التوتر الذي ساد العلاقات المصرية الأمريكية مؤخرا في أعقاب ثورة 30 يونيو بسبب انزعاج الأمريكيين من الإطاحة بحكم حلفائهم التاريخيين (الإخوان المسلمين) من مصر ثم غيرها من بلاد المنطقة. وإصرار بعض الأطراف هناك علي وصف ما حدث بأنه انقلاب عسكري أدي بلا شك إلي إحداث هزة قوية في علاقات البلدين, انعكست علي الفور في تصاعد دعوات شعبية قبل أن تكون رسمية إلي دعم العلاقات مع روسيا, سرعان ما ترجمت إلي زيارات لوفود شعبية لموسكو. غير أن هذا الظرف نفسه هو الذي يمكن أن يعوق العودة الحميمة لتلك العلاقات, أي أن يتصور الروس أننا لا نتذكرهم إلا عندما تسوء العلاقة مع الأمريكيين, ولهم كل الحق! إن ما يجب أن يحدث هو أن تتم بالفعل عملية إعادة صياغة للسياسة الخارجية المصرية بما يؤدي إلي إحداث نوع من التوازن الحقيقي في العلاقات مع كل الأطراف الدولية الفاعلة, وفي القلب منها روسيا و أمريكا. إن لروسيا (والإتحاد السوفييتي سابقا) تاريخا ناصعا مع مصر والمصريين.إنني أنتمي إلي الجيل الذي عاصر في طفولته الإنذار الروسي الشهير الذي وجهه بولجانين إلي بريطانيا وفرنسا في عام 1956 في غمار الأزمة التي فجرها تأميم عبد الناصر لقناة السويس, وإلي الجيل الذي عاش في صباه وشبابه معركة بناء السد العالي, التي خذلنا فيها الأمريكيون, فقام الروس بمساعدتنا في بنائه في واحدة من أمجد و أعظم ملاحم البناء و الإنجاز والبطولة في مصر, أي بناء السد العالي, فضلا عن العديد من المشروعات الصناعية التي كانت روسيا فيها خيرسند لمصر. غير أن الحقيقة الثانية, والتي لا تقل أهمية هنا هي أن مصر حققت أهم انجازاتها العسكرية الحديثة, أي نصر أكتوبر عام 1973 بواسطة السلاح الروسي, وهل ننسي إغراق المدمرة إيلات بلنش صواريخ بحري؟ وهل ننسي القذائف المضادة للدبابات التي حملها الجنود المصريون علي أكتافهم ليصطادوا بها عشرات الدبابات الإسرائيلية؟ وهل ننسي حائط الصواريخ الروسية التي نشرت غرب القناة لحماية الأرض المصرية من الهجمات الإسرائيلية؟ وهل ننسي مئات الخبراء والمستشارين الروس الذين جاءوا لتدريب الجنود المصريين, والذين مات بعضهم هنا في مصر؟ حقا إنه تاريخ حافل ومشرف لعلاقة وصداقة عظيمة بين مصر وروسيا. لمزيد من مقالات د.أسامة الغزالى حرب