عندما أصبح الدكتور أحمد زكي بدر وزيرا للتربية والتعليم, نسب إليه أنه يبيح عودة عقوبة الضرب للتلاميذ في المدارس, ثم صدر تكذيب ونفي لهذا التصريح! وتناول المعلقون هذه القضية ما بين مؤيد ومعارض. وكأن مشكلة التعليم انحصرت في معرفة ما إذا كانت العقوبة المناسبة بدنية أم أدبية؟ وهي قضية قديمة متجددة, تناولها علماء التربية والنفس القدامي والمحدثون, بدءا من الرعيل الأول من المسلمين ومرورا بالإمام الغزالي وابن خلدون وغيرهما, وانتهاء بأساتذة التربية المحدثين كالدكتور القوصي والدكتور اسماعيل القباني والدكتور حامد عمار وغيرهم. وقد اتفق الجميع علي أن القسوة والعنف, والشدة والبطش صفات لا ينبغي للمعلم أن يتصف بها لأنها تؤدي كما يقول العلامة( ابن خلدون) إلي أن تضيق علي النفس انبساطها, وتذهب نشاطها وتدعو إلي الكسل وتحمل علي الكذب وتعلم المكر والخديعة. وهؤلاء المعلمون الذين يتخذون من القسوة والعنف أسلوبا للتعامل مع تلاميذهم. يثورون أقسي ثورة عندما يتعرض أبناؤهم لمثل ذلك؟ ولا يعني هذا أننا ندعو إلي تدليل الطلاب حتي يفسد أمرهم ويسوء سلوكهم وينفلت عيارهم, وإنما نريد أن نفرق بين العقوبة والعقاب والتأديب والتدمير. والعقاب مطلوب كالثواب تماما وهذه هي سنة الحياة وفطرة الله التي فطر الناس عليها. ولكن أيلزم أن يكون العقاب بدنيا وخاصة للطفل والغلام؟ إن المعلم الأول صلي الله عليه وسلم وجهنا في كلمات مضيئة بقوله من أوتي حظه من الرفق فقد أوتي حظه من الخير كله, ومن حرم حظه من الرفق فقد حرم حظه من الخير كله وفي العقاب الأدبي متسع من المجالات لإشعار المخطئ بخطئه, وتقويم اعوجاجه وإثارة معني الضمير لديه دونما إهدار لآدميته وإذلال لشخصيته وترسيخ صفة العدوان لديه. وكثيرا ما يلمس التلاميذ نقطة ضعف في معلمهم الذي يثور لأتفه الأسباب وأحيانا لغير ما أسباب, ويعجز عن مواجهة سلوكيات شاذة أو منحرفة لبعض تلاميذه, فيتخذونه مادة لسخريتهم أو يتعمدون وضعه في هذه المواقف ليروا ما يتخذونه مادة لتسليتهم. إن الهيبة والاحترام لا يستمدان من مؤثرات خارجية كالصراخ أو التلويح بالعصا أو السب والتحقير, وإنما ينبعان من ذات المعلم! قدرة في الأداء وإخلاصا في العمل وبعدا عن الإسفاف في اللفظ أو الفعل ولنتذكر دائما في هذا المجال قول الله تعالي لرسوله المعلم الأول( صلي الله عليه وسلم).. ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك صدق الله العظيم محمد حسنين الشاعر مدير عام بالتربية والتعليم سابقا