من العبارات الدلالية العالقة بذهني, قول بسيط لأمي رحمها الله كانت تقوله دائما بحسم: الاحترام واجب.. دول رجالتنا! تقول ذلك عندما تريد إنهاء أي جدل سياسي أو اجتماعي أو حتي مطلبي, حتي ينتهي لمصلحة رجالتنا, فمن سوء التقدير والأدب أن يتعرض هؤلاء لأي تراجع أو تهتز هيبتهم في مهاترات كلامية, وهم من يتحمل جل الهم ففي فرحنا يدوبك يبص ويرجع, وفي غمنا له الثلاث إربع فلا أقل من أن نعطيهم نحن النساء الإحساس الشريف بالتقدير والاحترام! رجالات القوم, تعني في اللغة العربية أشرافهم, من يحملون صفات الرجولة, التي حددتها التعليمات الاجتماعية عبر خبرتها الحياتية الفاعلة علي أرض الواقع, وتجسد معاني الشرف, وتحمل المسئولية, وأمانة الكلمة والموقف, لحماية الأسرة الصغيرة, ولا شك أن هذه المعاني تصبح أقدس وأجل عندما ترتبط بحماية الأسرة الكبيرة, التي ينتمي إليها الوطن كله, فتمام الرجولة عندما تشمل شرف الدفاع عن الوطن, جماع العائلة الاجتماعية بكل تشكيلاتها الوطنية. رجالات القوم, ما كانت لتقوم بدورها المقدس لولا الاحترام والتقدير المقدس, لأهمية ما تقوم به من تضحيات, تهون في سبيل الشرف الاجتماعي, والاحترام العميق في الأسرة الكبيرة التي ينتمي إليها, قد يعيش الناس كالحيوانات لفترة من الزمن, بلا قانون أخلاقي يربط بينهم, غير المصالح المتبادلة التي تقرب بينهم من جانب, وهي نفسها ما تفرق بينهم من جوانب عدة, فلا يدوم اجتماعهم, ولا يكون له معني إن لم يربط بينهم قانون أخلاقي, يحفظ مصالحهم في أدناه, ويحترم العطاء والتضحيات الكريمة في أعلاه, فلولا الاحترام والتقدير ما كان للاتحاد الاجتماعي في كل صوره معني, أو وجود, فمصيره للاضمحلال والضمور والانتهاء, فقد تستمر الجماعات الحيوانية فترات أطول من اجتماع البشر بأخلاق فاسدة. الأمم المتحضرة المتمدنة الحضارية لم تكن لتصل إلي الاستقرار والانسجام الاجتماعي, لولا أنها قد أصلت القانون الأخلاقي, الذي يحفظ الحقوق والحريات والكرامة الإنسانية في نفوس الناس, فلا جدال فيها, ولا حاجة للخروج من أنفسنا, لنعرف الخير الذي تجلبه قيم القانون الأخلاقي, الذي يطبقه الناس طواعية, حتي الخارجين عليه, لا يحسون بالظلم من عقاب الخروج عليه, رغم اختلاف المجتمعات فإن القانون الأخلاقي الذي يربطها جوهره واحد هو تحقيق الخير, وكل مجتمع يحدد مراتب الخير ويقرها في نصابها, ويحدد ما هو شرف للإنسان, ويضبط الأفعال لتتماشي مع الأفكار, وتفرض المتطلبات الاجتماعية مكانة معينة لكل فرد, ويحدد له دوره, وبالطبع المكانة والدور لهما مراتب متفاوتة حسب قدرات ومواهب من يشغلها, ومكانة الرجل لم يستمدها إلا من صفات الرجولة الملقاة علي عاتقه, وبعد التطور الاجتماعي المتراكم, وتنوع مصادر القوة تنافس المرأة في اكتساب مكانة ودور الرجولة, في القدرة علي تحمل المسئولية والدفاع عن الأسرة الصغيرة والكبيرة أيضا وأصبح هناك تعبير مفضل لدي الأمهات, إنها: بنت أو ست بميت راجل وعندما كنت أحتج عند أمي بذلك كانت تقول: كله فضلة خير رجالتنا! لا أحد يستطيع أن ينكر فضل رجالتنا لا علي مستوي الأسرة المصرية الصغيرة أو الكبيرة, دور رجالتنا هو من أعطي لمصر مكانتها, التي كلما اهتزت اهتز معها رجالتنا نساء ورجالا- ليعيدوا لها مكانتها التاريخية, فلا ننسي عندما اهتز رجالتنا من مشايخ الأزهر لحجم التخلف الذي كانت عليه مصر بعد الغزو الفرنسي, فسلموها لأقوي أبنائها محمد علي, بعد أن أصبح مصريا قلبا وقالبا, ليضعها علي طريق النهضة, الذي سار عليه أبناؤه من رجالتنا الذين أخطأوا وأصابوا, ولكنهم اجتهدوا بصدق لمصلحة الأسرة المصرية, لتتقدم سياسيا وثقافيا وحضاريا, لتستمر مصر منارة للإشعاع الحضاري, وهو ما حافظت عليه مصر حتي الآن من آلاف السنين رغم الأزمات, ونظرة للمحيط الجغرافي لها تصدق علي تلك الحقيقة, وذلك ليس إلا بفضل رجالتنا, فكان صوابهم في خير الأسرة المصرية, وأخطاؤهم في رصيد الخبرة التاريخية للانتفاع بها لبناء المستقبل, بعد التحرر من دوجمائية العمي الفكري! علي مدي السنوات الثلاث العجاف الماضية تحمل وصبر رجالتنا حتي ينيروا للأسرة المصرية الكبيرة الطريق في ملحمة وطنية عظيمة دفع فيها فتيان الخير من أشرف رجالتنا أرواحهم فداء للأسرة المصرية بعد أن انتفضت في هوجة يناير ضد رجال منا تصدروا المشهد, لم يمثلونا بقدر ما مثلوا مصالح شركاتهم في مصر, ولم تصب أعمالهم في الصالح الوطني, فاستثمر الأعداء هذه الهبة ضدهم للانتقام وللحفاظ علي مصالحهم المهددة, بتدمير قوانا الحيوية التي تبدأ بصمام الأمان لوجودنا, ب رجالتنا في الجيش والشرطة, بالإضافة إلي رجالتنا بمختلف مؤسسات الدولة التي يديرها رجال مشهود لهم بالكفاءة والأمانة, فانطلق العملاء لكسر هيبة الشرفاء لا هدف لهم إلا تدمير رجالتنا خاصة الأكفاء منهم, لتنهار بعد ذلك الدولة علي رءوسنا, كما حدث لأشقائنا, لولا صمود رجالتنا لحكم طائفة ماسونية منغلقة, تأخذ من الدين ستارا للتعمية علي الخيانة الكبري, فأدرك الشعب ما فيها من.. طائفية فهي جماعة منغلقة علي نفسها لا يعلم التراتبية فيها إلا القلة الحاكمة بها, وماسونية تعلن غير ما تبطن, غامضة الأهداف والوسائل والتحالفات, تمكنت في زمن الفتنة بمساعدة المخنثين الأسافل العاجزين عن تحمل مسئولية الأسرة المصرية أو الاعتراف بفضل رجالتنا ومعهم الرويبضة من سفهاء الأحلام أحداث الأسنان, أن تسيطر علي مقدرات بلد عجوز كمصر, فانتفضت الأسرة المصرية بكامل هيئتها وقت الشدة, وخرجت في(30 يونيو), في يوم مشهود, يعلنون تمسكهم بالقانون الأخلاقي الذي حفظ لهم تماسكهم وتوادهم وتراحمهم, وعبروا فيه عن احترامهم, رجالتنا الأوفياء في كل موقع واليوم يبدأ الاستفتاء علي دستور يضم ما توافقنا عليه من أسس هذا القانون الأخلاقي لتضع لكل منا مكانه ودوره في الحفاظ علي الأسرة المصرية, وعلي رجالتنا رجال ونساء لإعادة بناء الأسرة المصرية علي أسس علمية وأخلاقية فاضلة, فهي مهمة شاقة إلا علي أولي العزم من رجالتنا! لمزيد من مقالات وفاء محمود