أثارت حالة تضارب الأنباء حول مصير المصريين المختطفين في طرابلس علي يد مليشيات مسلحة المخاوف من أن تتوسع دائرة العنف في مصر وتفتح جبهة جديدة للحرب علي الارهاب أمام الأمن المصري. والواقع الآن أن الحكومة الانتقالية الحالية تواجه تحديا جديدا بعد اختطاف الملحقين الثقافي والتجاري وثلاثة موظفين اداريين في طرابلس ردا علي اعتقال قوات الأمن المصري لشعبان هدية زعيم كتيبة غرفة عمليات ثوار ليبيا أثناء تواجده بالاسكندرية. وشعبان هدية, الملقب ب أبو عبيدة الليبي هو أحد أبرز قادة ثوار ليبيا الإسلاميين الذين ساهموا في الإطاحة بنظام معمر القذافي عام.2011 وترأس غرفة ثوار ليبيا التي تم ضمها فيما بعد لرئاسة الأركان العامة للجيش بقرار من المؤتمر الوطني الليبي العام. ووفقا لما تناقلته بعض مصادر الأخبار, فإن هدية يواجه تهمة الاجتماع بأعضاء التنظيم الارهابي في مصر بعد أن تسلل اليها ومعه15 ارهابيا تدربوا تدريبا مكثفا في أحد المعسكرات التابعة للقاعدة علي الحدود الشرقية الليبية. وعلي الرغم من تأكيدات المسئولين المصريين علي أن اتصالات مكثفة تدور حاليا لحل الأزمة إلا أن هناك العديد من الاسئلة التي تطرح نفسها مع هذه الأحداث حول انعكاسات الفراغ الأمني الذي تعانيه ليبيا علي الأوضاع في مصر. ومن بين أهم هذه الأسئلة: هل تتحول حرب مصر علي الارهاب إلي حرب اقليمية تشمل دول الجوار أيضا؟ وهل ستدخل السلطات المصرية في مفاوضات مع الارهابيين الخاطفين لاطلاق سراح موظفيها المختطفين؟ وإلي متي ستظل الأوضاع في ليبيا علي ما هي عليه الآن؟ وإلي متي يستمر نزيف تهريب السلاح عبر الحدود من ليبيا إلي مصر لاشعال الأوضاع بها؟ الأهرام توجه بهذه الأسئلة لعدد من الخبراء حتي تتضح الصورة أمام الجميع. بداية, يشدد اللواء سامح سيف اليزل الخبير الأمني والاستراتيجي, ومدير مركز الجمهورية للدراسات علي خطورة الأوضاع الأمنية في ليبيا, وانعكاساتها علي مصر خاصة وأن هناك تنسيق بين إخوان ليبيا وحركة الاخوان الارهابية في مصر, موضحا أن هذا التنسيق يتمثل في امداد أفراد الجماعة في مصر بالسلاح والذخيرة, لكنه شدد علي أن كل تحركاتهم مرصودة ومكشوفة لدي الأمن المصري. وقال إن مصر في حاجة إلي تحقيق شكل من أشكال التعاون مع كافة دول المنطقة لمكافحة الارهاب, مشيرا إلي أن مصر ليست في حاجة لتنفيذ عمليات عسكرية في أراضي دول مجاورة, فقط كل ما نحتاجه هو تأمين حدودها. ورجح ألا تنتهي حالة السيولة الأمنية في ليبيا علي المدي القريب. فيما يقول اللواء محمد مجاهد الزيات, مدير مركز الشرق الأوسط للدراسات إن ليبيا تعيش حالة من الفراغ الأمني منذ بدء الثورة ومن يسيطرون علي الأوضاع هناك هم مجموعة من المليشيات المسلحة من مختلف الجنسيات وكلها تعتنق الفكر القاعدي, ومن بينها ميليشيا تابعة للاخوان تطلق علي نفسها اسم( الجماعة المقاتلة الليبية) وهي موجودة تحديدا في شرق ليبيا. واضاف' لا أعتقد أن مصر مضطرة لتوسيع حربها علي الارهاب لتصل الي دول الجوار, لكن يكفيها تأمين حدودها بالتنسيق مع وزارة الداخلية الليبية. وأكد أن السلطات المصرية لابد وأنها الآن تجري ترتيبات واجراءات مكثفة لاطلاق سراح المصريين المختطفين في ليبيامشيرا في الوقت نفسه إلي انه لا يعتقد أن ترضخ مصر لأي مساومة مع الارهابيين الخاطفين وتطلق سراح شعبان هداية, زعيم مليشيا غرفة عمليات ثوار ليبيا لأنه ألقي القبض عليه في القاهرة ووجوده فيها يشكل تهديدا علي الأمن القومي المصري من الطبيعي انه سيمثل للمحاكمة وفقا للقانون. وأعرب عن توقعاته بأن تظل الأوضاع الأمنية في ليبيا علي ما هي عليه لحوالي عامين آخرين علي الأقل. وفي النهاية, يبقي الوضع علي ما هو عليه في ليبيا لأجل غير معلوم رغم أن الثورة قامت بها من أجل تغيير النظام وليس احلال الفوضي محل النظام. وقد وصل التدهور الأمني بمكان جعل من رئيس الوزراء الليبي نفسه عرضة للاختطاف علي يد المليشيات التي باتت تحل محل الأجهزة الأمنية الفعلية في البلاد.