بعض الناس يقع عليهم ظلم فيضربون عن الطعام, فما حكم الدين في ذلك؟ أجاب عن هذا التساؤل الذي ورد إلي لجنة الفتوي بالأزهر الدكتور سعيد عامر, أمين عام اللجنة, قائلا: ليس في الإسلام ما يسمي الإضراب عن الطعام أو الشراب لتحقيق غرض من الأغراض الشخصية. والإضراب وسيلة سلبية يجب ألا يأخذ بها أحد, والوسائل المشروعة كثيرة. ومن سلك هذا المسلك فقد أضر نفسه بالجوع والعطش في غير طاعة, والحديث معلوم (لا ضرر ولا ضرار), (ولا تلقوا بأيديكم إلي التهلكة) (سورة البقرة:195). ومن مات بهذا الإضراب يكون منتحرا, والانتحار من كبائر الذنوب, فمن استحله كان كافرا, قال الإمام القرافي: (لو منع من نفسه طعامها وشرابها حتي مات فإنه آثم قاتل لنفسه), والانتحار وقتل الإنسان نفسه بطريقة مباشرة أو غير مباشرة لأي غرض من الأغراض واليأس الذي يحمل نسبة كبيرة علي الانتحار أساسه عدم الإيمان بطبيعة الحياة, وبقانون الحياة الذي لابد أن ينفذ رضيت أم كرهت. ونقول لمن يؤمنون بالله واليوم الآخر إن أمر الحياة بيد الله وحده, يصرفه كيف يشاء, فهو القائل سبحانه وتعالي: (قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك علي كل شيء قدير) (سورة آل عمران:26), فالحياة دار امتحان واختبار, والواجب هو الصبر علي الشدائد, قال سبحانه وتعالي: (ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين* الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون* أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون) (سورة البقرة:155 157), وهذا الإيمان هو الذي أرشد الله إليه رسوله الكريم عندما كان يضيق صدره بما يقول فيه قومه وعندما كادت نفسه تتقطع أسفا علي موقف قومه منه, فقال الله تعالي: (فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل ولا تستعجل لهم) (سورة الأحقاف:35). ونقول للمؤمن الذي تصادفه أزمة من الأزمات عليه أن يعلم أنه ليس وحده المستهدف بهذا الامتحان فقد سبقه المصطفون الأخيار من الرسل الكرام, وهو ثمن للدرجة الرفيعة والمنزلة العالية, قال الله عز وجل: (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتي يقول الرسول والذين آمنوا معه متي نصر الله ألا إن نصر الله قريب) (سورة البقرة:214), وليعلم المؤمن أن اليأس ليس من الإيمان, والإضراب ليس سبيل العقلاء والحكماء, وليضع المؤمن أمامه هذه الحقيقة (فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا) (سورة الشرح), وإذا ضاقت بك الأحوال يوما فثق بالواحد الأحد العلي القدير.