كان تهديد الإخوان المسلمين بتكوين ميليشيات علي غرار' الجيش السوري الحر' أشبه بالانفعال الطفولي الغاضب بعد عزل الرئيس السابق محمد مرسي, خاصة أن كل خبرة الإخوان في القتال لم تكن تعدو إحدي هاتين الطريقتين: أولا: الاعتماد علي المسيرات لتعطيل أشكال الحياة بأي وسيلة في بعض الشوارع والميادين والجامعات. ثانيا: الاعتماد علي عناصر الجماعة الإسلامية وتنظيم الجهاد وأخيرا عناصر إجرامية, لما لها من خبرة في أعمال الاغتيالات والتدمير. فأبناء الإخوان لا ينزلون إلي الشارع إلا في مسيرات ترفع شعار السلمية, أما إذا ما حدث الاشتباك, فهناك من يتصدي بديلا عن هؤلاء الأنجال. وهناك مهمة أخري لعلها أكثر خطورة مما سبق, هي الاعتماد علي أبناء الجماعة من طلبة وخريجي الكليات العلمية, حيث يعهد إليهم بصنع وتركيب قنابل بشكل بدائي تستخدم في عمليات الاغتيال والتدمير كما حدث في التفجيرات الأخيرة في صراع الجماعة من أجل زعزعة الاستقرار. ولكن عملية التصنيع هذه من الألف إلي الياء, لا تحتاج إلي خبراء أو فنيين متخصصين, بل يمكن صنع قنابل ومتفجرات إذا ما توافرت كميات من مواد متفجرة معينة أو مواد مساعدة للتفجير والتي يمكن استخدام عناصر متوافرة في البيئة المحيطة لتحضيرها وتحويلها إلي قنابل ذات قوة تدميرية هائلة!.ولا يلزم في ذلك, إلا قراءة وتعلم لخطوات يمكن كتابتها في ملزمة ورقية صغيرة أو الدخول علي مواقع علي الإنترنت أو في برامج إليكترونية معينة, بعدها تصبح القنبلة جاهزة للانفجار. فعملية صناعة عبوات ناسفة يدويا بدأت تستخدمها الجماعات الإرهابية في عقدي الثمانينات والتسعينات ويتم صناعتها أو تركيبها في الورش والمنازل والزوايا الصغيرة. وتبدأ مثل هذه القنابل من صنع العبوات الصغيرة التي تقتل فردا أو تدمر سيارة صغيرة, وتنتهي إلي ما هو أكبر من ذلك بكثير, بحيث يمكن استخدامها في نسف مبني صغير أو زرعها في الطريق العام لتفجيرها في موكب أحد المستهدفين. وعملية التحضير والتركيب لا تحتاج إلا إلي شخص يفهم في المعادلات الكيميائية والعناصر الفيزيائية, بحيث يفضل اختيار النبهاء من خريجي كليات العلوم أو الصيدلة أو الطب أو الهندسة, علي التوالي. فيتم توفير الأجواء المناسبة كاستحضار المواد مباشرة أو تحويلها أو خلط مواد بأخري صلبة أو سائلة أو غازية- ثم اختيار الوعاء المناسب للكمية المزمع تفجيرها ليتم التعامل معها بعناية فائقة في النقل والتخزين, فضلا عن عملية التصنيع; حتي لا تنفجر هذه المواد فجأة في أثناء أي مرحلة من المراحل السابقة. وقد وقعت عدة حوادث في أثناء التحضير أشهرها حادث انفجار غامض وقع بأحد المنازل في أحد الأحياء بمنطقة تابعة لمحافظة القليوبية, بداية الصيف الماضي, حيث كشف سكان الشارع عن قيام عناصر تابعة للإخوان بتخزين كميات من المتفجرات في المنزل لاستخدامها في المظاهرات المناوئة للرئيس السابق إبان حكمه. نفس الشيء كاد يحدث منذ عدة أيام في أعقاب حادث استشهاد الملازم أول أحمد وحيد من قوات الأمن المركزي في أثناء البحث عن مرتكبي حادث تفجير قطاع الأمن المركزي بالإسماعيلية, حيث تبين أن قاتله وهو طالب في السنة الثالثة بكلية الطب جامعة القناة, كان قد حول شقته إلي مصنع احتفظ فيه بكميات هائلة من المواد المتفجرة. والحصول علي هذه الكميات ليس بالمستحيل, فمازالت مخلفات الحروب في شبه جزيرة سيناء تملأ الكهوف والمغارات, حيث يمكن استخراج المواد المتفجرة من الألغام والصواريخ والذخيرة, الأمر كذلك في الصحراء الغربية, هذا فضلا عن تهريبها عبر دروب الصحاري المصرية المترامية في غرب البلاد ومخلفات الحرب في الصحراء الغربية. حقا قد تبدو التقنية متخلفة وبدائية ولكن القوي التفجيرية لمثل هذه القنابل تعتمد بشكل أساسي, علي كم المواد المتفجرة وأشهرها' تي إن تي' شديد الانفجار, كما بدأ الإرهابيون في استخدام أنواع أخري من المتفجرات أو صنع أخلاط تكون أشد تدميرا. وهناك مواد تستخدم في التفجير ليست بطبيعتها متفجرة, مثل المسامير والبلي وغيرهما من المصنوعات المعدنية الصغيرة والتي تتحول إلي شظايا ملتهبة تنطلق في سرعات هائلة بفعل الضغط الهائل المتولد من الغازات الناتجة عن التفاعل الكيميائي السريع الذي يشكل حقيقة الانفجار فتصبح هذه الشظايا قاتلة وقادرة علي الاختراق بشكل مذهل بينما هناك دائرة تحيط بمركز الانفجار يحدث فيها تخلخل شديد في ضغط الهواء, فتنفجر الأجسام الواقعة في تلك الدائرة من تلقاء نفسها, كما ينتج عند ذلك حفر تتناسب طرديا مع كمية المتفجرات حيث تخترق الأرض في مركز الانفجار. أنها صناعة موت رخيصة التكاليف قد عهدت بها قوي الشر إلي طلبة من المفترض أن يكونوا عوامل بناء في هذا الوطن وليسوا أدوات هدم وقتل وتدمير. لقد فشل الإخوان في تكوين ميلشيات منظمة بسبب عوامل عديدة وما كان من اكتشاف وضبط الملابس المشابهة لملابس الجيش المصري, إلا إفشالا لهذه المحاولة, فلجأ الإخوان إلي عناصر إجرامية من البلطجية لنشر الدمار, كعناصر منفذة تكمل المشوار الذي رسمته الجماعة بالتعاون بين طلاب العلم والبلطجية.