في أثناء فترة الخطوبة اتفقت مع خطيبي علي استمراري في العمل بإحدي الشركات الخاصة, ولكنني فوجئت بعد زواجي منه بعدة أعوام بأنه يطالبني بتسليم راتبي الشهري له فور تقاضي الراتب, وحين رفضت ذلك طلب مني ترك العمل تحت دعوي التفرغ للمنزل والأبناء وحقوق الزوجية. فما أحقية زوجي في الراتب الخاص بي؟ وهل للزوجة ذمة مالية خاصة ؟ وهل للزوج الحق الشرعي في إجباري علي ترك العمل ؟ علما بأنه يعمل براتب شهري كبير وليس بحاجة إلي راتبي؟ أجابت دار الإفتاء المصرية, قائلة: إنه من المقرر شرعا أن الزوجة لا يجوز لها العمل إلا بإذن زوجها, فإن خرجت وعملت بدون إذنه الصريح أو الضمني كانت عاصية; لأن الحقوق الزوجية متقابلة, إذ تم عليه الإتفاق أو عليها الاحتباس في منزل الزوجية لحقه, وقد قال الله تعالي: الرجال قوامون علي النساء بما فضل الله بعضهم علي بعض وبما أنفقوا من أموالهم فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن الله كان عليا كبيرا النساء:.34 ولا يقدح هذا في الحق المقرر للمرأة في العمل المشروع وأن لها شخصيتها وذمتها المالية متي كانت بالغة عاقلة, لأن المشروعية لا تنافي المنع, إذ من المقرر شرعا أن للزوج أن يمنع زوجته من صلاة النوافل وصومها مع أنها عبادة مشروعة. والإذن الصريح يتمثل في أن يعلم الزوج زوجته به, والإذن الضمني أن تعمل دون اعتراض منه أو يتزوجها عالما بعملها. وكما أن الزوج هو الذي له حق الإذن في عمل الزوجة خارج البيت, فإن بعض الفقهاء جعلوا له كذلك حق إلغاء هذا الإذن ومنع الزوجة من الاستمرار في العمل إلا إذا كان هناك التزام عليها في هذا العمل ألزمت به نفسها قبل الزواج فإن الزوج لا يملك حينئذ منعها منه, وصرح الشافعية والحنابلة بأن للمرأة أن تخرج للإرضاع إن كانت آجرت نفسها له قبل عقد النكاح ثم تزوجت, لصحة الإجارة, ولا يملك الزوج فسخها ولا منعها من الرضاع حتي تنقضي المدة, لأن منافعها ملكت بعقد سابق علي نكاح الزوج مع علمه بذلك. وهذا المعني هو الذي أخذ به القانون عندما قيد هذا الحق للزوج وجعل من إذن الزوج للزوجة بالعمل خارج المنزل إذنا ملزما للزوج يدوم بدوام العلاقة الزوجية بينهما حقا مكفولا لها, فإذا طلب منها بعد ذلك الامتناع عن العمل فلم تمتثل فإنها لا تعد ناشزا ولا تسقط نفقتها, لأنه رضي بهذه الصورة من الاحتباس وأسقط حقه فيما زاد عليها, إلا إن كان عملها هذا منافيا لمصلحة أسرتها أو مشوبا بإساءة استعمال هذا الحق. كما أنه من المقرر شرعا أن للزوج ذمة مالية مستقلة عن زوجته, وأن للزوجة كذلك ذمة مالية مستقلة عن زوجها, وقد روي أن النبي صلي الله عليه وآله وسلم قال:( كل أحد أحق بماله من والده وولده والناس أجمعين), فهذا الحديث يقرر أصل إطلاق تصرف الإنسان في ماله, وعليه: فلا يترتب علي الزواج في الشريعة الإسلامية اندماج مالية أحد الزوجين مع مالية الآخر, سواء الأموال السائلة أو العقارات أو الأسهم أو غير ذلك من صور المال المختلفة, ولا يحق للزوج أو للزوجة بموجب عقد الزواج في الإسلام أن يتحكم أحدهما في تصرفات الآخر المالية, كما لا يعطي الشرع حقا ماليا لأحدهما علي الآخر فوق ما يجب علي الزوج لزوجته وفوق ما قد يلزمان به أنفسهما أو يتفقان عليه من حقوق أخري. وبناء علي ذلك وفي واقعة السؤال: فذمة الزوجة المالية منفصلة عن ذمة الزوج المالية تماما.