تقرير صادر عن الكونجرس في ديسمبر الماضي ومازالت تفاصيله محاطة حتي الآن بالسرية, كشفت عنه صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية من خلال بعض التسريبات حول برنامج تتبعه المخابرات خاص باستجواب الأفراد المشتبه فيهم, كما تضمن أيضا عرضا لقيام المخابرات المركزية مرارا بتضليل البيت الأبيض والكونجرس والرأي العام بشأن جدوي استخدام القسوة في عمليات الاستجواب والتي لا تؤدي عادة إلي الحصول علي معلومات لها قيمة أو صحيحة. وقد أثيرت المواجهة بين الكونجرس والمخابرات المركزية عندما طلبت لجنة المخابرات بمجلس الشيوخ من وكالة المخابرات المركزية أن تعطيها دراسة داخلية كانت قد أجريت داخل الوكالة نفسها, ويري الكونجرس أن هذه الدراسة تضمنت انتقادات للوكالة بشأن برنامجها للاعتقال والاستجواب, لكن الوكالة منعت وصول هذه الدراسة إلي لجنة المخابرات بالكونجرس. ويقول السيناتور مارك يودل أنه لو ثبت أن المعلومات التي تضمنتها هذه الدراسة صحيحة وأن الوكالة حجبتها عن لجنة المخابرات بالكونجرس فإن ذلك قد يدفع اللجنة إلي عدم الموافقة علي المرشح المحتمل ليكون رئيسا جديدا لوكالة المخابرات المركزية, وإسمه دكتور كراس, والذي يناقش الكونجرس ترشحه لهذا المنصب, وأرجع السبب إلي أن الوكالة لا تتعاون بشفافية مع لجنة المخابرات بمجلس الشيوخ. وقال يودل إنه لن يؤيد تعيين كراس إلا بعد أن تقدم الوكالة مزيدا من المعلومات إلي لجنة المخابرات بمجلس الشيوخ حول تفاصيل برنامجها لاستجواب المشتبه فيهم. من جهتها حاولت وكالة المخابرات المركزية تفادي الصدام مع الكونجرس, وأعلن المتحدث باسم وكالة المخابرات المركزية دين بويد أن الوكالة علي علم بطلب لجنة المخابرات بمجلس الشيوخ وأنها ستقدم لها الرأي الملائم, وأضاف أن الوكالة تتفق مع عدد من الاستنتاجات التي تضمنها تقرير مجلس الشيوح, أنها مستعدة للتعاون مع اللجنة لتحديد أفضل وسيلة للتعامل مع المعلومات الخاصة بالوكالة والتي تتسم بالسرية, وهي المعلومات التي وردت في التقرير الداخلي الذي كانت وكالة المخابرات المركزية قد أعدته بنفسها عن نشاطها, والذي كانت تعتبره من المواضيع السرية التي قد تثير البعض ضدها خاصة جماعات حقوق الإنسان إذا ما كانت هذه المعلومات تتضمن تعذيب من يجري استجوابه. إن تقرير مجلس الشيوخ الذي أثار هذه المشكلة قد إستغرق إعداده عامين وتكلف40 مليون دولار, وكان قد بدأ كمحاولة لتوثيق الإجراءات التي كان مختلفا عليها من جانب حكومة بوش والتي إتخذتها بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر عام2001, لكن هذا التقرير أصبح يتعلق أيضا بإستمرار نفس الممارسات في عهد إدارة أوباما. وكان أوباما في بداية عهده الرئاسي قد هاجم برنامج الاستجوابات في وكالة المخابرات المركزية وهاجم الأساليب التي تتبع مع من يجري استجوابهم, ثم قال في خطاب له فيما بعد إن الولاياتالمتحدة قد تساهلت فيما يتعلق بقيمها الأساسية وذلك باستخدام وسائل التعذيب أثناء استجواب أعدائهم وإعتقال أفراد بطريقة تخالف أحكام القانون. لكن أوباما رفض بعد ذلك مطالب متكررة من جماعات حقوق الإنسان لتوجيه الاتهام للقانونيين الذين كانوا قد وافقوا علي الأساليب التي كانت تتبع في عمليات الاستجواب بعد أن أعطوا شرعية باستخدام القسوة في عمليات الاستجواب وأكدوا عدم مخالفتها للقانون, كما أن البيت الأبيض التزم الصمت في عدة مناسبات أثناء مناقشات كانت تجري خلال العام الماضي حول إنهاء سرية تقرير الكونجرس بشأن ممارسات وكالة المخابرات المركزية, بالإضافة إلي أن جماعات تعمل في مجال حقوق الإنسان حاولت الضغط علي البيت الأبيض للتدخل للكشف عما يتضمنه تقرير الكونجرس. وتعليقا علي هذا الجدل قال نورين شاه ممثل منظمة العفو الدولية في الولاياتالمتحدة إن وكالة المخابرات المركزية تحاول عدم التذكير بممارساتها السيئة في الماضي, وهذا هو السبب الذي يجعل من إنهاء السرية علي تقرير مجلس الشيوخ مسألة بالغة الأهمية الآن. إن المسئولين في وكالة المخابرات المركزية يخشون من أن يؤدي الكشف عن التقرير الدخلي للوكالة إلي إدانة ممارساتها وأيضا إلي الكشف عن عمليات أخري للوكالة لاتزال غير معروفة حتي الآن, ولأنها أيضا مخالفة للقانون وتكشف عن جرائم وانتهاكات أمريكا أمام الرأي العام العالمي, لذلك فإن الوكالة تحاول أن تصل مع الكونجرس إلي حل يحافظ علي سرية عملياتها وأفعالها, والتي من وجهة نظرها تعتبرها مسألة تتعلق بالأمن القومي للدولة.