فى أثناء إدلائى بصوتى فى الانتخابات فوجئت بامرأة فى الأربعينيات تصرخ فى وجه أحد منظمى اللجان الانتخابية.. اقتربت منهما لأفهم ما المشكلة التى جعلتها تثور بهذا الشكل؛ فقال مسئول اللجنة إن بطاقتها لا يجوز الانتخاب بها لأنها صادرة حديثا، وليس لها اسم فى كشوف الانتخابات وحاولت إفهامها ذلك، لكنها كانت مصرة على الإدلاء بصوتها، تعجبت من إصرارها، وظننت أنه حرصا منها على المشاركة فى هذا العرس الوطنى.. لحظات ووجدتها تولول «منين أجيب 500 جنيه غرامة دا احنا بنقضى عشانا نوم يا بيه.. هو اللى قال القانون ده ما عندوش رحمة»، تألمت مما قالته المرأة، وتساءلت هل سيتم تنفيذ هذا القرار أم أنه كان مجرد عامل محفز للتصويت؟! وهل وضع المسئولون عن هذا القانون فى حساباتهم هذه الفئة الفقيرة أم صاغوا القانون على عواهنه دون مرعاه لحال الناس وظروفهم المعيشية الصعبة، خاصة أهل الريف؟ ! نص القانون يقول: «يعاقب بغرامة لا تجاوز خمسمائة جنيه من كان اسمه مقيدا بقاعدة بيانات الناخبين وتخلف بغير عذر عن الإدلاء بصوته فى الانتخاب أو الاستفتاء».. ليس من المعقول أن تخير الحكومة المواطنين بين الغرامة والانتخابات، وكأنها تعاقبهم على عدم استخدام حريتهم فى اختيار من يمثلهم؟! ولأن شعورا بالقهر والإلزام تملك الناس قام أكثرهم بإبطال صوته قاصدا، بمعنى أن أصحاب هذه الأصوات حضروا الانتخابات لكنهم أبطلوا أصواتهم بوضع علامة (x) على الورقتين أو اختيار أكثر من مرشحين، فثبتوا حضورهم وفى الوقت نفسه لم يعطوا أصواتهم لأحد؛ لأنهم لا يعرفون الذى سينتخبونه، لقد شغل هذا القانون جموع المصريين خاصة )النتيين).. شاب (عاطل) يعلق على القانون قائلا: «هو احنا لاقيين ناكل علشان ندفع غرامة 500 جنيه! مش كفاية ظلم كل ما نطالب بحق يدفعونا فلوس.. كفاية ظلم ودفع فلوس.. نفسنا ناخد فلوس ولو مرة واحدة».. وآخر شعرت بمرارة كلماته وهو يشكو المشقة التى سيلقاها إذا ذهب للتصويت يقول: «يعنى أنا راجل شغال 10 ساعات واقف على رجلى بالليل أكمل عليهم وردية تانية 5 ساعات واقف فى اللجنة علشان الحكومة مش موفر لنا عدد لجان كافى.. ياريت كمان اللجنه جنب البيت.. وياريت أصلا معايا 500 جنيه أدفعهم. وهدد آخر بالقيام بثورة قائلا: «هنعمل ثورة لو خدوا مننا غرامات.. عشان أنا مش راضي عن ولا واحد أصلا وكلهم عايزيين كرسي وخلاص».. وتساءل شاب: «ازاى أتغرم والدولة مش مشغلانى بوظيفة ثابتة؟! هى الدولة عايزة تاخد فلوس وخلاص! السرقة وصلت لصوتى إللى هو الحاجة الوحيدة إللى بملكها؟!»، وعلقت فتاة تحت عنوان (فين الديمقراطية( البلد ذى ماهية.. أنا حرة.. وتقولوا النسبة 50% و60% وكل الحكاية إن الناس بتختار أى حد عشان خايفة بس من الغرامة.. أنا زهقت من التعامل ده إللى فى البلد.. تعامل الخوف والغصب..!»، هذه التعليقات غيض من فيض، لكن فى ظنى أنه بعد انتهاء الانتخابات سوف ينظر المسئولون فى هذا القانون لإلغائه.. وإن لم يفعلوا فسوف ندخل فى أزمة نحن فى غنى عنها. لحظة: لو كان الإخوان المسلمون يتخذون الدين ستارا للوصول إلى أهدافهم (كما يظن بعض المصريين) فإن الأيام المقبلة ستزيح هذا الستار.. [email protected] المزيد من مقالات على جاد