جاءت نتائج الانتخابات المحلية الأخيرة في مدينة ديربورن بولاية ميتشجان الأمريكية مفاجأة للجميع, فقد شهدت انطلاقة واعدة لعرب أمريكا الذين عانوا الأمرين بعد هجمات11 سبتمبر، وذلك بتولي سوزان دباجة الأمريكية من أصل لبناني رئاسة المجلس المحلي لأول مرة في تاريخ المدينة, متخطية بذلك الرئيس السابق للمجلس توم تافلسكي المدعوم من منظمة العلاقات الخارجية الأمريكية الإسرائيلية أيباك. ولم تكن تلك النتائج هي المفاجأة الوحيدة في السباق الانتخابي, حيث فاز ثلاثة مرشحين من أصول عربية بعضوية المجلس المحلي وهم: مايك سريني, وروبرت ابراهيم وديفيد بزي, ليكون بذلك العدد الإجمالي لمقاعد العرب الأمريكيين أربعة من أصل سبعة, مما يعد سابقة تاريخية جديدة لعرب أمريكا, حيث كانت تلك الصورة مختلفة تماما قبل ثلاثة عقود في مدينة ديربورن والتي تحتضن أكبر تجمع للمسلمين الأمريكيين. ففي عام1985, استخدم أحد المرشحين لمنصب رئيس مجلس مدينة ديربورن' لغة نارية' معادية للعرب الأمريكيين الذين كانوا يتدفقون بأعداد كبيرة للاستقرار في تلك المدينة. وأخذ يعزف علي وتر' الخوف من العرب' بهدف إخافة بقية السكان ودفعهم لانتخابه, فكان يسخر في حملته الانتخابية من طريقة حياة العرب في تلك المدينةالأمريكية, معتبرا أن عددهم الكبير يشكل تهديدا لنمط الحياة الأمريكية. وفي هذه الفترة, للأسف كانت أصوات آلاف الناخبين العرب الأمريكيين مغيبة, فهم بكل بساطة لم يهتموا بالتسجيل في القوائم الانتخابية. وكان عددهم آنذاك يبلغ نحو19 ألفا من إجمالي 90 ألف نسمة, بينما كان عدد المسجلين في القوائم الانتخابية من العرب الأمريكيين لا يتجاوز 1100 شخص فقط, مما منعهم من التأثير علي نسب الأصوات أو ترجيح كفة أي من المرشحين في السباق الانتخابي. ولكن رب ضارة نافعة, فقد كانت تلك الصدمة بمثابة جرس إنذار لعرب ديربورن, الذين أدركوا يومها أنهم كانوا ضحية للحسابات الانتخابية لأحد رجال السياسة الفاسدين والذي جعل منهم كبش فداء من أجل تحقيق أهدافه الانتخابية, بينما كانوا يتمتعون بثقل كبير في تلك المدينة. ولكنهم سريعا ما تعلموا الدرس واتحدوا. ففي عام 1988, استطاع جيسي جاكسون الفوز بالانتخابات الرئاسية التمهيدية في ولاية ميتشجان بفضل تعبئة الناخبين العرب. وفي عام 1989, انتخبت سوزان ساريني لتصبح أول أمريكية من أصل عربي تشغل منصبا في المجلس المحلي. ولكن بالرغم من النجاح الساحق الذي حققه العرب في ديربورن مؤخرا, إلا أنهم مازالوا يواجهون الكثير من الصعوبات والتناقضات. فهم في صراع دائم لتأكيد أنهم جزء من نسيج المجتمع الأمريكي.