سمعته تسبقه.. والأدهي أنه يفتخر بها.ففي حين أن بعض جمهوريات أوروبا الشرقية قد زادت قوتها وتطورت خلال ال20 عاما الماضية بعد سقوط الاتحاد السوفييتي السابق, إلا أن البعض الآخر لم يتقدم بنفس القدر. لكن يبدو أن بيلاروسيا أو روسيا البيضاء هي الأسوأ بينهم, فقط بفضل رئيسها العتيد. وألكسندر لوكاشينكو المعروف بشكل غير رسمي باسم بابا, معروف أيضا باسم ديكتاتور أوروبا الأخير. وحسب وثائق ويكيليكس المسربة فالكثير من الدبلوماسيين يصفونه بالغريب والمضطرب. والسبب في ذلك أنه يطبق بكل التزام السمات الكلاسيكية للحكم الاستبدادي منذ توليه السلطة عام1994 واستمراره في الحكم بعدها لأربع فترات متوالية. وبعد' نجاحه' في الحصول علي المركز الثالث كأكثر رئيس ديكتاتوري في العالم حسب دراسة لمجلة فورين بوليسي الشهيرة خرج إلي العالم معلنا أنا الديكتاتور الأخير والوحيد في أوروبا وأكد أنه يعمل علي تجهيز ابنه الذي يبلغ من العمر10 أعوام فقط لخلافته بعد عمره المديد البالغ59 عاما!. ومع بحث العالم العربي عن الربيع المنتظر, حاول شعب بيلاروسيا هو الآخر جذب الأنظار إلي همومه المتراكمة منذ تولي هذا الحاكم بأمره زمام الأمور بقبضة من حديد ونار. ولجأ الآلاف إلي الشوارع للتظاهر وشغلوا مواقع التواصل الاجتماعي, ولكن دون جدوي أمام الأجهزة الأمنية وأساليبها الوحشية. فسجل لوكاشينكو علي مدي19 عاما لا يخلو من المخالفات الجسيمة التي تحتاج إلي سنوات أخري من التظاهر, بدءا من تزوير الانتخابات, وتعديل الدستور عام2004 لتمديد الولاية الرئاسية من خمس سنوات إلي سبع سنوات, إضافة إلي الترهيب واضطهاد المعارضين السياسيين, ومع أن دولة روسيا المجاورة ليست منزهة عن الانتقادات والاتهامات لكنها تنأي بنفسها بقدر الإمكان عن لوكاشينكو وحتي زوجته إيرينا كاليب الصحفية المعروفة لم تنج من أفعاله عندما تعرضت للإقامة الجبرية في منزلها لسنوات طويلة والتهديد بوضع ابنهما الأصغر دانيل في دار رعاية أيتام. وتسببت كذلك سياسات لوكاشينكو الاقتصادية المتهورة في السقوط في أسوأ أزمة اقتصادية تواجهها بلاده منذ حصولها علي الاستقلال قبل20 عاما. وأمام كل عقوبة دولية تحاول كبح جماح استبداده يقابلها لوكاشينكو بالتعالي. ومؤخرا وبعد حزمة من العقوبات الجديدة أقرها الاتحاد الأوروبي ضد نظام الحكم في مينسك تفاخر لوكاشينكو بأنه يفضل ان يكون ديكتاتورا علي أن يكون مثليا في إشارة إلي وزير الخارجية الألماني جيدو فيسترفيله الذي تتولي بلاده رئاسة الكتلة الأوروبية في دورته الحالية والمعروف عنه أنه مثلي. وعاد كذلك وهدد برد فعل قاس في حال أقر الاتحاد الأوروربي عقوبات جديدة علي بلاده. وهو يرفض بكل بساطة الاعتراف بسقوط الاتحاد السوفيتي ويحاول استعادة امجاده منذ توليه السلطة. ووفقا لذلك فهو يبدأ بهيئته الخارجية الشبيهة بستالينويطلق علي جهاز المخابرات الكي جي بي,وينفرد بإصدارقرارات لا رجعة فيها. ولأنه مازال يدغدغ أحاسيس الكثيرين الذين مازالوا يرون أن بيلاروسيا كانت مزدهرة في ظل الاتحاد السوفيتي السابق فيجد من يسانده ويسعي إلي تحقيق حلمه. ولا يزال لوكاشينكو يردد دون ملل أن بيلاروسيا هي المركز الجغرافي لكل أوروبا لكن هذه الدولة بسكانها الذين لا يزيدون علي10 ملايين شخص لا يتشاركون أبدا في نفس القيم الديمقراطية التي تحتضنها العديد من دول القارة.