تتعجب كثير من الأمهات من عدم استجابة أطفالها لتعليماتها التي لا تخلو من الصراخ والعقاب والمقارنة بين الأبناء وبعضهم أو أقرانهم لتحفيزهم علي أن يكونوا أفضل من غيرهم, وتصاب معظمهن بالإحباط لعدم تحقيق النتائج المرجوة رغم إتباعهن كل ما يستطعن لتقويم الأبناء, في حين يري علماء النفس أن كل ما بذلته الأم للأسف هو السبب, وأن المشكلة تكمن في وجود عدد من الأخطاء الشائعة عن التربية قد تفعلها بعض الأمهات دون إدراك منها, الأمر الذي توضحه د.مني عمران أستاذ علم النفس بمعهد الطفولة جامعة عين شمس بقولها: إن إدراك الأم لهذه الأخطاء ربما يساعدها علي تغيير أسلوبها, فعندما تلجأ إلي الصراخ في وجه طفلها فهي لا تحل المشكلة بل تزيد الأمر تعقيدا, وهو مايحذر منه علماء النفس, حيث يعتبرونه بمثابة عنف عاطفي لا يقل أذي عن العنف الجسدي, وأنه أسلوب تربوي مرفوض, فالأم بهذا السلوك تحقر الطفل وتولد لديه الرغبة في الانعزال الاجتماعي مما ينعكس علي انفعالاته مع الآخرين كالصراخ إذا لم يستجب أحد إلي طلباته والشعور الدائم بالغضب وذلك لعدم إحساسه بالأمان والحب, لهذا يجب علي الأم أن تلجأ إلي وسيلة أخري لحل المشكلة إذا أخطأ طفلها مثل عزله في غرفته لفترة زمنية محددة, وعدم السماح له بتركها قبل انقضاء مدة العقاب التي يجب ألا تزيد عن بضعة دقائق إذا كان عمر الطفل لا يزيد علي السنوات الثلاث. وتضيف د.مني موضحة بعض الأخطاء التي تقع فيها الأمهات والتي تري أنها من الأخطاء الكبيرة مثل العقاب بالضرب لأنه يولد لدي الطفل العنف والشعور بالاضطهاد إلي جانب الأذي الجسدي, وإذا واجهته أي مشكلة سيتعامل معها بالعنف لحلها, ومع ذلك تري أنه إذا كانت هناك ضرورة للجوء إلي هذا الأسلوب في حالات معينة مثل ارتكاب الطفل خطأ فيجب أن يكون بشروط منها: منح الطفل فرصة إذا كان الخطأ للمرة الأولي, وألا يضرب قبل سن العاشرة, وأن يكون العقاب غير مؤذ ولا مبرح ولا يترك أثرا علي جسد الطفل, مع عدم الإكثار من ذلك الأسلوب لما في تكراره من أثر سييء علي نفسيته. أما الخطأ الخفي الذي تفعله معظم الأمهات وتحذر منه أستاذة علم النفس فهو محاولة رشوة الأم لطفلها مثل وعده بشراء لعبة أو ثياب جديدة ليتصرف بطريقة صحيحة, فيعتاد علي ذلك وتكون النتيجة عندما يكبر أن يشترط عليها مثلا شراء ألعاب غالية الثمن له حتي يذاكر دروسه, أي ينتظر الحافز الخارجي, وهذا يمكن أن يلحق الأذي بقدرته علي الحافز الذاتي وهي المهارة التي تساعد الطفل كثيرا عندما يكبر.أماالخطأ الأكثر انتشارا بين الأمهات فهو مقارنة الأم طفلها بأطفال الآخرين اعتقادا منها أن ذلك قد يساعد علي تحسين أدائه في المرات المقبلة, لكنها في الحقيقة تعمل علي زيادة استياء الطفل وربما علي عدم شعوره بالارتياح تجاه الأطفال الآخرين, إضافة إلي أن ذلك يبقي في ذهنه لفترة طويلة, وعلي الأم مراعاة شخصيته وقدراته الذهنية ووضعها بعين الاعتبار, إذ ربما يكون الطفل متفوقا في نواح أخري تختلف عن الآخرين. كذلك قيام الأم بإلقاء محاضرة علي طفلها كلما أخطأ وتوبيخه علي سلوك سيء من الأساليب التي لا تساعد علي التربية, بل يتسبب في شعورالطفل بالضيق. وأفضل طريقة لتصحيح تصرفات الطفل هي مناقشته فيما فعل حتي يعرف الخطأ الذي ارتكبه ثم وضع خطة معه لتعديل ذلك التصرف.