هل هو الحفاظ علي التوازن الإقليمي؟ هل هي وسيلة لتضييق بوابات العراق أمام النفوذ الروسي؟ هل هي محاولة مواجهة طلائع الزحف الإيراني علي العراق والشام ثم إسرائيل؟ أم أنها الوسيلة الجديدة لإنقاذ مخطط واشنطن في الشرق الأوسط بعد إهتزازه إثر الضربات التي تلقاها في كل من مصر وسوريا وعدد من دول الخليج وتركيا؟! إنها عدة أسئلة تحيط بالمحاولة الأمريكية التي تسعي من خلالها إلي العودة للعراق تحت غطاء مكافحة القاعدة! فخلال شهر ديسمبر2013 عقدت بمجلس النواب بالكونجرس الأمريكي جلسة لمناقشة الطفرة التي طرأت علي نشاط تنظيم القاعدة والتنظيمات التابعة له في العراق. وخلال الجلسة الهامة تم تقديم ورقة من معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدني تم خلالها توضيح سبل وكيفية العودة الأمريكية للعراق تحت غطاء مكافحة تنظيم القاعدة والتنظيمات التابعة له, والخطط اللازمة لتحقيق النصر علي تلك الشبكة من التنظيمات التي إجتاحت أرض العراق بالتزامن مع الغزو الأمريكي للعراق عام2003! ومن الطريف أن خرجت صحيفة ال تايمز البريطانية في ذات يوم إنعقاد جلسة مجلس النواب بالكونجرس لتؤكد أن القوات الأمريكية ساعدت بطريقة غير مباشرة علي خلق أهم قائد ينتمي للقاعدة في منطقة الشرق الأوسط وهو أبي بكر البغدادي الذي كون مع الضابط السابق في الجيش العراقي أبو عبد الرحمن البلاوي أضخم الجماعات التابعة للقاعدة وأطلقت علي نفسها اسم الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام وتنشط في العراق وسوريا. مخطط المواجهة تمت الإشارة في جلسة الكونجرس إلي أن القوات الأمريكية هزمت القاعدة في العراق بين عامي2005 و2009, وأن واشنطن لديها المعرفة بكيفية تكرار الأمر ولكن التحدي الكبير هو فهم الأجزاء الباقية والصالحة للإستخدام من تركيبة أو وصفة النصر, بالإضافة للتعرف علي العناصر التي يمكن دعمها في بيئة ما بعد الخروج من العراق. وكانت الملاحظة الأولي هي أن العراق لا يمكنه الخروج ببساطة من تلك الأزمة. وهي رسالة واضحة تعني أن العراق لا يستطيع الإعتماد علي نفسه في الفكاك من الفخ. أما الحل المطروح فكان تكرار ما قامت به القوات الأمريكية أثناء تواجدها المكثف في العراق وكان:(1) تجفيف مستنقع التجنيد الخاص بالقاعدة, و(2) إتباع الأساليب التكتيكية والعملياتية للمكافحة, التي تضمنت تعبئة المجتمع للمشاركة في جهود مكافحة الإرهاب وتشكيل قوة الصحوة التي مارست دورها تحت حماية القوات الأمريكية والحكومية العراقية.(3) المكافحة الشاقة باستخدام القتل والإعتقال وهو ما يتطلب تقديم الدعم التكنولوجي والتسليحي اللازم للعراق( وخاصة الطائرات المروحية التي دفعت بغداد إلي موسكو لتعويض ما لديها من نقص). وباختصار تمت الإشارة إلي أن الحكومة العراقية القادمة(2014 2018) عليها تقديم أفضل الخدمات للبيئة المناهضة للإرهاب وأفضل ما يتيح لها النجاح في ذلك سيكون نجاح مبادرة للسلام الإجتماعي شبيهة بتلك التي تم تطبيقها في جنوب أفريقيا عقب إنهيار الحكم العنصري. وتحدث الكونجرس عن الدور الأمريكي لتوجيه العراق نحو المصالحة الطائفية وهزيمة خطاب القاعدة وتحقيق هدف نهائي هو إشعار العرب السنة في العراق بقدر أقل من العزلة واليأس وبالتالي يكونون أقل عرضة لدعم تنظيم القاعدة سلبيا أوبنشاط. أما عن كيفية إرضاء العرب السنة فقد تمت الإشارة إلي أن البوابة لتحقيق ذلك الهدف تكون عبر طمأنة أمريكا للعرب السنة ب مواصلة مشاركتها مع العراق ومعاملة العراق كأولوية عليا والإهتمام بما يجري في البلاد من تطورات سياسية. والإستمرار في تقديم الدعم الأمريكي للمعتدلين من العرب السنة مثل الضغط لإعادة أحد المستبعدين من العمل السياسي إلي سابق عهده. وإعادة بناء الصحوة تعد خطوة أساسية نحو إيجاد أهم كتلة سكانية مناهضة للتمرد في العراق. فن العودة وتم تقديم الأشكال المقترحة للعودة الأمريكية إلي العراق وتشمل دعم واشنطن عمليات مكافحة الإرهاب والإصلاحات القضائية في العراق في إطار تقديم مساعدات أمنية محددة. وإضفاء الطابع المؤسسي علي جهاز مكافحة الإرهاب بالعراق باعتبارها وزارة مختصة. كما ينبغي الحفاظ علي عملية بناء القدرات والتوسيع من نطاقها عبر العلاقات العلنية العسكرية العسكرية والتعليم العسكري المحترف بالإضافة إلي التعاون المخابراتي السري. وتم التنويه إلي أن التعليم العسكري الإحترافي المدعوم أمريكيا يمثل جهد حيوي طويل الأمد يشمل التبادل العراقي مع جامعة الدفاع الوطني الأمريكية, ومنح التعليم والتدريب العسكري, ومنع إنتشار السلاح النووي ومكافحة الإرهاب ونزع الألغام والبرامج ذات الصلة. كما تم توجيه النصح بأن تعمل واشنطن علي دعم قدرات العراق في النقل الجوي وتوجيه الضربات الدقيقة. وبأن يرفع الخبراء الأمريكيون من مستوي الإندماج المخابراتي والتخطيط العملياتي وإستغلال المواقع شديدة الأهمية مع الطرف العراقي. وهكذا بدا من الواضح أن امريكا تقدم عرضا سخيا لبغداد. فهي تملك مفاتيح تقليص العنف ومحاصرة القاعدة والتنظيمات التابعة لها. ولكن في المقابل سيكون علي العراق فتح بواباته علي مصراعيها أمام المزيد من التدخل الأمريكي المباشر طويل الأمد في شئونه الداخلية بل وفي تشكيل تركيبته الإجتماعية بما يضمن المصالح الأمريكية في المنطقة لعدة عقود قادمة.