بعد مرور عامين كاملين علي فاجعة حرق المجمع العلمي في أحداث ثورة يناير ولتذكير المصريين والتعريف بواحد من أقدم وأعرق الجهات العلمية في مصر وبداية نشأته وتكوينه ومدي ارتباطه بأجهزة الدولة والحقيقة المؤلمة في واقعة احراقة ومخطط ارتكاب الجريمة والمستهدف من تنفيذها.. وما تحقق فيها من خسائر. والإجراءات التي اتخذت لاستعادة المكان والمحتويات وما قدمته المؤسسات المحلية والعربية والأجنبية من إسهامات لإعادة إحياء ذلك الصرح التاريخي, ومعاودة المجمع لممارسة دوره البحثي لمواجهة مشكلات الوطن واحتياجاته ومقترحات الحلول العمية لها.. وحول هذه القضايا وغيرها كان حوار الأهرام مع الدكتور إبراهيم بدران وزير الصحة ورئيس أكاديمية البحث العلمي السابق ورئيس المجمع العلمي. في ذكري مرور عامين علي إحراق المجمع ما رؤيتك لما حدث ؟ لقد فوجئنا يوم17 ديسمبر عام2011 بوفاة رئيس المجمع السابق الدكتور محمود حافظ. ثم كانت الفاجعة مساء ذات اليوم بتنفيذ عملية ممنهجة لإحراق المبني كاملا بمحتوياته ومقتنياته وأصابني الهلع عندما شاهدت علي شاشة التليفزيون3 صبية يقذفون بكرات اللهب المشتعلة النوافذ الثلاث للمبني الواقعة علي شارع قصر العيني مما أدي لتحطمها ثم إلقاء زجاجات المولوتوف داخل المبني الذي التهمته النيران بالكامل وعن آخره.. ونتيجة للتحرك السريع للأمين العام للمجمع الدكتور محمد الشرنوبي وعدد من مرافقيه تم إنقاذ ما يقرب من20% فقط من المقتنيات العلمية والتاريخية لأنه لم يتصور أحد من قبل علي الإطلاق حدوث ذلك ولم يكن بالمجمع أرشيف اوسجل معلومات عن المحتويات والمقتنيات. هل تعتقد أن جماعة الإخوان تقف وراء الحادث.. ولماذا ؟ نعم الإخوان بنسبة100% وما يدلل علي ذلك أن خطة الحرق اليت كان يؤديها الشبان الثلاثة بينما يقف وراءهم عدد من الرجال يصفقون لهذا العمل الإجرامي ويرفعون أصابعهم بعلامة النصر وكأنهم يعلنون انتصارهم علي أحد معاقل العلم والمعرفة, وما يؤكد ذلك أن سيارة الحماية المدنية تم حرقها وقتل سائقها في أثناء توجهها للإطفاء كما أنه بعد تجديد بناء المجمع بواسطة الهيئة الهندسية للقوات المسلحة وعلي نفقتها الخاصة قد جرت3 محاولات من جانب الإخوان لإعادة تدمير المبني مرة أخري من خلال النوافذ ولمواجهة هذه الأعمال تم غلقها جميعا بالخرسانة المسلحة.. وقد استهدفت هذه الجريمة وما تلاهها وما يجري حاليا من الإخوان لتدمير بعض الجامعات إضعاف قدرة مصر اقتصاديا وعلميا واجتماعيا وإنشائيا بعد محاولتها تخطي التخلف, وإنهاء حقبة إنقاذ مصر بالعلم والثقافة فيوقت قريب وتحقيق انهيار عناصر التقدم المرتقبة حتي يتم للإخوان الاستيلاء علي السلطة والسيطرة الكاملة علي الحكم. بصفتك طبيبا بماذا تفسر ارتكاب الشبان لهذه الأعمال ذات الآثر السييء علي مجتمعهم وبلدهم ؟ أؤكد أن حالة الشبان في أثناء مشاركتهم في التظاهرات والمسيرات وتلقيهم للتعليمات بتنفيذ تلك الأفعال الإجرامية يكونون واقعين تحت تأثير أنواع من المخدر إلي قوي المفعول مما يجعلهم مغيبين عن التفكير فيما يقدمون عليه من أعمال ونتائجها وما يترتب عليها من أثر ضار لأي شيء وبالتالي فهم ينفذون ما يطلب منهم باستجابه تلقائية وفورية دون إدراك للعواقب وهذا ما يضاف إلي عوامل السمع والطاعة التي يلتزم بها المنتمون والمؤيدون لجماعة الإخوان. ماذا عن ردود الفعل الداخلية والخارجية وتصرفاتكم لاستعادة نشاط المجمع ؟ بعد ساعات معدودة من الحريق وفي صباح اليوم التالي18 ديسمبر2011 تلقيت اتصالات من سمو الشيخ سلطان القاسمي حاكم الشارقة يعبر عن أسفه وألمه الشديد من واقعة إحراق المجمع ويؤكد تقديمه الدعم اللازم لإعادة المجمع الي حالته الطبيعية وممارسته لنشاطه ومهامه في خدمة مصر والبحث العلمي. وفي اليوم الذي تلاه قدمت تقريرا متكاملا عن الوضع القائم للمجمع لقيادة القوات المسلحة التي قررت إعادة المبني لحالته الأولي التي كان عليها قبل الحريق وانتهت من إتمام ذلك خلال ستون يوما, وتحملت جميع التكاليف. وقد قمنا قبل ذلك بنقل ما تبقي بعد الحريق من محتويات المجمع ومقتنياته من المراجع والمجلدات والوثائق الي دار الكتب للاحتفاظ بها لحين استئناف العمل وممارسة النشاط داخل المجمع, وقمت بزيارة شخصية الي فرنسا التقيت خلالها مع وزير الثقافة ورئيس المكتبة القومية الفرنسية في باريس وحصلت منها علي صورة أرشيفية كاملة عن كل محتويات المجمع المصري ومن بينها صورة عن النسخة الفرنسية الأصلية الكاملة عن كتاب وصف مصر والتي احترقت ضمن نسبة الثمانين بالمائة من مقتنيات المجمع. ما هي الكيفية التي سيتم بها تعويض ما التهمه الحريق ؟ العلاقة القوية التي تربطنا مع الشيخ سلطان القاسمي حاكم إمارة الشارقة دفعته للتعاون المثمر معنا في هذا المجال وقد أبلغنا أخيرا أنه توافر لديه ثلاثة آلاف مرجع من الوثائق والمخطوطات والمجلدات والخرائط المتعلقة بمصر وأنه سيرسلها عندما عندما يسود الأمن والإستقرار.. وقد تلقينا أعدادا كبيرة من الكتب والوثائق التي تتطلبها مجالات البحوث العلمية ودعم مراكزها في مصر لتكون مرجعا للباحثين وجميعها مهداة من المؤسسة العلمية البحثية في الكويت والجامعة الأمريكية وعدد من مؤسسات الدولة في مصر وجاء ذلك تلبية للدعوة لاستعادة المجمع مكانته العلمية كما تبرع الكثير من المصريين المؤرخين والمثقفين بمكتباتهم الشخصية من المراجع والوثائق وسيتم العمل في فحصها والاحتفاظ بما يمكن الاستفادة منه وعلي مدي السنوات القادمة سيتم إجراء عمليات تصوير نسخ كاملة من محتويات ومقتنيات المجمع المحترقة والموجودة في المجمع العلمي والمكتبة القومية الفرنسية وتحويلها الي ديسكات بحيث تحفظ داخل خزانة خاصة بمبني المجمع. ما الجهة الحكومية التي يتبعها المجمع والتي تتولي رعاية أنشطته ؟ المجمع يعتبر منطقة حرة داخل مصر لايتبع أي وزارة أو هيئة أو مؤسسة حكومية في الدولة حيث كان المجمع حتي عام1939 تحت رعاية الخديوي أو السلطان أو الملك في مصر ثم انقطعت صلته بالدولة حتي عام1952 فتولي رعايته بعد ثورة يوليو الرئيس الراحل جمال عبد الناصر حتي عام1956 وانقطعت صلة المجمع بالدولة مرة أخري وأصبح يعتمدمنذ ذلك التاريخ وحتي الآن علي ما يتلقاه من معونات وتبرعات مالية وعينية من الداخل والخارج فقط. متي يستأنف المجمع نشاطه البحثي لخدمة المصالح المصرية ؟ لقد توقفت الأنشطة جميعها عقب احتراق المبني حتي يوم9 يونيو الماضي ولكن الضرورة الوطنية اقتضت إجراء دراسة عاجلة حول مشكلة سد النهضة والتي يعرض للخطر مستقبل مصر وحياة أبنائها, وانتهي البحث الي أنه في حالة عدم الاتفاق بين الدول الثلاث وهي مصر والسودان وأثيوبيا حول الإجراءات التي يتطلبها بناء السد لمنع الإضرار بمصالح مصر والسودان فإن الضرورة تحتم الاتجاه الي التحكيم الدولي وتجهيز الوثائق التي بحوزتنا لعرضها في المحكمة وكذلك المعلومات المتوافرة لدينا عما قد يحدث من الآثار السلبية لهذا السد علي مصر نتيجة نقص المياه وما يترتب عليها من من تدهور أعمال الري والزراعة والإنتاج وما يؤديه ذلك من انتشار للأمراض بين المواطنين واحتمالات المخاطر والأضرار التي تصيب مصر والسودان نتيجة انشاء المشروع المكون من سدين أحدهما بارتفاع خمسين مترا والثاني بارتفاع154 مترا لحجز كمية من المياه قدرها174 مليار متر مكعب وهي تمثل كمية رهيبة يسبب تغلغلها داخل الكتلة الصخرية من الأرض علي مدي خمسة وعشرين عاما من بناء السد في إحداث زلازل شديدة تؤدي إلي تدميره وإغراق شمال السودان بالكامل كما تؤثر علي جنوب مصر وصولا الي دلتا النيل الأمر الذي يربك الحياه في مصر. ماهي احتياجاتكم العاجلة ومشروعاتكم في المستقبل ؟ نطالب بأن يكون المجمع هيئة علمية حرة ومستقلة تحت رعاية الدولة لتتمكن من آداء واجبها القومي والعربي.. ونتطلع الي وضع خطة بحثية في مناطق وتخصصات تحتاجها مصر والدول العربية لتكون هاديا لصانع القرار في المستقبل لتحقيق التقدم والإزدهار في مجال التنمية, ولقد توافقنا مع حاكم الشارقة الشيخ سلطان القاسمي لإقامة مجمع علمي عربي فوق مساحة خمسة آلاف متر مربع تم توفيرها لهذا الغرض في مدينة السادس من أكتوبر بحيث يغطي تكوينه الأكاديميات الأربع التي يضمها المجمع المصري وتشمل أولاها الآثار والتاريخ وثانيها للحفاظ علي اللغة الوطنية, وثالثها للعلوم الأساسية والتطبيقية الطب والهندسة والزراعة ورابعها للعلوم الإنسانية الجغرافيا والحقوق والسياسة والإقتصاد وغيرها للوصول الي تحقيق الأمل العربي في توحيد التوجه التعليمي والعلمي والبحثي لخدمة مستقبل الأمة العربية.