خبايا وأسرار تكمن داخل النفس البشرية مغزاها المخاوف والامال المتضاربة, قد تظهر للمرء ذاته من حين ألي آخر في أحلامه ولكنه لا يتلمسها ولم تتجل قط لمن حوله. وحده الفنان هو من يستطيع أن يخرج تلك المكونات الروحانية ويترجمها في لوحات تشكيلية تحوي معاني وأحاسيس متفاوتة فهو بالفعل لم يهتم فقط بالشكل الخارجي للعنصر الانساني وإنما يغوص بداخله ليخرج كل ما يجول في أعماقه, الفنان عمر النجدي هو واحد من أبرز من أجادوا تجسيد المعاني الروحانية والفلسفية في قوالب تشكيلية, فهو فنان ومنذ القدم أتخذ العنصر البشري والتراث الاسلامي الشعبي المصري كملهمه الاول في أغلب أعماله., ولكنه في معرضه الأخير المهرج الضاحك الباكي والذي اقيم بقاعة بيكاسو بالزمالك قدم عنصرا جديدا بعيدا عن أسلوبه الذي طالما أتخذه سلفا مستعينا ولأول مرة بشخصية البلياتشو. ضم المعرض نحو55 عملا فنيا والذي دائما ما أقترن بالموتيفات والاشكال الهندسية والزخرفية مع التأكيد علي البعد الثالث المنظور, من بينها15 عملا عن السيرك حيث يلعب المهرج دور البطولة بها,و يظهر لنا من خلال تلك الأعمال عدم التزام الفنان بالنسب التشريحية المتعارف عليها والتي كانت أخر همه وانما أراد تجسيد الحس الروحاني والمعني الفلسفي تشكيليا., أيضا هناك ستة أعمال أخري يقوم الخط فيها بدور كبير ليؤكد العلاقة بين المساحات اللونية والقيم الفنية في التكوين نفذها الفنان بخامة الالوان المائية. فضلا عن مجموعة من اللوحات التي تثري الحواس وتأخذنا الي أعماق التراث والفن الشعبي, أحداها لوحة كبيرة تجمع النساء في الشرفة للتأكيد علي حيوية البيئة الشعبية والحميمية المطلقة, نفذها بمختلف الخامات والألوان الصريحة مع الخلفية الذهبية لتتنوع ألوان النجدي ما بين هادئ ومتفجر وما بين دافئ وبارد. الفنان عمر النجدي مسجل كأحد الفنانين العالميين بالموسوعة الفرنسية لاروس من عام1970, كما يملك متحفا لأعماله في باريس, وهو فنان لديه مهارات فنية متعددة من رسم, حفر, خزف, نحت, خط عربي وفسيفساء.