في الوقت الذي قاربت فيه لجنة الخمسين من الانتهاء من اعداد المسودة الأولية للدستور ويتوقع عرضها علي رئيس الجمهورية في نهاية نوفمبر المقبل إلا أنه مازال الجدل مستمرا حول نصوص الدستور ومنها الخاصة بالسلطة القضائية, ولذا توجهنا للمستشارة نجوي صادق نائب رئيس النيابة الإدارية للوقوف علي ملاحظاتها وتحفظاتها حول مواد السلطة القضائية بالدستور والتي أكدت في حوارها أن مسودة الدستور أهدرت الضمانات التي تمنع تغول السلطة التشريعية والتنفيذية بالسلطة القضائية. حيث ان نصوص ذلك الباب خلت من النص علي لزوم موافقة المجالس القضائية العليا علي تعديلات قوانيها, ولم تنص ايضا علي تحديد سن التقاعد لحرية القضاء حتي لا نجعل مسألة السن خاضعة للترحيب أو الترغيب بالاضافة الي تفاصيل أخري في هذا الحوار. ما رأيك في مواد السلطة القضائية الواردة بمسودة الدستور والتي تناقشها لجنة الخمسين حاليا؟ - لا شك أن لجنة العشرة هي مشكلة من قضائيين وقانونيين متعمقين وآتت نصوصا مقبولة لحد ما بشأن السلطة القضائية. ولكن علي الرغم من ذلك لي تحفظات علي بعض النصوص التي وردت بمسودة الدستور ونأمل أن تكون محل نظر لجنة الخمسين عند وضع مشروع الدستور الجديد, حيث كان يجب علي مسودة الدستور أن تهتم بالضمانات التي تحقق استقلال القضاء وأن تولي المبادئ والمعايير والمواثيق الدولية ذات الصلة بذلك الشأن أهمية كبري إلا أن النصوص خلت من تلك المبادئ وبالتالي سنجد أي معايير وضمانات استقلال القضاء لم تراع بدرجة الكمال المطلوبة. ما هي المعايير وما مصدرها؟ بشأن معايير القضاء التي يجب توافرها في النصوص الخاصة بالقضاء والتي يجب أن نفخر أن مصدرها هو الشريعة الإسلامية والتي كانت سباقة الي إقرار معايير القضاء المستقل والتي أوجبت علي القضاة الا يجعلوا لأحد سلطانا عليهم في قضائهم ولا يتأثروا بغير الحق والعدل وأن يتجردوا عن الهوي ويساووا بين الناس جميعا, فيقول الله عز وجل في كتابه إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات الي أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل. كما قال يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجر منكم شنآن قوم علي ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوي صدق الله العظيم فالآيات القرآنية تعد مصدرا رئيسا لمعايير السلطة القضائية, هذا بالاضافة الي مصادر أخري من المواثيق الدولية والتي وضعت تلك المعايير وتم إعلانها في مؤتمر مونتريال1983 ثم وضعت الامم المتحد معايير للسلطة القضائية أعلنتها عام1985 لكي لا نترك المسألة لكل دولة لتعالجها بالكيفية التي تراها وانما حددتها في إطار دولي ومبادئ توجيهية تتعلق باستقلال القضاء واختيار القضاه واعضاء النيابة وتدريبهم مهنيا حتي تلتزم الحكومات بهذه المبادئ وتضمنها في دساتيرها وتشريعاتها الوطنية. ما أهم تلك المباديء؟ أهم تلك المبادئ هو استقلال القضاء ويأتي تحت ذلك المبدأ ما يزيد علي عشرة بنود منها: أن تكفل الدولة استقلال السلطة القضائية, وينص دستور البلد علي احترام ومراعاة تلك السلطة, وأن تفصل السلطة القضائية في المسائل المعروضة عليها دون تحيز وعلي أساس الواقع وفقا للقانون, وتكون للسلطة القضائية الولاية علي جميع المسائل ذات الطابع القضائي, وألا يجوز أن تحدث أي تدخلات غير لائقه ولا مبرر لها في الاحكام أو الاجراءات في اثناء نظر القضايا, كما لكل فرد الحق في أن يحاكم أمام المحاكم العادية أو الهيئات القضائية التي تطبق الاجراءات القانونية المقررة, كما يكفل مبدأ استقلال القضاء لهذه السلطة ويتطلب منها ضمان سير الاجراءات القضائية بعدالة واحترام حقوق الأطراف. ومن واجب كل دولة عضو أن توفر الموارد الكافية لتمكين السلطة القضائية من أداء مهمتها بطريقة سليمة هذا الي آخر المعايير التي وضعتها الأممالمتحدة لضمان استقلال القضاء. ما ابرز الانتقادات التي توجهينها للنصوص الحالية بمسودة الدستور الخاصة بالسلطة القضائية؟ ابرز الأمثلة لاهدار المعايير والضمانات بمسودة الدستور انه كان من الواجب النص علي لزوم موافقة المجالس القضائية العليا علي القوانين المزمع تعديلها بشأن السلطة القضائية حتي لايترك شأن القضاء والقضاة والهيئات القضائية تتخبطه اهواء التيارات السياسية بين التوافق والخصومة وفي حالة عدم موافقة او اعتراض تلك المجالس علي التعديلات ولتمريرها بمجلس النواب يستلزم ذلك موافقة ثلثي اعضاء المجلس, بالاضافة إلي ذلك فان مسودة الدستور لم تنص صراحة علي سن تقاعد القضاة التي نري ضرورة النص صراحة علي سن تقاعد اعضاء الهيئات القضائية وهو سبعين عاما منعا لأي تدخل تشريعي من شأنه استهداف اي من القضاة حتي نقطع الطريق علي اسباغ المشروعية علي عزل اي قاض أو عضو في الهيئات القضائية وحتي لانجعل مسألة السن خاضعة للترهيب أو الترغيب وفقا لمزاج السلطة الحاكمة كما ان مسودة الدستور يجب ان تنص علي تخصيص ميرانية للهيئات القضائية بنسبة مئوية محددة وتدرج رقما موحدا في ميزانية الدولة مع مراعاة زيادتها سنويا بما يعادل نسبة التضخم التي يحددها البنك المركزي. وهل هناك ملاحظات اخري علي مسودة الدستور؟ بالتأكيد فمسودة الدستور لم تتضمن النص علي لزوم المساواة بين جميع الجهات والهيئات القضائية واعضائها. وعدم مراعاة ذلك يفتح باب التمييز دون موضع أو مقتضي, ففي نص المادة159 كان يجب ان ينص علي ان اعضاء الجهات القضائية مستقلون وغير قابلين للعزل إلي نهاية النص بدلا من وضعها الحالي الذي نص علي أن القضاة مستقلون وغير قابلين للعزل هذا بالاضافة إلي ان مسودة الدستور خلت من نص يلزم جميع جهات الدولة بتنفيذ جميع احكام القضاء التي تتوافر لها الصفة الالزامية وهذا ما عانينا منه في الفترة الماضية, من استهتار باحكام القضاء, كما ان مسودة الدستور لم ينص فيها علي مبدأ تأمين المحاكم, ومقر الجهات والهيئات القضائية من الاعتداء او المحاصرة لتوفير الظروف والاجواء اللازمة لممارسة اعضائها أعمالهم باستقلال تام دون ضغط أو تدخل في احكام القضاء. هذا بالاضافة إلي ان مسودة الدستور لم تحدد طريق تعيين رؤساء الجهات القضائية وتركتها للقانون بها يجعلها عرضة للتقلب حسب آراء الحزب الفائز. فيجب النص علي ان يتم تعيين رؤساء تلك الهيئات من قبل رئيس الجمهورية بعد موافقة المجالس العليا القضائية علي تلك الاختيارات. ما حقيقة الصراع القائم في هذه الأيام بين النيابة الإدارية ومجلس الدولة حول الاختصاص بالقضاء التأديبي؟ اجرت لجنة نظام الحكم المنبثقة من لجنة الخمسين لتعديل الدستور تعديلات علي النص المقترح بشأن النيابة الإدارية ليصبح كالآتي: القضاء التأديبي جهة قضائية مستقلة تتولي الفصل في الدعاوي التأديبية والنيابة الإدارية جزء لايتجزأ من القضاء التأديبي تتولي التحقيق في المخالفات المالية والإدارية وتحريك مباشرة الدعاوي والطعون التأديبية ويحدد القانون اختصاصاتها الأخري ويكون لاعضائها الضمانات والحقوق والواجبات ذاته المقررة لاعضاء السلطة القضائية. وفور ذلك اعلن المجلس الأعلي للنيابة الإدارية برئاسة المستشار عناني عبدالعزيز رئيس الهيئة تأييد المجلس الكامل وموافقته علي النهج الذي انتهت إليه اللجنة من اسناد القضاء التأديبي للنيابة الإدارية, كما رحب مجلس إدارة نادي النيابة الإدارية بذلك ترحيبا مطلقا بوصف لجنة الخمسين السلطة التأسيسية المختصة في شأن تحديد الملامح الدستورية للبلاد عقب ثورة30 يونيو2013 إلا ان قضاة مجلس الدولة اعتبروا ذلك تعديا علي مجلس الدولة وسلبا لاختصاصاته وانهم لن يقبلوا بأي حال من الاحوال المساس باختصاصات مجلس الدولة الثلاثة تشريعا وافتاء وقضاء بنوعيه اداري وتأديبي, بينما ارتأي اعضاء النيابة الإدارية ان ذلك لا يعتبر سلبا لاختصاص مجلس الدولة وانما هو استرداد حق القضاء التأديبي الذي كان مقررا للنيابة الإدارية من قبل ومنظم في قانونها رقم117 لسنة1958 الباب الثالث منه تحت عنوان في المحاكم التأديبية وضم المواد من18 حتي32 وسلبه مجلس الدولة بالنص في قانون رقم47 لسنة.1972 وما رأيكم في ذلك؟ مع احترامي لجميع وجهات النظر في هذا الموضوع سواء قضاة مجلس الدولة الموقرون أو مستشارو النيابة الإدارية الاجلاء فإنه كما اعتدت دائما ابدي وجهة نظري من ناحية قانونية بحتة وانا معصوبة العينين عن الانحياز لفصيل عن الآخر. تشوب التعيينات ففي القضاء مساويء مبدأ التوريث, فهل من الممكن أن ينص في الدستور علي مبدأ المساواة والشفافية وعدم التوريث بالقضاء؟ هذا سؤال في غاية الأهمية, وجميع الهيئات القضائية تحاول فعلا ابعاد أي شبهة للتوريث في القضاء, وأري شخصيا ان ينص الدستور علي انشاء أكاديمية للقضاء تكون مدة الدراسة بها عامين كاملين علي أن يستلزم إجراء تحديات علي المتقدمين قبل قبولهم بالأكاديمية من الأمن العام والمباحث الجنائية بحيث لا يقبل إلا من تثبت التحريات سلامة موقفه وبعد الدراسة يعين المتخرجون بمجموعهم المطلق في الهيئات القضائية وفق درجات تخرجهم. وبذلك نبعد أي فكرة للتوريث عن القضاء. ألا ترين أن مقترح الأكاديمية هو نفس المقترح الذي طرحه المستشار أحمد مكي وزير العدل الأسبق؟ بالفعل تقدم المستشار أحمد مكي بمشروع قانون لإنشاء هذه الأكاديمية ولكنه لم يصدر بشأنه أي قانون حتي الآن. هل من الممكن أن يدخل هذه الأكاديمية أعضاء من جماعة الإخوان المسلمين؟ نعم, فلا أقصي أحدا, ومن له الحق في الدخول فلن يمنعه أحد. الا تخشين علي استقلال القضاء من دخول أفكار الجماعة بها؟ لن يمر غير الكفء الذي يستحق التعيين كما أن ليس كل أعضاء الجماعة متطرفين وقبول أيي شخص منهم سيكون بعد موافقة الأمن العام ووفق تحرياته. ما أهم قضايا الفساد التي تحققين بها حاليا؟ لا يجوز لي التصريح عنها إلا بعد انتهاء التحقيق فيها.