بعد تبني الدكتورة ليلي اسكندر, وزيرة الدولة لشئون البيئة, لمبادرة المنظومة الجديدة للنظافة, والخاصة بفرز القمامة من المنبع, هناك من يراها نقلة حضارية تضع مصر في مصاف الدول المتقدمة التي تستفيد من هذا الكنز الإستراتيجي, وهناك أصوات أخري تتعالي وتتحدث عن سلبيات هذا المشروع, واستحالة تطبيقه. ملحق الجمعة ذهب إلي المعنيين بهذا الملف للتعرف علي آرائهم وكيفية استرداد القاهرة الكبري لوجهها الجميل والمشرق, وتعظيم الاستفادة الاقتصادية والصحية من هذا المشروع. شحاتة المقدس, المتحدث الرسمي عن الزبالين ونقيب الزبالين تحت التأسيس, يقول: عملت مع الدكتورة ليلي اسكندر, وزيرة البيئة, في جمعية روح الشباب لفترة طويلة, وأنا في البداية اشكرها لأنها سيدة فاضلة في العمل الاجتماعي, ولديها خبرة طويلة, وقد عملت لمدة عشرين عاما في حي الزبالين لمساعدة الفقراء والوقوف علي حقوقهم مع الحكومات السابقة والحالية. ويضيف شحاتة: أنا استبشر خيرا لوجودها في الوزارة, لأنها كما يقول فاهمة اللعبة وهي تتجه لشركات النظافة الوطنية, ونحن بالفعل قبل عام2002 كنا نعمل في شركات وطنية قبل قدوم الشركات الأجنبية, وكانت هيئات النظافة بالقاهرةوالجيزة والقليوبية, تقسم الأحياء علي مربعات, وكل مربع يحتوي علي5000 وحدة سكنية, وكان الزبالون يقومون بتأسيس شركات بسيطة, ويتم التعاقد مع هيئات النظافة في نفس المربع الذي ورثه الزبالون عن آبائهم وأجدادهم منذ عام1948, والوزيرة لجأت لهذا القرار كنتيجة لعدم نجاح الشركات الأجنبية في عملية نظافة القاهرة الكبري, ونحن نتقبل هذا المشروع, ونرجو من وزير التنمية المحلية والرئاسة مساندة الوزيرة لتطبيق هذه الفكرة, لأنها سوف تسهم في رفع الأعباء عن كاهل المواطن, وكذلك في عدم تحصيل رسوم نظافة علي إيصال الكهرباء, وسوف يكون التعامل مباشرة مع الزبال إذا رفع القمامة حصل النقود, وإذا لم يجمع القمامة لم يحصل علي شيء.. ويؤكد شحاتة أن الزبال سوف يعمل بجد في ظل هذه المنظومة لأنه يستفيد منها بشكل جيد, حيث يحصل علي المخلفات الصلبة التي يقوم بعد ذلك ببيعها أو تدويرها وهي أساس رزقه من هذا العمل. ويضيف شحاتة أنه يختلف مع الوزيرة ليلي اسكندر شكلا وموضوعا في موضوع الفرز من المنبع, فهي في جمعية روح الشباب كانت تخاطب منظمات عالمية مثل جمعية سيروس الأمريكية, وبعض الجمعيات في الدول الأوروبية, وحصلت علي هذه الأفكار من الخارج, فالمواطن الأوربي يمتلك الوعي الاجتماعي الفرز من المنبع- جزء من هذا الوعي, فهو في المنزل يضع كيسين للقمامة الأسودللمواد العضوية و الأحمر للمواد الصلبة, والمواطن المصري مع كل الاحترام له ليس لديه وعي اجتماعي. ويؤكد شحاتة المقدس عدم نجاح هذه الفكرة- الفرز من المنبع قائلا:عند عملي مع الوزيرة في جمعية روح الشباب تمت تجربة هذه الفكرة بالاستعانة بمجموعة من الشباب أبناء الزبالين, وبدأت التجربة في حيين, حي إفرنجي الزمالك, وحي شعبي متوسط وهو دير الملاك بحدائق القبة والزاوية الحمراء.. ويشير شحاتة إلي أن المواطن الذي يسكن في دير الملاك والزاوية الحمراء كان يقوم بغلق باب منزله بعنف في وجه المندوب ويقول: هو أنا هشتغلك زبال والمواطن الذي يسكن الزمالك إلي حد ما كان متجاوبا. ويقول شحاتة: بصفتي نقيبا للزبالين ومدافعا عن حقوقهم, لن أسمح للوزيرة بتطبيق هذه الفكرة لعدة أسباب أولا: لو فرضنا أن المواطن عنده وعي اجتماعي فإنه لا يدري أنه يدمر مستقبل3 ملايين زبال, بمعني أن حارس المنزل سوف يصعد لجمع القمامة, والمواطن نائم, ويفرز القمامة ويحصل منها علي المخلفات الصلبة البلاستيك والورق ويترك المخلفات العضوية السوائل وبقايا الطعام للزبال, ويبيع حارس العمارة المخلفات الصلبة لبائع الروبابيكيا, فماذا يفعل الزبال بكيس المواد العضوية, وخصوصا بعد أن تخلصنا من تربية الخنزير, الذي أعدم وذبح بقرار جمهوري, ولم نتحدث في هذا الشأن لأنه شائك.. ثانيا: أنه في حال تطبيق هذه الفكرة سوف يقوم الزبالون بالتوقف عن العمل والإضراب, لأن المواد العضوية لا تكفي لمعيشة الزبال, وهي لا تكفي مصاريف النقل للمقلب العمومي, فالزبال مكسبه الحقيقي في المواد الصلبة, وسمعت أنها سوف تبدأ بتطبيق الفكرة في منطقة الزمالك, والشركة الأجنبية التي تعمل في هذا الحي هي شركة محترمة إيطالية- مصرية تعطي الزبال حقه عن كل وحدة سكنية, وهي بقيمة2 جنيه شهريا علي عكس الشركة الأسبانية الموجودة بحي شرق الذي يصنف ضمن الأحياء الراقية, وهي تعطي الزبال10 قروش عن كل وحدة سكنية, وكنت أتمني من الوزيرة أن تبدأ بتطبيق الفكرة هناك في حي شرق القاهرة مصر الجديدة ومدينة نصر مكان عمل الشركة الأسبانية التي لا تعطي الزبال حقه. المهندس أمين خيال, رئيس الإدارة المركزية للمخلفات والمواد الخطرة بجهاز شئون البيئة يقول: تقوم الوزيرة الآن بإجراء محاولات مع المحافظات ووزارة التنمية المحلية لعمل تعاقدات صغيرة لجامعي القمامة الذين يصلون بالفعل إلي المنازل, وسوف نقوم بتجربة هذا المشروع في بعض أحياء القاهرةوالجيزة, في القاهرة سوف نبدأ بمنطقة المقطم والمنيل, وبالنسبة لمحافظة الجيزة سوف يتم التعاقد المباشر بين الأحياء وجامعي القمامة أنفسهم. ويضيف أمين أن هذا المشروع يقوم علي أن المواطن يقوم بفصل المخلفات عضوية وصلبة, والسيارة التي تنقل هذه المخلفات سوف تقسم إلي جزءين صلب ورطب بحيث يتم توصيل الجزء الرطب لمحطات المناولة, وبعد ذلك الجزء الصلب يأخذه جامع القمامة للاستفادة منه, ويأتي بعد ذلك دور المتعهدين الكبار في نقل المخلفات العضوية من محطات المناولة إلي مواقع السماد العضوي, ونحن نمتلك أكثر من66 خطا منتشرة في محافظات مصر لإنتاج السماد العضوي. وعن الوعي الاجتماعي الموجود لدي المواطن بالنسبة لفكرة الفرز من المنبع يقول أمين خيال: الإعلام شريك أساسي في زيادة الوعي البيئي لدي المواطنين وهو أحد أدواره, وسوف تقوم الوزارة بعمل حملات إعلامية لهذا الغرض من خلال وسائل الإعلام المختلفة.. صحف وإذاعة وتليفزيون, ويضيف أن عدم الفصل من المصدر يؤدي لإهدار قيمة كبيرة من مكونات القمامة نفسها وزيادة تكاليف مصانع الأسمدة, بالإضافة إلي تعرض جامعي القمامة للأمراض المزمنة, والاستفادة من الأجزاء الصلبة من خلال العائد من بيعه, فهذه الطريقة تقضي علي صناديق القمامة الموجودة في الشوارع, وكذلك النباشين الذين يبحثون عن المخلفات الصلبة داخل هذه الصناديق ويتركون المكان في حالة يرثي لها. ويؤكد أمين خيال أن مشروع الفرز من المنبع هو مشروع تجريبي في بعض الأحياء الراقية, التي لا يوجد بها مشاكل لعدم الدخول في الوقت الراهن في صراعات مع الشركات الأجنبية, مشيرا إلي أنه في حالة نجاح التجربة سوف يتم التفاوض مع هذه الشركات لأن هذه الشركات لديها بعض المشاكل التي تتمثل في كفاءة الجمع الضعيفة, ومشاكل نقل كميات المخلفات من المنازل والشوارع, فهيئات النظافة تقوم بجمع هذه المخلفات نتيجة تقصير هذه الشركات والسبب في ذلك خلافات بين الهيئات وهذه الشركات وأعتقد أنه بسبب أن العقود بينها لم تكن صحيحة في البداية, وخطط العمل بها بعض الخلل. المهندس حافظ السيد حافظ, رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لنظافة وتجميل القاهرة, يقول: هناك بعض المعوقات في جمع القمامة من شوارع القاهرة من أهمها التوسع العمراني, والكثافة السكانية, فالقاهرة يزورها يوميا أكثر من3 ملايين مواطن من محافظات مصر المختلفة, وأيضا الباعة الجائلون والاختناق المروري يعيق حركة سيارات جمع القمامة, بالإضافة إلي سلوك المواطن نفسه, فالمخلفات التي ينتجها الشخص الواحد في اليوم هي من أعلي المعدلات العالمية وهي تقدرب2 كيلو في اليوم, فلو أسرة مكونة من5 أفرد هذا يعني10 كيلو يوميا, وأيضا الشركات الأجنبية التي بدأت منذ عام2003 والتي سوف تعمل لعام2017 وفقا لعقودها الموقعة, كانت في البداية تعمل بكفاءة وحدثت طفرة في نظافة القاهرة, فالقاهرة تحوي36 حيا وتعمل بها3 شركات أجنبية وشركات مصرية, في بداية هذه الشركات كانت المعدات جديدة والعمالة ماهرة, وبمرور الوقت ظهرت المشاكل وخصوصا بعد الثورة, لأن هذه الشركات لا تحصل علي مستحقاتها كاملة, وبالتالي قلت الكفاءة نظرا لعدم إنفاق هذه الشركات في شراء معدات جديدة, أو التأخر في عدم دفع الرواتب نتيجة لعدم وجود السيولة الكافية, فالشركات الأجنبية لديها مستحقات لدي الحكومة تقدر ب200 مليون جنيه, وبالتالي هي تعمل علي قدر ما تحصل عليه من مستحقات, فنحن كهيئة نرفع أكثر من15 ألف طن قمامة يوميا, بالإضافة إلي6 آلاف طن مخلفات مواد بناء ردش يوميا. ويري المهندس حافظ أنه لكي تستعيد القاهرة وجهها الجميل يجب أن يكون لكل حي شركة أو شركتان للنظافة, بدلا من احتكار ثلاث شركات لنظافة القاهرة التي تحتوي علي36 حيا.