يلفت النظر في كتاب المجتمعات الديمقراطية وقواتها المسلحة.. إسرائيل في إطار مقارنة عدم وجود إجابة واضحة حول أية تساؤلات حول كيفية تعايش الديمقراطية في الداخل الإسرائيلي مع نهج توسعي وعدواني في الخارج. ومع أخذ هذين التحفظين في الاعتبار يظل هذا الكتاب يستوجب اهتمام من يريد أن يفهم تداخلات البنية العسكرية بالسياسة المدنية في الكيان الإسرائيلي, والتحولات التي طرأت علي هذه التداخلات في السنوات الأخيرة, سواء بعد انتهاء الحرب الباردة أم بعد مؤتمر مدريد وانطلاق عملية السلام في الشرق الأوسط, وعلي خلفية تراجع أسطورة الجيش الذي لا يقهر بدءا من حرب أكتوبر عام1973 ومرورا بالفشل في جنوب لبنان عام2000 والانسحاب دون قيد أو شرط ثم الفشل في قمع الانتفاضة الفلسطينية الأولي عام1987 والانتفاضة الفلسطينية الثانية عام2000 ووصولا إلي الفشل الأكبر في حرب يوليو تموز عام2006 أمام حزب الله وما أعقبه من فشل في عدوان غزة عام.2008 الكتاب ينقسم إلي أربعة أقسام يناقش الأول منها التغيرات التي حدثت في العقود الأخيرة علي جوهر العلاقة بين الجهاز العسكري والجهاز السياسي أو المدني عموما في الديمقراطيات بشكل عام, ونجد هنا بحثا لمفهوم الجيش ما بعد الحداثي والذي يقصد به وصف المرحلة التي تمر بها الجيوش الغربية في الوقت الراهن وهي مرحلة أعقبت مرحلتين سابقتين الأولي هي مرحلة الجيش الحديث التي ترافقت ونشوء الدولة القومية في القرن التاسع عشر واستمرت حتي نهاية الحرب العالمية الثانية أما الثانية فهي مرحلة الجيوش الحديثة المتقدمة, وقد امتدت طوال الحرب الباردة وتميزت بوجود السلاح النووي بشكل وضع حدودا لاندلاع الحروب الكبري بين الدول النووية. أما مرحلة ما بعد الحداثة للقوات المسلحة, وبحسب ما ورد في الكتاب فهي تمتاز بثلاث مميزات: الأولي هي التغيير في أهداف المهام العسكرية التي تنخرط هذه الجيوش فيها إذ ثمة ازدياد في نوعية المهام التي لم يكن بالإمكان اعتبارها مهمات عسكرية وفق المفهوم التقليدي للحروب( مهمات إنسانية, إغاثة, لاجئين, إلخ..) والثانية هي زيادة الاختراق المدني للهيكل العسكري ومشاركة شرائح وخبراء مدنيين ليس لديهم إعداد وتدريب عسكري في مهمات تقوم بها الجيوش والثالثة هي: انخراط الجيوش في قوات متعددة الجنسيات تكون القيادة والسيطرة عليها خاضعة لمرجعيات تتجاوز الدولة الأم! وغدا نستكمل القراءة خير الكلام: قل الحق ولو كان مرا عندما يخرج من فمك! المزيد من أعمدة مرسى عطا الله