اعتاد جهاز الشرطة المصرية بكل فئاته في الخامس والعشرين من يناير من كل عام الاحتفال بعيد الشرطة, وذلك اليوم الذي سطر فيه أبطال الشرطة المصرية عام1952 أزهي بطولة سطرها جهاز أمن داخلي علي مر التاريخ. يوم أن تصدي أبناء هذا الجهاز بمدينة الاسماعيلية لعدو خارجي جامح لا يبغي إلا الاحتلال فصمدت إحدي كتائب الشرطة المصرية أمام العدو البريطاني المدجج بالسلاح دون النظر لفوارق العدة والعتاد, واختاروا الاستشهاد داخل خندقهم الصغير رافضين الخضوع والاستسلام كي يؤكدوا صمود مصر كلها أمام الاحتلال, فبات هذا اليوم رمزا ونبراسا لرجال شرطة مصر ينتظرونه عام بعد عاما ليعيدوا وتعاد عليهم ذكريات هذه التضحيات, وسطور هذه البطولات فتشد من أذرهم وتمنحهم القوة لاستكمال رسالتهم من أجل بلدهم, لأنهم تربوا علي الولاء والانتماء لهذا البلد والعمل من أجله, والتضحية في سبيله. إلا أن خالطي الأوراق, كارهي الاستقرار عابدي السلطة مروجي الفتن أرادوا لهذا اليوم الذي كان عيدا شرطيا تتغلغل فيه معاني الانتماء ويستعيد فيه الرجال ذكريات الوفاء, ليحولوه إلي يوم لكسر الشرطة وسقوطها, لأنهم رأوا أن كسر الشرطة معناه سقوط الدولة المصرية وهذا ما يهدفون إليه فسعوا لالتقاء إراداتهم مع إدارات أناس وشباب نحسبهم شرفاء حركهم فساد السلطة في تلك الحقبة ولكن هؤلاء الشباب الذين خرجوا لعلة نبيلة وهدف سام كي ينعموا بالحرية والعدالة الاجتماعية من خلال ثورة شعب حقيقية لم يفهموا ولم ينتبهوا لما يحاك بمصر فحدث ما حدث, وأظهرت الأيام حقيقة الجميع بل ستظهر أكثر فيما هو قادم, ولا يعنينا هنا إلا أن أهل الفتنة والدمار حققوا جزءا من هدفهم بكسر بعض آليات الجهاز الذي شهدت له كل الاستراتيجيات الأمنية, بالكفاءة والأداء المتميز والترابط الذي يحقق الأهداف ونتج عن هذا الكسر آثاره السلبية علي جميع مناحي الحياة في مصر أمنيا واجتماعيا واقتصاديا و إنعكس ذلك علي السياحة والاستقرار, لكن بفضل الله لم تنكسر همم الرجال وعاد الأمل, عاد بعزيمة الرجال وإصرار الأبطال ووقوف الشعب والقوات المسلحة الباسلة مع جهاز الأمن, وظهرت تضحيات تؤكد معادن هؤلاء الرجال الأبطال الذين إعتادوا مواصلة الليل بالنهار ليخلصونا من المجرمين والمخربين الأشرار. فيا أبناء الشرطة المصرية أنتم من بذلتم الغالي والنفيس في تلك المرحلة الصعبة من تاريخ مصر, فكنتم الأبطال الحقيقيين, فلكم من شعب مصر كل التقدير والتحية أنتم ولشهدائكم الأبرار ويكفيكم أن الشعب علم بتفصيلات المؤامرة واطمأن قلبه إليكم فلا يهزكم ريح ولا تؤثر فيكم عاصفة رعاكم الله وأيدكم بنصره وأسألوا أنفسكم كي تستريحوا وتؤدوا بأمان وثقة, ما هو جزاء من عاداكم وتوعدكم؟ إنهم بالسجون مقهورون أو غياهب الجب هاربون وإن كانت فلولهم في حجرات مغلقة للشر يخططون فأنتم بفضل الله لهم راصدون. وسيستمر يوم25 يناير من كل عام عيدا سعيدا به تعتزون, وتفخرون جيلا بعد جيل, تأخذون منه العبر لتستمر مسيرتكم نحو تحقيق رسالتكم( أمن مصر وأمانها). لمزيد من مقالات د. نبيل محمود حسن