نقيب المحامين يقرر صرف 500 جنيه منحة استثنائية بمناسبة عيد الأضحى المبارك    انضباط وهدوء بلجان كليات العلوم وطب الأسنان والتمريض بجامعة قناة السويس    تراجع عجز في الميزان التجاري لمصر بنسبة 38.6% خلال مارس 2025    البنك الزراعي المصري يعيد افتتاح فرعه الإسلامي بالمهندسين بعد تطويره    أبو شقة يطالب بقانون موحد للاقتصاد الأزرق وتشديد العقوبات    «الاتصالات» تتعاون مع «التضامن» لإطلاق مشروع التطوير المؤسسى الرقمى للجمعيات والاتحادات الأهلية    بيان روسي: إسقاط 162 طائرة مسيرة أوكرانية خلال 24 ساعة    الخارجية الإيرانية: خطوط إيران الحمراء ستكون أساس ردنا على المقترح الأمريكي    رسميًا.. الأهلي يعلن ضم سيحا من المقاولون العرب    ياسر ريان: فوز بيراميدز بدوري الأبطال إنجاز وإعجاز.. والشناوي كان كلمة السر اليوم    بى بى سى توقف بث مقابلة مع محمد صلاح خوفا من دعم غزة.. اعرف التفاصيل    بسبب التشكيل.. تعليم المنوفية: احتساب إجابة سؤال ثورة 23 يوليو بالدراسات الاجتماعية للشهادة الإعدادية    مصرع شقيقين مسجلين خطر في تبادل لإطلاق النار مع الشرطة بقنا    تجهيز 5817 مسجدا وساحة لصلاة عيد الأضحى في الشرقية    «لا أشعر بالأمان من بعدك».. رانيا محمود ياسين تحيي ذكرى ميلاد والدها بكلمات مؤثرة    «التمثيل في مصر كان حلم».. أول تعليق من مينا مسعود بعد فيلم «في عز الضهر»    "الأونروا": لا أحد أمنا أو بمنأى عن الخطر في قطاع غزة    مسئول الأمن بفرع ثقافة الأقصر يدلي بأقواله أمام جهات التحقيق فى واقعة التنقيب عن الآثار    وزير الصحة: ارتفاع متوسط أعمار النساء في مصر إلى 73 عاما    الأتوبيس الترددي في مصر.. مستقبل النقل النظيف والعصري بالعاصمة    "استبعاد بيبو".. الاتحاد السكندري يعلن قائمته للدوري الأفريقي لكرة السلة    ترتيب الكرة الذهبية بعد فوز باريس سان جيرمان بدوري الأبطال.. مركز محمد صلاح    إنتر ميلان يضع مدرب فولهام ضمن قائمة المرشحين لخلافة إنزاجي    تحكي تاريخ المحافظة.. «القليوبية والجامعة» تبحثان إنشاء أول حديقة متحفية وجدارية على نهر النيل ببنها    ضمن الاحتفال بيوم البيئة العالمي 2025.. «فؤاد» تفتتح معرض «إعادة التدوير»    محمد ابراهيم سليمان مديرًا للمراجعة الداخلية والحوكمة بالأوقاف    ميراث الدم.. تفاصيل صراع أحفاد نوال الدجوى في المحاكم بعد وفاة حفيدها أحمد بطلق ناري    الحكم على المنتجة ليلى الشبح بتهمة سب وقذف الفنانة هند عاكف 23 يونيو    «التضامن»: انطلاق معسكرات «أنا وبابا» للشيوخ والكهنة لتعزيز دور رجال الدين في بناء الأسرة المصرية    أزمة المعادن النادرة تفجّر الهدنة التجارية بين واشنطن وبكين    مصادر طبية فلسطينية: 35 قتيلا بنيران إسرائيلية قرب مراكز المساعدات خلال الساعات ال 24 الأخيرة    الجلاد: على مسؤوليتي.. تغيير 60 % من أعضاء "مستقبل وطن" بالبرلمان المقبل    آن ناصف تكتب: "ريستارت" تجربة كوميدية لتصحيح وعي هوس التريند    دعاء للأم المتوفية في العشر الأوائل من ذي الحجة «ردده الآن» ل تضىيء قبرها    توريد 169 ألفا و864 طنا من محصول القمح لصوامع وشون سوهاج    رئيس الوزراء يُتابع جهود اللجنة الطبية العليا والاستغاثات خلال شهر مايو الماضي    تفاصيل مظاهر احتفالات عيد الأضحى عبر العصور    تعليم دمياط يطلق رابط التقديم للمدارس الرسمية والرسمية لغات    السعودية: أخرجنا أكثر من 205 آلاف شخص من مكة حاولوا الحج بلا تصريح    المدير التنفيذي: أنجزنا 99% من مشروع حدائق تلال الفسطاط    هيئة الشراء الموحد: إطلاق منظومة ذكية لتتبع الدواء من الإنتاج للاستهلاك    وزير الصحة: 74% من الوفيات عالميًا بسبب الإصابة بالأمراض غير المعدية    الخانكة التخصصي تنقذ حياة رضيعة تعاني من عيب خلقي نادر    المخابرات التركية تبحث مع حماس تطورات مفاوضات الهدنة في غزة (تفاصيل)    22 سيارة إسعاف لنقل مصابي حادث طريق الإسماعيلية الدواويس    حكم الأخذ من الشعر والأظفار لمن أراد أن يضحي؟.. الإفتاء تجيب    «من حقك تعرف».. ما إجراءات رد الزوجة خلال فترة عِدة الخُلع؟    تكريم الفائزين بمسابقة «أسرة قرآنية» بأسيوط    رئيس التشيك: نأمل في أن تواصل قيادة بولندا العمل على ترسيخ قيم الديمقراطية    منافس الأهلي.. بالميراس يفرط في صدارة الدوري البرازيلي    بركات: بيكهام مكسب كبير للأهلي ووداع مستحق لمعلول والسولية    مجلس الأمن الأوكرانى : دمرنا 13 طائرة روسية فى هجوم على القواعد الجوية    الرئيس السيسي يهنئ مسلمي مصر بالخارج بحلول عيد الأضحى المبارك    موعد عودة الموظفين للعمل بعد إجازة عيد الأضحى المبارك 2025    زلزال بقوة 6.3 درجة يضرب قبالة سواحل هوكايدو شمالي اليابان    4 أبراج تتسم بالحدس العالي وقوة الملاحظة.. هل أنت منهم؟    أمين الفتوى: صلاة الجمعة لا تتعارض مع العيد ونستطيع أن نجمع بينهما    رئيس حزب الوفد في دعوى قضائية يطالب الحكومة برد 658 مليون جنيه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في جدوي مجلس الشوري!
نشر في الأهرام اليومي يوم 26 - 10 - 2013

ضمن مواد عديدة لعل أهمها نسبة تمثيل العمال والفلاحين في البرلمان, ونظام التصويت الانتخابي, يدور الجدل الآن داخل لجنة الخمسين حول مستقبل مجلس الشوري( الغرفة الثانية في البرلمان المصري) في الدستور الجديد وهل يستمر قائما كما كان في ظل دستور1971 أم لا؟.
ولعل الجميع لايزالون يذكرون كيف جرت انتخابات مجلس الشوري الماضية في ظل هدوء قاتل يكشف عن عدم اكتراث عام من المصريين في الداخل والخارج, فضلا عن عدم انتباه غيرهم, إلي درجة تثير الشكوك في جدوي هذا المجلس الذي ننادي هنا بضرورة إلغائه لعدة دوافع منها ثلاثة أساسية:
الدافع الأول سياسي يتعلق بعدم فاعلية هذا المجلس الذي لم يعرف عنه دور تشريعي مميز, وما كان له سوي دور استشاري محدود لايستحق الصيت السياسي الذي يتمتع به, والصخب الكبير المحيط به, خصوصا بعد أن سحبت منه مهمة كبري لعلها كانت الأكثر أهمية بين مهامه المحدودة وهي الإشراف علي المؤسسات الصحفية القومية الكبري منها والصغري, وهي المهمة التي يفترض أن تؤول إلي مجلس وطني للإعلام يشرف علي هذه المؤسسات مع التليفزيون الرسمي بحسب الدستور الجديد. بل وحتي هذه المهمة الكبيرة نفسها والتي كانت له في الماضي, ربما كانت كذلك ظاهريا فقط, ذلك ان قرارات تعيين رؤساء تلك المؤسسات سواء في الإدارة أو التحرير, وهي المكون الأكبر في تلك المهمة, كانت تخرج من المجلس, ممهورة بتوقيع قيادته رسميا, غير أن اختيارهم الفعلي كان يخضع لتجاذبات مؤسسات الدولة الأخري الأمنية والسيادية, بل ربما جاز القول أن دور المجلس فعليا علي هذا الصعيد كان أقل الأدوار بين تلك المؤسسات جميعا.
أما الدافع الثاني فمادي, حيث التكلفة المادية الكبري لانتخاب هذا المجلس والإنفاق عليه وتلبية امتيازات أعضائه, فالتكلفة المادية للانتخابات الأخيرة لم تقل في أقل التقديرات التي صدرت آنذاك عن اللجنة العليا عن نصف المليار, بينما ارتفعت في تقديرات أخري إلي نحو المليار جنيه. فإذا ما أضفنا إلي ذلك التكلفة الإدارية المتعلقة بمصروفات الإنفاق الشهري الجاري علي هذا المجلس من مرتبات ومكافآت وامتيازات للأعضاء أنفسهم, وكذلك, أجور ومكافآت الموظفين والإداريين الذين تضخمت أعدادهم إلي درجة كبيرة حيث تحول المجلس علي مدي زمني طويل إلي باب خلفي للمجاملات حيث التعيينات غير المبررة, تبدي حجم التكلفة المادية الكبيرة لهذا المجلس إلي درجة تجعل منه عبئا كبيرا علي الموازنة المصرية خصوصا إذا ما وضعنا في الاعتبار حجم المآزق الاقتصادية الكبيرة التي تمر بها مصر وتجعل وضعها المالي صعبا إن لم يكن خطيرا.
وأما الدافع الثالث والأهم فتاريخ يتعلق بفلسفة تشكيل ما يسمي بالغرفة البرلمانية الثانية في سياق تطور المجتمعات الديمقراطية العريقة وهو الأمر الأكثر أهمية هنا, إذ يتعلق إما بنمط التطور التاريخي الخاص لهذه المجتمعات, أو بالتصدي لمشكلات واقعية تعاني منها. فعلي سبيل المثال نجد أن مجلس اللوردات في انجلترا كان محاولة عملية للتوفيق بين نزعتين متناقضتين في نمط التطور الجتماعي والسياسي الانجليزي: الأولي هي النزعة الديمقراطية الجديدة والعارمة منذ ثورة كرومويل منتصف القرن السابع عشر, وهي نزعة مساواتية تؤمن بحق الفرد أيا كان في التعبير عن رأيه, الأمر الذي وصل ذروته مع نهاية الحرب العالمية الأولي إلي القاعدة الأثيرة في النظام الديمقراطي التمثيلي( صوت لكل مواطن), فلم تعد المرأة, ولا غير دافعي الضرائب مستثنين من العملية الديمقراطية. أما الثانية فهي النزعة الأرستقراطية الموروثة, وهي نزعة كانت تعتقد في تمايز الأفراد لاعتبارات طبقية ومعرفية, كانت تسبق الاعتبارات السياسية, الأمر الذي كان يقتضي إعطاء درجات أهمية مختلفة لإرادة المواطنين, بين هؤلاء وأولئك, ومن ثم اعطاء الأهمية نفسها لطبيعة تمثيلهم في النظام السياسي. وبينما عبر مجلس النواب البريطاني عن النزعة الديمقراطية المتنامية, فقد جسد مجلس اللوردات النزعة الأرستقراطية الموروثة, ولذا كانت له خصوصية في طريق تشكيله ونوعية أعضائه تعويلا علي أصولهم الاجتماعية أو مكانتهم العلمية.
أما مجلس الشيوخ الأمريكي فيعكس الحاجة الواقعية لتحقيق التوازن داخل نظام سياسي( اتحادي) لا مركزي, فهناك خمسون ولاية اتحدت في نظام فيدرالي ولا ترغب في فقدان هويتها الإقليمية داخل النظام المركزي. ومن ثم مثلت صيغة المجلسين هناك حلا توفيقيا لهذه الحاجة السياسية. فثمة مجلس الشيوخ يحقق رغبة هذه الولايات في الشعور بالندية والتكافؤ مع غيرها من الولايات عن طريق التمثيل بعضوين لكل منها مهما كان التباين في المساحة وعدد السكان والأهمية الاقتصادية, وثمة مجلس النواب يحقق الرغبة العكسية في الاتحاد والتآلف والمركزية من خلال تمثيل نسبي ديمقراطي يراعي هذه الأبعاد.
وعلي العكس من الحالتين يأتي مجلس الشوري في مصر, إذ لا توجد النزعة الأرستقراطية الإنجليزية التي تتسق والروح الملكية بل نزعة مساواتية كاملة يعبر عنها نظام جمهوري واضح. ولا يوجد اختلاف واضح في طريق تشكيله عن مجلس الشعب حيث طريقة الانتخاب ومقومات العضوية واحدة, حتي أننا نجد مرشحا يفشل في انتخابات الشعب سرعان ما يرشح نفسه للشوري, والعكس صحيح. كما لا توجد تلك الحاجة الواقعية الأمريكية للتوفيق بين الفيدرالية والمركزية, فمصر ليست فقط دولة مركزية بل هي أصل ومنوال المركزية في التاريخ الإنساني كله, ومن ثم لا يفرض علينا تاريخنا ولا جغرافيتنا ضرورة وجود هذا المجلس كغرفة برلمانية ثانية. وإذا كانت هناك حاجة واقعية يتحدث عنها البعض لوجود قامات معرفية وشخصيات عامة في البرلمان لا تستطيع خوض الانتخابات عمليا, فمن الممكن حل تلك المعضلة بالنص الدستوري علي تعيين خمسين شخصية عامة بمجلس الشعب من ذوي الاستحقاق القادرين علي إثراء النقاش داخلة, مما يوفر الوقت والجهد لأن آراءهم ستكون محل اعتبار مباشر من الآخرين وهم بصدد تشريع القوانين بدلا من انتظار مراجعتها بعد سنها, وتلك ميزة إضافية توفر الوقت وتزيد الفعالية. وهنا يتبدي سخف الفكرة القائلة بنغيير مسمي المجلس من الشوري إلي الشيوخ حسبما كان الأمر في ظل العهد الملكي, فالمعضلة ليست في المسمي بل في الأدوار والمهام, وفي طبيعة الأهداف والمثل السياسية المبتغاة.
لمزيد من مقالات صلاح سالم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.