بالرغم من خبرتها الواسعة في عالم الاقتصاد وحصولها علي عدة مناصب في عدد من البنوك الأمريكية بينما جانيت يلين لم تحصل علي فرصتها الحقيقة حتي جاء الرئيس باراك أوباما في واحد من أكثر الأوقات حرجا في تاريخ أمريكا, حينما كان شبح الإفلاس يخيم عليها, ليدفع بها لتولي منصب رئيسة البنك الاتحادي الفيدرالي فتحصد موافقة شبه جماعية, بل ويتنبأ عدد من السياسيين والاقتصاديين بأنها سوف تتبوأ مكانة رفيعة علي عرش الاقتصاد العالمي في المستقبل القريب وستحصد مركزا متقدما علي كل من رئيسة وزراء ألمانيا ميركل, وديلما روسيف الرئيسة البرازيلية. إنها مؤهلة لهذا الدور تماما.. فسياستها النقدية سليمة للسيطرة علي التضخم ولتأمين وظائف أيضا.. تلك العبارة هي التي استهل بها أوباما في وصفة جانيت يلين ثم أخذ يشيد بها وبسياستها الاقتصادية التي يري أن الولاياتالمتحدة في أشد الحاجة إليها في ذلك التوقيت تحديدا لتجاوز المحنة الاقتصادية التي تمر بها البلاد. وطبقا لما ذكرته صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية أن اختيار أوباما ليلين لم يكن الأول, بل كان وزير الخزانة السابق لورنس سمرز, لكن واجه هذا الخيار معارضة شديدة من جانب الديمقراطيين وانتقادات جاءت في مقدمتها سياساته غير القوية في مجال تنظيم العمل المصرفي, وحينما أعلن أوباما عن خياره الثاني الذي تمثل في يلين فقد وجد ترحيبا ودعما قويا من جانب الحزب, كما وجد استحسانا من قبل عدد كبير من السياسيين والاقتصاديين والإعلاميين أيضا, وذلك لأنها المسئولة الأطول خدمة في بنك الاتحادي الفيدرالي بعد أن عملت لأكثر من أربعة عقود به إلي جانب أنها عملت كنائبة للرئيس الحالي للبنك بن برنانكي الذي تشبعت من أفكاره وسياساته إلي جانب امتلاكها الخبرات اللازمة لتقلد مثل ذلك المنصب لذا فمن المتوقع أنها ستواجه معارضة أقل في مجلس الشيوخ, وستنتهي فترة رئاسة بن برنانكي في31 يناير المقبل, التي استمرت ثماني سنوات فقد رشحه لذلك المنصب عام2006 الرئيس الأمريكي جورج بوش ثم جدد له أوباما عام2010 ويذكر أن بيرنانكي ساعد علي إخراج الاقتصاد الأمريكي من أسوأ الأزمات المالية. ويؤكد المحللون أن يلين لا تواجه عقبات صعبة في الفوز بموافقة الكونجرس علي ترشيحها وذلك لأن أي معارضة من قبل الجمهوريين لترشيحها ستضع الحزب في موقف حرج, حيث سيبدو بمظهر المعارض لأي إجراءات, كما سيبدو معارضا لأحقية المرأة في تولي ذلك المنصب, خاصة بعد أن طغت الأجواء الإيجابية علي الأسواق عقب إعلان أوباما عن ترشيح يلين وارتفاع مؤشرات البورصة, فأكثر ما يعرف عن سياسة يلين الاقتصادية أنها تهتم بمخاطر ارتفاع معدلات البطالة أكثر من تفشي التضخم, الأمر الذي اتضح من خلال كتاباتها, وهو ما يعني أنها ستكون أكثر شراسة من بن برنانكي في صنع سياسات من شأنها أن تحقق أقصي درجة من إيجاد فرص عمل في الولاياتالمتحدة. جانيت لويز يلين67 عاما ولدت لأسرة يهودية في بروكلين إحدي مدن ولاية نيويوركالأمريكية. درست في مدرسة فورت هاملتون بها ثم تخرجت بامتياز مع مرتبة الشرف في جامعة براون وحصلت علي شهادة البكالوريوس في الاقتصاد عام1967, ثم حصلت علي درجة الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة يال عام1971 وتدربت علي الحياة العملية علي يد جيمس توبين الحائز جائزة نوبل للاقتصاد عام.1981 شغلت يلين عددا من المناصب المهمة في مجال الاقتصاد والتي أثبت من خلالها نجاحها الهائل في المجال كان أولها تدريسها في جامعة هارفارد الأمريكية لمدة خمسة أعوام, وفي العام1977, دخلت للعمل في الاحتياطي الفيدرالي ضمن مجموعة باحثين اقتصاديين يقدمون تحاليل وإحصاءات للهيئة الإدارية للبنك المركزي وبقيت هناك سنتين حيث التقت زوجها جورج اكيرلوف. وفي العام1980 عادت يلين إلي التعليم في جامعة كاليفورنيا إلي أن اختارها الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون لتصبح أحد أعضاء مجلس إدارة البنك الاحتياطي في1994 وبعد إثبات نجاحها كإحدي العقليات المتميزة في اتخاذ القرارات الاقتصادية بحكمة مشهود بها ففي1997 طلب منها كلينتون تولي رئاسة المستشارين الاقتصاديين في البيت الأبيض حتي.1999 وفي عام2004 عادت يلين إلي الاحتياطي الفيدرالي حيث شغلت منصب الرئيس والرئيس التنفيذي فرع البنك في سان فرانسيسكو حتي عام2010, وفي العام نفسه تولت يلين منصب نائبة رئيس مجلس إدارة البنك المركزي الاتحادي الفيدرالي وها هي الآن تمشي بخطي ثابتة تجاه منصب رئيس البنك لتصبح بذلك أول امرأة تتولي هذا المنصب. لاشك أنه في حصول جانيت يلين علي ذلك المنصب المرموق سوف يكون خطوة مهمة تجاه سير المرأة علي الدرب الصحيح وأحقيتها في تولي أعلي وأهم المناصب السياسية والاقتصادية مادامت كفئا لها, كما أنها ستكون فرصتها الذهبية لوضع اسمها بين سطور التاريخ الأمريكي أو علي أسوأ الأحوال سوف تضعه بين أعلي الأرصدة البنكية وذلك لأن الراتب السنوي لرئيس الاحتياطي الفيدرالي يبلغ199 ألفا و700 دولار مما يعني أنه خلال أربع سنوات سوف تحصل علي مبلغ لا بأس به سوف يضاف إلي ثروتها هي وزوجها وابنها الوحيد التي طبقا لما ذكرته وكالة بلومبرج الإعلامية تتراوح ما بين4 ملايين و7 ملايين دولار.