إذا كانت يناير استخرجت أسوأ ما فينا فإن يونيو أظهرت أجمل مافي هذا الشعب وفضحت الأوصياء والوكلاء الحصريين للثورة وأوقفت نزيف الجلد المجاني للشخصية المصرية وتلك الاتهامات الخرافية وتقسيم الناس بين ثوار وفلول ومؤمنين وكفار ووطنيين وعملاء, وإذا كانت الأيام قامت بتبادل الأدوار والاتهامات فإن من بدأ يتحمل وزر السنة التي استنها علي قاعدة افعل ما شئت كما تدين تدان فمن كانوا أيقونات أصبحوا متهمين. وهكذا فإن أهم إنجازات السنوات الثلاث الماضية أننا عرفنا انفسنا كنا كالأرض التي تم حرثها وبعد تعرضها للشمس أخرجت اثقالها في عملية تطهير طبيعيه وتلك سنة الله في أرضه( ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض), ومنذ25 يناير وهناك محاولات لإعادة تشكيل هذا الوطن واستبدال طوائف ونخب باخري بعضها خرج من الحظيرة ليفسح المجال لتدخل النخبة الأخري وسوف نري صعود طوائف وفرق وأحزاب وجماعات وأفراد بأخري.. صحيح أن أصحاب الصوت الصاخب ومن لديهم عهد بالأعمال التنظيمية هم الأكثر حظوظا واللصوص فقط هم من يحصلون علي الأشياء مجانا مثلهم مثل الذين صدعونا بالكلام باسم الثورة والتطهير والمبالغات عن الأدوار التاريخية التي لعبوها في الثورة أو الفوضي لكي يصبح كل منهم رمزا وأيقونة ومن أصحاب العصمة وهم فئة قليلة عينوا انفسهم زعماء وناطقين باسم الثورة, وعندما تكاثروا ابتكروا الائتلافات ليصبح كل منهم زعيما في ائتلافه, وربما يكون ذلك كله مقبولا ومبررا ولكن تلك الحصانة التي منحوها لأنفسهم معتبرين أنفسهم فوق القانون وفوق الدولة تحتاج لوقفة جادة لزجرهم وإعادتهم لمظلة الدولة القانونية وتذكيرهم بأنهم خرجوا منددين بغياب دولة القانون وعندما تمكنوا سارعوا بادعاء العصمة لأنفسهم وإذا ما اقتربت منهم بالنقد فأنت تنتقد الثورة, والحكاية ان هناك خلطا فاضحا بين الدولة والنظام والثورة وبين مهام الدولة والأفراد وهذا الخلط يحول الخلافات الساسية اما الي اتهامات بالتكفير أو اتهامات بالخيانة والتجريد من الجماعة الوطنية في مكارثية أو فاشية جديده علي الطريقة المصرية ونتيجة لذلك انزوي من كان لابد ان يكون موجودا من الكفاءات والخبراء والعلماء وتركوا الساحة لأصحاب العصمة وكان ان نما قطاع كبير استئصالي مهمته التفرد بالسلطة كغنيمة حتي لو كانت علي جثة وطن يحترق ودوله في حالة حرب شبه اهلية أو في الطريق إليها كما يشتهي حفاري القبور, وغير ان ما يطمئن هو عودة الوعي لمصر المحروسة وعرف الناس ان النجم الحقيقي هو الشعب هو حزب الكنبة هم الشهداء والمصابين والذين خرجوا يدافعون عن الدولة والأمة المصرية وعادوا لمواقعهم وما يطمئن ان كل من تاجر وربح وسمسر وحصل علي الشو الثوري تساقط في الطريق أو كشفته السلطة التي تغول فيها بدون سابق معرفة ولم تحميهم المظاهرات أمام المحاكم والنيابات اعتراضا علي محاكمة الأيقونات أصحاب العصمة الثورية وكان الظن ان كل تلك الدروس قد تم استيعابها غير ان لقاءات الرئيس عدلي منصور قي قصر الرئاسة تثير كثيرا من المخاوف وتكشف أن السلطة تلدغ من نفس المعصومين عشرات المرات باصرارها علي استقبال ما يسمي القوي الوطنية وهم نفس الوجوه والأفكار التي جرجرت هذا البلد للحالة الراهنة, ومنهم من عصر الليمون ومنهم المؤلفة قلوبهم وجيوبهم والمدعومين من الخارج ومنهم التي تحيط به علامات الشك والريبة بل ومن في الطريق للنيابة وأظن أن من اللياقة لمؤسسة الرئاسة في ظل قاض جليل ان تنأي بنفسها عن أي شبهات, وأظن أيضا انه لو كان هناك أي مستشار لديه حس سياسي لاقترح أن يكون الاستفتاء المقبل فرصه أيضا علي أيهما يسبق الآخر في الانتخابات البرلمانية أم الرئاسية وعن نظام الانتخابات الأمثل لان أحدا لم يفوض أحدا ممن يلتقيهم الرئيس في تقرير المستقبل ويكفينا التخبط الذي صنعه هؤلاء واضاعوا ثلاث سنوات من عمر أم الدنيا واخشي ان نستمر في تلك الدوامة مادمنا نبحث ونحتفي بأصحاب العصمة التليفزيونية وليس الكفاءات غير أن لا خوف علي مصر لانها قادرة بعد ان تخرج من غرفة الإفاقة من تلك الجراحة الكبري لان ما ينفع الناس يمكث في الأرض وغير ذلك يذهب جفاء. ببساطة أقترح علي كلية الإعلام إضافة فن التسريبات حتي يتخرج جيل أكثر حرفية تجربة تركيا تؤكد ان القضاء علي الفساد الأصغر يعطي الشرعية لنمو الفساد الأكبر. تستنزف تهاني الجبالي كثيرا من رصيدها بالإسراف في الفضائيات. مشكلة الإسلاميين انهم يعتمدون علي العدد أكثر من العقل لذا أصبحوا كغثاء السيل. عاد معظم رجال جمال مبارك متسللين للصحف والفضائيات رغم أنهم سبب كل مصائب مصر. أظن أن سبايدر هو النسخة البدائية لباسم يوسف في الكوميديا السياسية. بالمناسبة ولدت قطر عبر ثلاثة انقلابات وتأسست تركيا عبر انقلاب أتاتورك. 10 استراتيجيات للتعليم في25 سنة ل10 وزراء لم تتحقق في انتظار استراتيجية الوزير الجديد. [email protected] لمزيد من مقالات سيد علي