وزير الاستثمار: خفض زمن الإفراج الجمركي من 16 إلى 5 أيام فقط    سعر الطماطم والليمون والخضروات بالأسواق اليوم الجمعة 31 أكتوبر 2025    أسعار الذهب اليوم وعيار 21 الآن قبل بداية تعاملات الجمعة 31 أكتوبر 2025    البنك المركزي المصري يتوقع نمو الناتج المحلي إلى 5.1% خلال 2027/2026    إسرائيل تعلن التعرف على هوية جثتي رهينتين تسلمتهما من حماس    مندوب الإمارات أمام مجلس الأمن: الجيش السوداني والدعم السريع أقصيا نفسيهما من تشكيل مستقبل السودان    تقارير: وزارة العدل الأمريكية تحقق في مزاعم احتيال داخل حركة حياة السود مهمة    مفاجأة الكالتشيو، بيزا العائد للدوري الإيطالي يتعادل مع لاتسيو قاهر "يوفنتوس"    بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم : «توخوا الحيطة والحذر»    وفاة الكاتب والشاعر اللبناني إسكندر حبش عن عمر ناهز 62 عاما    حتى 100 جنيه.. وزير المالية يكشف تفاصيل إصدار عملات تذكارية ذهبية وفضية لافتتاح المتحف الكبير    مارتن بيست: شاركت في تصميم المتحف المصري الكبير 2004.. وشعور الافتتاح لا يصدق    سنن يوم الجمعة.. أدعية الأنبياء من القرآن الكريم    مش هتغير لونها.. طريقة تفريز الجوافة لحفظها طازجة طوال العام    التخلص من دهون البوتاجاز.. طريقة سهلة وفعّالة لتنظيفه وإعادته كالجديد    الأب القدوة بالدقهلية.. قصة إنسان كرمته الدولة فبكى من السعادة (فيديو)    الحكومة تنشر صور من قافلة زاد العزة ال 62 إلى غزة    من الدبلوماسية إلى الاقتصاد.. مصر تواصل كتابة فصول جديدة من الريادة في المحافل الدولية    ريال مدريد يحول سانتياجو برنابيو إلى مدينة للملاهى خلال الكريسماس    «لو منك أبطل».. رضا عبدالعال يفتح النار على نجم الزمالك بعد التعادل مع البنك الأهلي    كرة السلة .. انطلاق الموسم الثالث لدوري NBA بالقاهرة    النصر يستعيد خدمات بروزوفيتش قبل لقاء الفيحاء في الدوري السعودي    السد يكتسح الريان بخماسية في كلاسيكو قطر    في غياب حجازي.. نيوم يعود للانتصارات بفوز شاق على الخلود    أخبار × 24 ساعة.. بدء صرف المعاشات غدًا السبت 1 نوفمبر 2025    بث مباشر لحفل افتتاح المتحف المصري الكبير على شاشات جميع المطارات المصرية    تأييد حكم الإعدام على المتهم في واقعة الريف الأوروبي.. صور    أسعار الدولار يوم الجمعة 31 أكتوبر 2025 .. اعرف بكام؟    النيابة الإدارية تختتم البرنامج التدريبي لأعضاء الهيئة حول مكافحة الفساد    جيش الاحتلال: على حماس الالتزام بالاتفاق وإعادة جثث الرهائن دون تأخير    هزمت السرطان وتحدت الأطباء بالإنجاب.. 25 معلومة عن شريهان النجمة المحتملة لافتتاح المتحف المصري الكبير    4 أبراج يواجهون امتحانا صعبا.. الثبات مفتاحهم والعزيمة سلاحهم ويتخذون قرارات حاسمة    السقا وشيكو وباشا مصر.. شاهد نجوم الفن بالزي الفرعوني قبل افتتاح المتحف المصري الكبير    معلومات الوزراء ينشر فيديو لوكالة الفضاء المصرية يوثق مراحل بناء المتحف الكبير    لأول مرة.. «القاعدة» على مرمى حجر من حكم دولة    وزارة التضامن: إطلاق مشروع وطني لتوطين صناعة الأطراف الصناعية بشراكة مع ألمانيا    أحمد حسن: نريد رباعي بيراميدز ولكن بهذا الشكل لن يتواجد معنا.. وهذا ما أربك المواعيد    بعد معاناة المذيعة ربى حبشي.. أعراض وأسباب سرطان الغدد الليمفاوية    نائب وزير الصحة يتفقد مستشفى بني سويف التخصصي ويوجه بتكليف فريق مختص لخدمة المواطنين وتوفير الأدوية (صور)    مقتل شخص بطلق ناري في الرأس بظروف غامضة بأسوان    مواعيد تشغيل المترو والقطار الكهربائي مع بدء تطبيق التوقيت الشتوي    بتوجيهات شيخ الأزهر..انطلاقة جديدة وتوسُّع لمدرسة «الإمام الطيب» للقرآن الكريم للطلاب الوافدين    ننشر أسماء المصابين في حادث انقلاب ميكروباص علي طريق أسوان الصحراوي الغربي    من قلب التاريخ يبدأ المستقبل.. فودافون مصر الشريك التكنولوجي للمتحف المصري الكبير    أمين الفتوى يوضح حكم وثواب قيام الليل    الأوقاف تُطلق (1010) قوافل دعوية بمراكز الشباب على مستوى الجمهورية    موظف بالمعاش يتهم خادمته بسرقة مشغولات ذهبية من فيلته ب6 أكتوبر    شاهد|«المجلس الصحي المصري»: إطلاق الدلائل الإرشادية خطوة تاريخية لحماية المريض والطبيب    لا فرق بين «الطلاق المبكر» والاستقالات السريعة داخل الأحزاب    خالد الجندي: افتتاح المتحف الكبير إنجاز عظيم للرئيس السيسي    محافظ الغربية يرفع يوجه بسرعة تجهيز الشاشات في الميادين استعدادا لحفل افتتاح المتحف الكبير    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 30-10-2025 في محافظة الأقصر    تأجيل محاكمة البلوجر أم مكة بتهمة بث فيديوهات خادشة    «يوم الوفاء» محافظ أسيوط يكرم أسر الشهداء وقدامى المحاربين    بث مباشر.. مشاهدة مباراة بيراميدز والتأمين الإثيوبي في دوري أبطال إفريقيا 2025    مبادئ الميثاق الذى وضعته روزاليوسف منذ 100 عام!    عندما قادت «روزا» معركة الدولة المدنية    والد أطفال ضحايا جريمة فيصل: سأحاسب كل من أساء لسمعتنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أردوغان يعود لدبلوماسية صناعة الأزمات
نشر في الأهرام اليومي يوم 22 - 11 - 2013

مادامت أن الأمور ستنتهي إلي ما انتهت إليه, ملتمسة إسنحياءا وربما خجلا, بحتمية العودة إلي الهدوء حفاظا علي الجوار الجغرافي العتيق وعمقه التاريخي..
دون أن يكون لهذا اي سابق انذار, أو تمهيد للخطوة التراجعية المذهلة, ففجأة تحولت سياسة العدالة والتنمية الحاكم والمتحكم في أرض الاناضول تجاه جواره العراقي من النقيض الجامح إلي السكون والاستكانة!
فلماذا إذن كان الزعيق طوال السنوات القليلة الماضية, والذي تصاعد بشكل خاص مع بدء المخاض السوري, متزامنا مع صراخ وصل إلي حد التهديد بالقطيعة التي ما بعدها عودة, قابله رد صاعق من الحكومة المركزية ببغداد برفض منح أحمد داود أوغلو وزير الخارجية التركية وزعيم حزب الحركة القومية اليميني المتطرف دولت بهتشلي الاذن لهما لقيامهما كل علي حدة بجولة في كركوك ومناطق التركمان ؟
هذا هو ملخص مشهد من العاصمة العراقية بغداد قبل عشرة أيام, كان بطله داود أوغلو صاحب ما سمي لأول مرة ولعلها الأخيرة, دلوماسية صفر مشاكل, والتي لم تأت سوي بالأزمات, وعراق نوري المالكي كان إحداها.
ولاشك أن سوريا هي السبب الرئيسي في هذا التحول المباغت, فمثلما كانت أزمتها التي بدأت إرهاصاتها في مارس عام2011, وراء التدهور في العلاقات بين العاصمتين الكبيرتين كما عبر قيادي بارز في ائتلاف دولة القانون والذي يتزعمه المالكي الذي كان يوصف من قبل ساسة أتراك حتي وقت قريب بالديكتاتور الطائفي,, ها هي نفسها تدفع الأداء الأردوغاني نسبة إلي رجب طيب اردوغان, إلي تغيير سياساته الخاطئة الآن وليس غدا.
يأتي ذلك بعد جملة إخفاقات إقليمية في مقدمتها نبدد أحلام الباشباكلنك( مقر مجلس الوزراء), وأيضا الكشك( القصر الرئاسي) في أنقرة, برحيل سريع لبشار الأسد, وزوال نظامه إلي غير رجعة, وهو ما لم يحدث, ليس ذلك فحسب بل أن القابع في ثكنته بقلب دمشق, بات يكتسب أرضية تتسع شيئا فشيئا, ممهدا وضامنا لنفسه, خروج حال حدوثه بطريقة لم يكن يرغبها ويتمناها رئيس الحكومة اردوغان, وهو ما يعني مزيدا من الخزي للأخير ولحزبه لتهورهما وسقوطهما في المستنقع السوري, زاد علي ذلك, أن رجل الشام الآن, يبدو أنه في أوج سعادته شامتا في غريمه الذي يشاركه في800 كيلو متر حدودا, وهو يري انقلاب الاصوليات المتشددة وفي القلب منها جبهة النصرة أحد ذيول تنظيم القاعدة والتي باتت توجه سهامها إلي بلديات أناضولية موازية لتخوم بلاده كس ز س ز القامشلي والذي شجعهم, ما كان صديقا له ولبلاده حتي سنتين مضتا, واغدق عليهم عتادا عسكريا ومالا قطريا, وها هم ينقلبون عليه مهددين وحدة أراضيه.
فقد أشارت صحيفة حريت التركية في نسختها الإنجليزية إلي الكابوس المريع, الذي انتاب ومازال أهل الحكم من إحتمال إقامة إدارة مؤقتة للأكراد السوريين, كخطوة أولي نحو تكوين كيان في الأجزاء الشمالية التي مزقتها ويلات الحرب, والمتاخمة للجنوب الشرقي التركي ومدنه الكبيرة التي تعج بالاثنية الكردية.
صحيح أن الحليف واشنطن أبدي انزعاجه الشديد لما يتم ترجمته علي ارض الواقع من نزعات انفصالية, وهو ما عبرت عنه المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية, جين بساكي, حينما قالت ز حكم ذاتي من قبل الأكراد في سوريا, مؤكدة استمرار واشنطن في الالتزام بوعدها بدعم سوريا وتحقيق وحدتها, غير أن هذا الكلام لم يخفف من امتعاض الحكام الاتراك, بل علي العكس تعاظمت شكوكهم ومخاوفهم, فماذا ستفعل ادارة البيت الابيض اذ حدث إنفصال أو تجزئة الاراضي السورية ؟ في الأغلب لا شئ, اللهم إدانة وشجبا وتهديدا بفرض عقوبات, وبعدها تعود الاوضاع إلي واقع معترف به من الكافة.
والدليل علي ذلك ما قاله صالح مسلم الرئيس المشارك في حزب الاتحاد الديمقراطي الذي دشن علي أطلال البعث في تلك البقاع وهي عمليا, إنسلخت تماما من سيطرة الأسد, وبعد أن كانوا حلفاء, صار التباين مع الجيش الحر شاسعا إن تكوين إدارة مؤقتة يصب في مصلحة الأكراد السوريين لتلبية احتياجاتهم, وأردف قائلا: أن استعدادات تنفيذية تتخذ في الوقت الحاضر وتتسم بالجدية لتكوين هياكل تلك الإدارة, وحال تحقق ذلك من الممكن أن تجري انتخابات في غضون ثلاثة أشهر.
وكان طبيعيا, أمام هذا التطور الصعب الذي جاهدت تركيا من أجل الا يحدث أن يثور صانع القرار التركي معتبرا تلك الاقاويل محض هراء واتهم داود أوغلو, الاتحاد الديمقراطي الذي يعتبر الجناح السوري لمنظمة حزب العمال الكردستاني المحظورة, بنقض وعوده. وكان مسلم سبق صرح لحريت يوم الثامن من الشهر الحالي بأنه يرغب في علاقات ودية مع تركيا مشددا علي أنهم( أكراد سوريا) لا يريدون استقلالا أو هيكلا اتحاديا, فما الذي طرأ ؟ ألم تقم أنقرة بواجبها بالتوقف عن دعم الاسلاميين المتشددين الجهاديين وهو ما عزز من نجاحات حققوها في ميادين المعارك فلماذا تلك التصريحات التي تنم عن نزعة انفصالية لا مراء فيها ؟
وليس هناك أي مصادفة في تزامن هذا التطور مع تعثر عملية السلام التي يخوضها اردوغان لوضع نهاية للمعضلة الكردية قبل فوات الاوان, بيد أن بوادر فشلها أصبحت جلية وهو ما نوه إليه قبل ثلاثة أسابيع, جميل بايك القيادي البارز بحزب العمال الكردستاني, عندما قال من مقره بجبال قنديل بشمال العراق إن العملية التي تزامنت مع احتفالات النيروز في نهاية مارس الفائت في طريقها للإنهيار ما لم تقم حكومة العدالة بتنفيذ ما تعهدت به معتبرا أن حزمة الاصلاحات التي اعلنت لا تفي بالحد الادني لمطالب الشعب الكردي, ومضي مشككا في حدوث حلحلة للأزمة المستحكمة منذ اربعة عقود.
با بيك لم يكتف بذلك بل ذهب إلي ما هو أبعد متهما ساسة أنقرة بالتواطؤ مع طهران لإعادة رسم خريطة جديدة للمنطقة لا وجود للكرد فيها مدللا علي كلامه, بوجود مخطط إيراني تركي في هذا الشأن, فحملات الإعدام التي بدأت تتصاعد في الجمهورية الإسلامية وطالت عناصر من حزب بيجاك الوجه الثاني لمنظمة حزب العمال الكردستاني بعد الاتحاد الديمقراطي السوري, جاءت بعد زيارة وزير الخارجية الإيرانيلاسطنبول وتطبيع علاقات الدولتين, فإيران تتطلع إلي عودة القتال مجددا بين الجيش التركي والمنظمة ثم مختتما حديثه الذي نقلته معظم الادبيات التركية السيارة قائلا: لا معني مطلقا لاستمرار سلام دون الاستجابة للطموحات المشروعة للأكراد,, وفي ظل استمرار الإنكار التركي لوجود الشعب الكردي, فالحلول الترقيعية لا فائدة من ورائها, وهو ما يحمل تهديدا مبطنا بالاحتكام من جديد للغة السلاح.
وهكذا وعلي الفور تنبهت الدولة التركية إلي المأزق الذي وضعت نفسها فيه, بالطبع هي صادقة في مسعاها الرامي إلي حل سياسي لمشكلتها المزمنة مع أكرادها, غير أن هذا علي ما يبدو يفوق قدرة اردوغان وحكومته, فثمة سقف من الصعب تخطيه وها هي رياح الداخل مازالت تقاوم خطوات يراها قطاع عريض من أبنائه بمثابة تنازلات من شأنها العصف بوحدة جمهوريتهم الطورانية. وحتي الرهان علي كردستان العراق لم يعد هو الآخر ناجعا رغم التقارب والتعاون في مجالات الأمن والطاقة.
وفي محاولة لاختراق هذا الضباب الكثيف, تفتق ذهن أهل الحل والعقد بالاناضول إلي ضرورة إعادة ترتيب علاقات بلادهم مع الأقرب لها, ألا وهو العراق فقد تبين لهم انهم غير قادرين علي الاستمرار في مقاطعته ولهذا ذهب داود أوغلو علي أمل أن يطوي صفحة الماضي والأهم إعادة الروح في مساراته الإقليمية والتي أصيبت جميعها بالإخفاق والموت الاكلينكي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.