في إطار الجهود الأمريكية المستمرة لاحتواء الغضب العالمي إزاء كشف الستار عن موجة جديدة من فضائح التجسس, أكد جيمس كلابر مدير المخابرات الأمريكية أن التقارير التي نشرتها صحيفة لوموند الفرنسية حول تجسس بلاده علي فرنسا تتضمن معلومات غير دقيقة ومضللة. ونقلت صحيفة جلوبال بوست الأمريكية عن كلابر تأكيده أن المعلومات التي تتهم وكالة الأمن القومي الأمريكية بجمع أكثر من70 مليون تسجيلا لمحادثات هاتفية لمواطنين فرنسيين خاطئة تماما. وأوضح كلابر الذي يرأس16 وكالة مخابراتية أمريكية أنه لن نذكر أي تفاصيل حول أنشطتنا, لكن أمريكا تجمع معلومات ومواد مخابراتية من نفس النوع الذي تجمعه كل الدول. وشدد علي أن الولاياتالمتحدة تجمع معلومات بهدف حماية مواطنيها ومصالحهم, بل وحماية حلفائها أيضا من التهديدات الإرهابية أو من انتشار أسلحة الدمار الشامل. كما تولي اهتماما كبيرا لصداقتها الطويلة مع فرنسا. وأنها ستواصل التعاون معها في مجال الأمن والمخابرات. وسيطرت فضيحة التجسس الأمريكية علي كل المحافل السياسية والدبلوماسية الدولية, فقد تصدرت قضية التجسس الأمريكي علي شبكات الاتصال الهاتفي الإيطالي داتاجيت, ومدي انتهاك واشنطن لخصوصية مواطنيها, المحادثات الثنائية الأمريكي- الإيطالية بقصر رئاسة الحكومة في قصر كيجي بروما, والتي جمعت بين رئيس مجلس الوزراء الإيطالي إنريكو ليتا, ووزير الخارجية الأمريكي جون كيري, وبحضور وزيرة الخارجية الإيطالية ايما بونيو. وفي الوقت ذاته, لم يكتف الجانب الفرنسي بمطالبة واشنطن بتقديم توضيح لتفاصيل أنشطة التجسس ضد مواطنيه, بل سعي أيضا لتصعيد الأزمة لمستوي دولي رسمي, حيث أكد رئيس الوزراء الفرنسي جان مارك ايرو أن باريس تضغط لإدراج فضيحة تجسس الولاياتالمتحدة علي حلفائها الأوروبيين علي جدول أعمال القمة الأوروبية في بروكسل اليوم. ووصف إيرو ما نشرته صحيفة لو موند الفرنسية عن عمليات تجسس علي نطاق واسع لوكالة الأمن القومي الأمريكي علي مواطنين فرنسيين بأنها خطيرة وصادمة, مشددا علي أن أوروبا في حاجة للتوحد للتفاوض مع الجانب الأمريكي. وأشار في بيان أمام البرلمان الفرنسي أن الرئيس فرانسوا أولوند طلب إضافة الموضوع إلي جدول أعمال القمة الأوروبية, مؤكدا أن هذا ليس مطلبا فرنسيا فحسب بل أيضا طلبا أوروبيا وأنهم بحاجة لحماية أنفسهم. ولم يتضح بعد ما إذا كان شركاء فرنسا الأوروبيون سيوافقون علي بحث أنشطة التجسس الأمريكية بشكل رسمي خلال اجتماعهم اليوم أم لا. ولا يوجد اتفاق يذكر في الرأي بين دول الاتحاد الأوروبي علي مواجهة الولاياتالمتحدة بخصوص القضية نظرا لأن معظم هذه الدول تتعاون عن كثب مع واشنطن في قضايا المخابرات. ومن المتوقع أن تركز القمة التي ستعقد علي مدي يومين سبل تعزيز الاقتصاد الرقمي. وفي رد فعل غاضب من جانب أمريكا اللاتينية, أعلنت المكسيك فتح تحقيق شامل في ادعاءات التجسس من جانب وكالة الأمن القومي الأمريكية علي السلطات المكسيكية. وقال وزير الداخلية المكسيكي ميجيل أنخل أوسوريو إنه سيتم اتباع جميع خطوط التحقيق المحتملة لتحديد ما إذا كان هناك تجسس قد تم علي الرئيس المكسيكي السابق فيليبي كالديرون(2006-2012) والرئيس الحالي إنريكي بينا نيتو ومساعديهما. وبخلاف ما تنطوي عليه تلك الخطوة من إدانة علنية للتجسس المحتمل, فإن هذا الإعلان يعد أول خطوة ملموسة من جانب السلطات المكسيكية ردا علي التجسس المفترض. وذلك في أعقاب إعلان وزير الخارجية المكسيكي خوسيه انطونيو ميادي استدعاء السفير الأمريكي لديها. ومن ناحيتها, واصلت صحيفة لوموند الفرنسية فضح أنشطة التجسس الأمريكية علي فرنسا, حيث أكدت حصولها علي وثائق تظهر أن جهاز الخدمة السرية الأمريكية وضع برامج مبتكرة للغاية للقيام بعمليات التنصت التقليدية. وأضافت أن الوثائق تشرح وبالتفصيل استخدام وكالة الأمن القومي الأمريكي وعلي نطاق واسع لتقنيات الكترونية حديثة للتجسس علي المصالح الدبلوماسية الفرنسية في الأممالمتحدة في نيويوركوواشنطن. وذكرت( لوموند) أن تلك المذكرة المكونة من صفحتين والمؤرخة في العاشر من سبتمبر2010, هي عبارة عن وثيقة تقنية داخلية مصنفة سرية للغاية للعاملين بالوكالة الأمريكية الذين يقومون وبشكل يومي باستخدام أدوات الاعتراض التي تمتلكها الوكالة الأمريكية.