من المتفق عليه بين جميع الخبراء الاقتصاديين أن الاقتصاد المصري, يحتاج في اللحظة الراهنة إلي إجراءات سريعة لعلاج الأزمة الاقتصادية، وذلك بعد أن تفجرت المشكلات الاقتصادية, و تصاعدت آثارها, فتمخضت عنها ثورة يناير2012. واذا كانت سخونة الأحداث, وتداعياتها جعلت الكثيرين يتناولون تلك المشكلات, علي أنها جزء من تداعيات الثورة, إلا أن القارئ لشواهد الأزمة وأبعادها يدرك أنها ليست وليدة الأحداث, ولكنها اختلالات منقولة لحكومات فترة ما بعد25 يناير, لكنها تنتمي إلي أوضاع خاصة بالأزمة التي يعيشها الاقتصاد المصري نتيجة السياسات التي كان يتبعها النظام السابق. وإذا كانت الحكومة بصدد تطبيق بعض الاجراءات, لخفض الأعباء التي تتحملها الدولة, منها ترشيد واردات بعض السلع غير الضرورية, بهدف الحد من عجز الميزان التجاري و تحسين موقف ميزان المدفوعات. واستكمال تنفيذ برنامج إلغاء دعم الطاقة علي الصناعات كثيفة الاستخدام لها. و تسعي وقد أعيتها الحيل إلي استخدام بند الاقتراض من الخارج, كأحد الآليات التي تساعدها علي تجاوز الأزمة. ومن ضمن الاجراءات التي يري ضرورة اتخاذ قرارات بشأنها, ما يطرحه الخبراء الاقتصاديون, ومنهم الدكتور سلطان أبو علي وزير الاقتصاد الأسبق, الخبير بشئون الاقتصاد المصري. و هو يضع ما يمكن أن نصفه ببرنامج يتضمن علاج الخلل الداخلي بين الموارد والاستخدامات. والخلل الخارجي الذي حدث نتيجة تزايد العجز في الميزان التجاري وعجز ميزان المدفوعات. وعلي حسب تعبيره, أنه( إذا كانت حكومة الدكتور الجنزوري قد بدأت في ترشيد بعض الواردات, لتوفير نحو23 مليار جنيه. إلإ أن الأمر يحتاج إلي مزيد من الإجراءات). ويري اهمية اتخاذ عدد من الاجراءات منها تطبيق قانون الضريبة العقارية, علي أن يقتصر ذلك علي الأراضي السياحية و المطارات, وألا تؤدي الاعتراضات التي أثيرت حول القانون, إلي تأجيل تنفيذه علي الاستثمارات العقارية في مجال السياحة. فالدولة تحتاج إلي موارد, ومجالات السياحة والطيران لن تتأثر بها إلا فئة محدودة. ويقترح مزيد من التعديلات الضريبية, زيادة موارد الدولة من الضرائب, من خلال فرض ضريبة تصاعدية علي الشرائح المرتفعة من الدخل بمعدلات أعلي من المعمول بها حاليا. وأنه لا بد ان تضاف شرائح أخري في القانون تصل إلي30 و35%, و ليس نسبة25%( النسبة المعمول بها حاليا), بما يؤدي إلي زيادة الموارد. و يري أن هذا الإجراء تأخر تنفيذه, و كان يجب أن يكون من الاجراءات التي تتخذ في الحكومات السابقة. وفي إطار تلك الاجراءات التي تتجه نحو إحداث قدر من التوازن الاجتماعي, و تساهم في اعادة توزيع الثروة بين الفئات. يطرح الدكتور سلطان أبو علي, أن يكون ضمن حزمة الاجراءات, فرض ضريبة علي الثروة لمرة واحدة, لمن تزيد ثروتهم عن10 أو20 مليون جنيه, تحت أي مسمي. ويؤكد أنه طالب بذلك مرات عديدة. لأن مصر مجتمع فيه أغنياء كثيرون, بينما الحكومة فقيرة, و من مصلحة الأثرياء أن يساندوا الحكومة في اتخاذها مثل هذا القرار. لأنه يدعم المالية العامة للدولة, ويساعد علي إيقاف جرائم النهب و السرقة. ويسري نفس الاقتراح علي القطاعات التي لديها موارد, مثل المؤسسات الاقتصادية, خاصة شركات التأمين, التي يري ضرورة مساهمتها في دعم الاقتصاد القومي, عن طريق إصدار سندات لمدة خمس سنوات تكتتب فيها لحساب الدولة. ويستكمل عرض رؤيته حول إجراءات زيادة الموارد باقتراح زيادة سعر البنزين(95), و هو قرار لن تتأثر به إلا الفئات مرتفعة الدخل. كما يطالب بفرض ضريبة علي الخدمات, و هو قرار ضروري في اللحظة الراهنة و يمكن اصداره بقانون من المجلس العسكري, لزيادة الموارد. وفي مجال علاج الخلل علي المستوي الخارجي, يؤيد الاتجاه الذي تتبناه الحكومة بترشيد استيراد السلع غير الضرورية, خاصة أن اتفاقات منظمة التجارة العالمية تسمح بذلك. لكنه يشير إلي ضرورة وضع, الضوابط اللازمة لمنع التلاعب وأن تحدد أسلوب الترشيد عن طريق اتباع نظام الحصص أو التراخيص, وضمان التزام الوكلاء و المستوردين بتلك القواعد. ويري أن السيارات الفارهة200 س. س فأكثر, لابد أن تدخل ضمن قائمة السلع التي يتم ترشيد استيرادها. وأن ذلك يساهم في حل مشكلات أخري مثل ترشيد استهلاك الوقود, و أزمة المرور. كما يذهب بعض الاقتصاديين إلي ربط الحلول الاقتصادية بشكل مباشر بالاوضاع الاجتماعية, منهم الدكتور طه عبدالعليم مستشار مركز الدراسات السياسية و الاستراتيجية بالأهرام الذي طرح في المؤتمر الذي عقدته الجمعية العربية للبحوث الاقتصادية مؤخرا.أهمية إدراك أن كفاءة و عدالة النظام الاقتصادي الاجتماعي, هي أساس بقاء واستمرار أي نظام, ويؤكد أن التصنيع مرادف للتقدم, لايتعارض مع تنوع القدرات الاقتصادية. و مازالت هناك عوامل, لا تقل أهمية عن الإجراءات الاقتصادية, و هو استقرار الأمن لضمان عدم تعرض المؤسسات الاقتصادية لأعمال النهب و السرقة و هو شرط ضروري كما يقول الدكتور سلطان أبو علي لاستعادة الطاقات الانتاجية.