فن البقاء في ظل الإحتلال ومحاولة الإنحناء أمام عواصف الأمر الواقع, إنها بإختصار حالة' فلسطينيو48' أثناء توجههم للمشاركة في الإنتخابات البلدية( المحلية)في إسرائيل الثلاثاء الماضي. فوسط إقبال قدره وزير الداخلية الإسرائيلي بنسبة43%, جرت في أنحاء إسرائيل الانتخابات البلدية, حيث تم إنتخاب رؤساء وأعضاء جدد لإدارة شئون الحياة اليومية للمواطنين. وتركزت برامج المرشحين الإنتخابية علي حمل هم المواطنين وضرورة تقديم الخدمة اللائقة لهم, والسعي لتلبية رغبات المواطن في رفع مكانة التربية والتعليم والتركيز علي قضايا الأرض والمسكن.وقد جرت الانتخابات في المدن والقري العربية في الأراضي العربية المحتلة هذه المرة في ظل حالة من التوتر والترقب الحذر. وبالنسبة ل'فسطينيي48', فإن الانتخابات المحلية تتعلق بالمحافظة علي الخصوصية الثقافية والهوية العربية للتجمعات السكانية العربية. ولهذا السبب تعتبر هذه الانتخابات أكثر أهمية وجذبا من إنتخابات البرلمان' الكنيست'. وهناك من يري أن المجتمع العربي في إسرائيل بات يدرك أنه يتذيل هامش العمل السياسي الإسرائيلي. وبوجه عام تتسم الإنتخابات بين صفوف العرب بأن المواجهة في الانتخابات البلدية تكون في القري الصغيرة في إطار صراع بين العائلات الكبري حول الزعامة في القرية. ولكن تختلف عوامل المنافسة في التجمعات السكانية الكبيرة في المجتمع العربي, فتأخذ طابع يتعلق بشكل أكبر بتحسين البني التحتية وتقديم الخدمات, كالتعليم والثقافة. وبالتالي فهناك مناطق شهدت منافسات بين المرشحين العرب عن طريق تحالفات عائلية باستثناء عدد من القري والمدن التي تنافس فيها مرشحون عن التيارات السياسية الفاعلة في أوساط فلسطينيي عام.48 أما المدن الساحلية والمختلطة( يسكنها الفلسطينيون العرب واليهود) وهي يافا, اللد, الرملة, حيفا, عكا ونتسيرت عليت, فقد حملت البرامج الإنتخابية للقوائم المرشحة للانتخابات ملامح مختلفة, تركز بالأساس علي هم المواطنين العرب في تلك المدن وخاصة فيما يتعلق بالجهود المبذولة لوقف مخططات السلطة البلدية في مساعيها للتخلص من العرب, وسط دعوات الكثير من القوائم اليهودية المتطرفة لطرد العرب منها, فيما تعمل البلديات, وخصوصا في يافا واللد والرملة, علي تهويد الأحياء العربية, وربط مصير المواطن العربي بالسوق العقارية فضلا عن وجود مئات أوامر الإخلاء للمنازل العربية فيها. وفي حيفا علي سبيل المثال, تضمن برنامج احد المتنافسين علي كرسي رئاسة البلدية العمل علي تنظيف حيفا من سكانها العرب!! وفي القدسالشرقية حيث يوجد مايقرب من300 ألف فلسطيني من المدينة المقدسة والقري المجاورة, يتمتعون بحق الإقتراع في الإنتخابات البلدية بعد أن صنفتهم قوات الإحتلال تحت بند' مقيمين', بدا أثر المقاطعة العربية للإنتخابات واضحا في ظل التمسك بالمقاطعة منذ إحتلال المدينة عام.1967 ويتمسك العرب بالمقاطعة في القدس لعدم إعترافهم بسلطة إسرائيل في القدسالشرقية, وإلي معارضة قيادة السلطة الفلسطينية والفصائل الموجودة هناك لأي مشاركة في التصويت والترشح للإنتخابات خشية أن تؤدي المشاركة في الإنتخابات إلي منح الشرعية للإحتلال الإسرائيلي في القدس. ويعاني سكان القدس العرب من الإهمال ومن المضايقات و التضييق عليهم لإستبعادهم من المدينة نتيجة للإمتناع عن التعاون مع سلطات الإحتلال.وقد بدا من الواضح أن هناك خيبة أمل لدي المجتمع العربي في إسرائيل من ممثليه في الكنيست, الذين يفضلون التركيز علي الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني, مهملين ضائقة السكان العرب في إسرائيل. وأدي تفاقم الظاهرة في السنوات الأخيرة إلي البحث عن مرشحين يعملون علي تحسين حياة السكان العرب وإنقاذهم من المضايقات الإسرائيلية وحمايتهم من الفقر والتشريد. وفيما يتعلق بنتائج القدس, فاز رئيس البلدية الحالي, نير بركات, بولاية جديدة. وسيستمر بركات اليهودي صاحب الواجهة غير المتشددة والمدعوم من اليسار في قيادة المدينة. وجاء فوز بركات ليظهر إخفاق أفيجدور ليبرمان رئيس' إسرائيل بيتنا', وآرييه درعي رئيس' حركة شاس', اللذين دعما موشيه ليئون(ليكود) المرشح الأكثر تشددا. وهكذا جاء المشهد الإنتخابي في إسرائيل ليؤكد مدي الحاجة لتوحيد الصف الفلسطيني للحفاظ علي الحقوق العربية ومواجهة الإحتلال وسياساته ومراوغاته.