بدأت وانتهت المناورة البحرية الايرانية في الخليج العربي, وما صاحبها من تصعيد وتهديد بغلق مضيق هرمز. دون أن يصدر أي تعليق خليجي, وكأن الأمر لا يتعلق بمصالح مثل دول: الإمارات والسعودية والكويت وقطر, في صادراتها من البترول والغاز, وأيضا وارداتها من المواد الغذائية علي سبيل المثال.. فضلا عن التداعيات الكارثية التي يمكن أن تشهدها منطقة الخليج اذا ما تطور التصعيد الي صراع عسكري, لأنه في هذه الحالة ستتحول دول الخليج ومياهها إلي مسرح للعمليات العسكرية. الرد علي المناورة البحرية الايرانية جاء عبر الولاياتالمتحدة, ليس فيما يتعلق برفض التهديد الايراني بغلق مضيق هرمز, وانما باستعراض قوة التسليح لدي دول الخليج بالاعلان عن صفقة مقاتلات أمريكية من طراز إف15 اس ايه تم توقيعها مع السعودية لعدد84 مقاتلة بقيمة تصل الي30 مليار دولار, وفي ذات التوقيت جاء الاعلان عن حصول الامارات علي أحدث الانظمة المتطورة لاعتراض الصواريخ, في صفقة بلغت قيمتها3.5 مليار دولار لتصبح أول دولة تحصل علي هذا النظام المصمم للتعامل مع الصواريخ ذاتية الدفع قصيرة ومتوسطة المدي داخل وخارج الغلاف الجوي.. وهنا تجدر الاشارة الي أن المرحلة الرئيسية في المناورة الايرانية كانت تتعلق باختبارات اطلاق الصواريخ متوسطة وطويلة المدي. واذا كان استعراض القوة التسليحية الخليجية جاء عبر الولاياتالمتحدة فذلك لأن الرسائل التي تسعي دول الخليج الي توصيلها لإيران تتجنب التصعيد, فعندما تتحدث الامارات عن ايران تحرص علي تأكيد مبدأ حسن الجوار وسنجد أن الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الامارات حاكم دبي, قال في رده علي سؤال حول إيران في حواره مع سي إن إن: إيران دولة جارة لنا نعيش جنبا الي جنب منذ آلاف السنين ولا أعتقد أنهم يسعون للحصول علي سلاح نووي. وزير خارجية الامارات الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان, كان واضحا في تعليقه علي العلاقات بين ايران ودول الخليج في اكثر من مناسبة, حيث كان يؤكد دوما أن من مصلحة ايران ان تتعامل مع دول مجلس التعاون الخليجي بشكل يحفظ استقرار المنطقة وتنميتها انطلاقا من الروابط التاريخية وحسن الجوار. علي الدرب نفسه جاءت افتتاحية صحيفة الخليج الاماراتية التي تحدثت عن ايران كجارة مدعوة الي التعقل حفاظا علي أمن الخليج التي هي جزء منه, مشيرة الي أن الملفات المفتوحة هي بين إيرانوالولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي و إسرائيل, وأن المنطقة تحولت إلي أرض للصراع المباشر أو بالوساطة, علي النفوذ والهيمنة بمسميات وشعارات عديدة ومتنوعة. وخاطبت الخليج قادة إيران بالقول إذا كانت الدول الأجنبية لا تعنيها إلا مصالحها, وهي علي استعداد للمجازفة والمخاطرة من أجلها, فإن إيران الجارة القريبة علي الضفة الأخري للخليج مدعوة للتعقل وضبط النفس, لأن أمن الخليج مسئولية مشتركة لأبنائه, وحمايته لا تخص دولة بعينها, واستقرار المنطقة والحفاظ علي أمنها مسئولية جماعية. ودعت الي قراءة التاريخ وأخذ العبرة من نتائج كوارث1980 و1990 و2003( في اشارة الي حربي الخليج الاولي والثانية وغزو العراق) والتي لاتزال المنطقة تعاني آثارها المدمرة, وستظل تعاني لفترة طويلة. والعلاقات الاماراتيةالإيرانية, وتحديدا التجارية, لها خصوصية, فطهران هي ثاني أكبر شريك تجاري لدبي, ووصل حجم التبادل التجاري العام الماضي بين الإماراتوإيران إلي10.4 مليار دولار, ورغم أن الإمارات من بين الدول التي بدأت في تطبيق العقوبات المالية ضد إيران, بموجب القرارات الصادرة عن مجلس الأمن في يونيو الماضي, فإن خصوصية العلاقات التجارية التي ترتبط بمصالح الجانبين تقف في طريق التنفيذ الفعلي لهذه العقوبات. وخلال زيارة هيلاري كلينتون وزيرة الخارحية الامريكية للإمارات العام الماضي, ذكر أحد مرافقيها أن الولاياتالمتحدة تعلم ان العقوبات تمثل ضربة قوية لدول مثل الامارات وقطر وسلطنة عمان لارتباطها بعلاقات اقتصادية وثيقة مع إيران. وفي نهاية ديسمبر الماضي تعرضت العلاقات التجارية بين الاماراتوايران الي هزة قوية بالاعلان من جانب طهران عن حظر كل اشكال التبادل التجاري بين البلدين, ولم تدم هذه الازمة الا يوما واحدا, سارعت بعده ايران الي نفيه معللة ما حدث بأنه خطأ فني, ولكن هناك من يري أن ما حدث كان رسالة إيرانية ينبغي وضعها تحت الدراسة لأن من شأن قرار تعليق التبادل التجاري بين البلدين أن يهدد عمل آلاف التجار, ويؤثر في الوقت ذاته علي حجم التجارة الخارجية للإمارات. ويعيش في الإمارات نحو400 ألف إيراني بينهم نسبة كبيرة من التجار ورجال الأعمال الذين ينشطون في عدة مجالات, علي رأسها التصدير والاستيراد. واذا كانت الامارات تراهن علي حسن الجوار في التعامل مع أزمة مضيق هرمز فإن ذلك لم يمنعها من التحرك لإيجاد بدائل أخري, وكان البديل المتاح هو الاستفادة من موقع إمارة الفجيرة علي بحر العرب بعيدا عن الخليج ومضيق هرمز, وبالفعل تم انشاء خط انابيب للبترول يمتد من منطقة حبشان في امارة أبوظبي المصدر الرئيسي للبترول في الامارات الي شواطئ الفجيرة بطول480 كيلومترا بطاقة تصل إلي2.5 مليون برميل يوميا, ويربط الخط حقول حبشان التابعة لشركة بترول أبوظبي الوطنية بميناء الفجيرة الذي يعد أحد أكبر ثلاث محطات لتموين السفن, وميناء رئيسيا لتخزين البترول مع زيادة عدد المستودعات به إلي250 مستودعا, أدت إلي زيادة الطاقة التخزينية للمنتجات البترولية إلي7 ملايين متر مكعب.