز. وتتضمن تاريخ العلماء المسلمين, الذين أسهموا في إثراء الحضارة الإسلامية بعلمهم, وخبراتهم في شتي المجالات, وتعد هذه الخطوة ضمن برنامج إعداد موسوعة إسهامات الحضارة العربية والإسلامية في العلوم. من جانبها, قالت نيفين عادل عيد, رئيس وحدة التراث الإسلامي بالمركز, إن البوابة توثق لتراث علماء المسلمين الأوائل, الذين تخطي علمهم الحدود الجغرافية المعروفة للعالم الإسلامي, كما تخطي حدود التخصصات العلمية الضيقة إلي الموسوعية العلمية, وكشف تراث الرواد العرب في مجالات التراث الديني والمخطوطات ومختلف العلوم الدينية والطب والصيدلة. وذلك ضمن إستراتيجية للحفاظ علي التراث الإسلامي والمخطوطات النادرة باعتبارها ذاكرة الأمة وعنوان حضارتها الذي يجب صيانته والاستفادة منه لاستنهاض الأمة وتحقيق تقدمها ونموها لتستعيد مكانتها اللائقة والمستحقة بين سائر الأمم. كما يأتي المشروع استكمالا لنجاح مركز توثيق التراث الحضاري والطبيعي بمكتبة الإسكندرية في توثيق آلاف المخطوطات الإسلامية وحمايتها من التلف والضياع وتسهيل الاطلاع عليها لخدمة الباحثين والمتخصصين في التراث الإسلامي. صيانة لمجد الأمة من جانبه أشاد علماء الأزهر بالمبادرة, وقال الدكتور احمد عمر هاشم رئيس جامعة الازهر الاسبق وعضو هيئة كبار العلماء بالازهر, إن هذا المشروع يعتبر من ابرز وأهم المشروعات الثقافية والعلمية والوثائقية, لان الحفاظ علي التراث هو حفاظ علي مجد الامة, فالأمة التي لا تراث لها, لا وزن لها, لانها لا تكون عميقة الجذور, وموثقة التراث, والحفاظ علي تاريخ وتراث علماء المسلمين المشهود لهم بالنبوغ والاسهامات العلمية الرفيعة في تقدم البشرية وتعليمها, من الامور المهمة, حتي لا تفقد الامة الأصالة, ومقومات حضارتها, وحتي يطمئن الباحثون من طلاب العلم من الاجيال القادمة علي تراث أمتهم, ويعلموا ان مجدهم له اصوله في تاريخ الامة. ودعا الدكتور عمر هاشم, الجميع إلي مساندة ودعم تلك المشروعات, حتي نستطيع توفير المادة العلمية الصحيحة, عن علماء الامة الاوائل, للباحثين, وكتاب التاريخ والحضارة والمؤرخين, مشيرا الي ان ربط ماضي الامة بحاضرها, ضرورة عصرية وواجب شرعي, حتي يحدث العمق التاريخي والتراثي للامة, التي جعلها الله سبحانه وتعالي خير امة اخرجت للناس, قال تعالي في كتابه الكريم كنتم خير أمةأخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله..... وفي سياق متصل, يقول الدكتور محمد الشحات الجندي, أستاذ الشريعة بكلية الحقوق جامعة حلوان, وعضو مجمع البحوث الاسلامية, ان نهضة الأمم تقاس بقدر احتفائها بالعلم واهله, وذلك لان العلم يعد احد منجزات الحضارات الانسانية, والحضارة الاسلامية من بين هذه الحضارات, التي اسهمت ايجابيا في مسيرة العلم, عن طريق ابتكارها للمنهج التجريبي الذي ينسب الفضل فيه الي العلماء العرب الذين انجبهم الإسلام, والاسماء في هذا السياق كثيرة, نكتفي بالاشارة الي كل من ابن سينا, وجابر بن حيان, والحسن بن الهيثم, وغيرهم الكثير الذين أثروا الحضارة الإنسانية والبشرية بعلومهم النافعة. التنسيق الكامل وطالب بتضافر كل الجهود من أجل تنفيذها علي النحو الصحيح, الذي يضمن النقل الأمين للمسيرة العلمية لهؤلاء العلماء الأفذاذ, وهذا يستدعي التنسيق الفني والتقني الكامل, بين جميع الجهات المختصة في هذا المجال, حتي يكون المنتج مبنيا علي اساس علمي, غير قابل للتحريف والتزييف, وكلي ثقة ان مكتبة الاسكندرية من الثقة بمكان في إخراج هذا العمل بطريقة مبتكرة وموثقة توثيقا علميا أمينا, ويكفي ان نذكر الجميع بالقاعدة الفقهية المعروفة وهي ما لا يتم الواجب الا به فهو واجب, وعليه فان دعم ومساندة مثل هذه المشروعات العلمية الهادفة لتقدم الامة والمجتمع هو واجب شرعي.