مع حلول ذكري انتصار اكتوبر المجيد من كل عام.. لابد أن يتذكر الجميع الدور البطولي والعظيم للفريق سعد الدين الشاذلي رئيس أركان القوات المسلحة وأحد صناع هذا النصر في حرب الكرامة ورد الاعتبار في عام1973ومع مرور40 عاما تتجدد الذكري ومعها تتجدد بطبيعة الحال ذكري القادة الكبار وعلي رأسهم الفريق الشاذلي. وإن كان الخبراء يعترفون بدور هذا القائد العظيم.. إلا أن الوضع يختلف عندما تتحدث عنه أقرب الناس إليه وهي ابنته شهدان التي أكدت في حوارها مع الأهرام.. أن التاريخ أنصف الفريق الشاذلي ونال التكريم علي المستوي الرسمي من جانب الدولة. غير أن شهدان تعبر عن حزنها الشديد لأن التكريم والاعتراف ببطولته جاء بعد مماته ورحيله عن الحياة.. فهي كانت تتمني أن يشهد الاعتراف بدوره وهو علي قيد الحياة.. وفيما يلي نص الحوار: هل الفريق سعد الشاذلي عاني لحظات يأس.. أم كان يثق أنه سينال التكريم الذي يستحقه في يوما ما؟ {{ سعد الشاذلي.. كان دائما لديه إيمان بأن الحقائق ستظهر ولن يتمكن أحد من تزوير التاريخ وإن تمكن البعض من ذلك لفترة.. فلن يستمر ذلك والحقائق ستتجلي في النهاية.. لأن طبيعة البشر هي البحث عن حقائق واصول كل شيء وسيظل التاريخ تاريخا.. ولهذا كله لم ينتاب الشاذلي أي شعور باليأس. وإن كان الفريق الشاذلي وهو مهندس حرب اكتوبر لم ينل التكريم الواجب نحوه في حينها.. إلا أن انتصار اكتوبر كان نتاج عمل جماعي.. فكيف عايشتم لحظات النصر في تلك الفترة؟ {{ وقت حرب اكتوبر كنت أعمل محللة مالية بالبورصة الأمريكية منذ عام1961.. وكنت أتلقي مكالمات تليفونية غريبة تسمعني موسيقي الخبازات وذلك كان يذكرني بالتهديدات التي كنا نتلقاها في فترة حرب1967 حتي ابني فوجئت به عائدا من المدرسة به أثار ضرب وعندما سألته عن السبب أخبرني أن مشاجرة حدثت بينه وبين زملائه بالمدرسة لاصرارهم علي أن مصر مهزومة في الحرب. أما هو فقد أصر علي انتصار مصر مما جعله يضرب ويضرب, فالحديث الذي سيطر علي الأجواء الأمريكية وقتها هو الحرب الدائرة بين مصر وإسرائيل مما جعلني أعيش لحظات خوف وتوتر. {{ ألم يكن ثمة تواصل بينك وبين الفريق الشاذلي وقت الحرب؟ لا توجد أي اتصالات, وهذه طبيعة الفريق الشاذلي عندما يكون لديه مهمة لا تعرف عنه شيئا, ولا تعرف مكانه أو موعد وعودته. {{{ لحظة إعلان العبور وهي قمة النصر كيف عايشتم تلك اللحظات؟. نحن والمصريون في أمريكا كنا نعيش لحظات فرحة وخوف مما نسمعه من الإذاعات الأمريكية والإسرائيلية. {{{ اتفاقية كامب ديفيد الفريق الشاذلي كان ضدها, لكن بعد مرور الوقت ألم تتغير نظرته تجاهها مثل الكثيرين والذين رأوا فيها تحقيق سلام وتجنب الحرب مع الحفاظ علي الأرض؟ ذلك سؤال صعب, ولكن إسرائيل دولة يهودية مبنية علي أسس يهودية ودول الشرق الأوسط كلها لا توجد بها دولة دينية وكلها دول مدنية. ولا نتعجب حاليا عندما تري تأيين أمريكا وإسرائيل لجماعة الإخوان المسلمين أو المعارضة في سوريا الذين لا يعدون ثوارا بل هم مجاهدون من أفغانستان وباكستان ومناطق متفرقة كما أن من مصلحة إسرائيل وجود دولة إسلامية سواء كانت شيعية أو سنية أو مارونية أو قبطية, بحيث تكون إسرائيل طبيعية في ذلك الإطار. ولذا من مصلحة إسرائيل أن تسير في هذا الطريق. {{ إجاباتك بها دبلوماسية بحيث أنك تحاول الخروج من الإجابة عن سؤالي عن رأي الفريق الشاذلي في اتفاقية كامب ديفيد وما إن كان تغير عن ذي قبل؟ معاهدة كامب ديفيد حدث بها تنازلات من السادات للجانب الإسرائيلي. {{ ولكننا لم نتنازل عن جزء من أرضنا وعادت لنا كاملا؟ سيناء بها مناطق منزوعة السلاح. {{ لكن هذه الاتفاقية حققت السلام وأعادت الأرض المصرية كما أن الاتفاقية يمكن تعديلها؟ الآن يمكن تعديلها لوجود قائد محترم, أما عن عودة الأرض فلا يعني شيئا إذا لم يكن بمقدورنا مما يتبعها لغياب السيادة عليها. {{ هل شخصية الفريق الشاذلي كانت جامدة وجافة؟ شخصيته كانت جامدة, ولكن مشاعره كانت متوازنة ومرحة وصاحب نكتة. {{ يري البعض أنه كان يري أن رأيه هو الأصوب بغض النظر عن آراء الآخرين فما رأيك في ذلك؟ مميزات ومكونات القائد أن قراره يكون صحيحا وبالوقت المناسب ولذا تقويم المرء للموقف يكون صائبا. {{ حتي لو اختلف معه قادة آخرون؟ كيف يصبح القائد قائدا ويسير الجميع خلفه, فلا يتحقق ذلك إلا باتخاذه القرار السليم وليس من أجل أي شيء آخر فالفرق بين القائد الفز والقائد الآخر سلامة القرار وصوابه وفي الوقت المناسب. {{ هل انضم أحد أحفاد أسرة الشاذلي للقوات المسلحة؟ لا يوجد أحد من أحفاد الشاذلي بالجيش. {{ ماذا كان انطباع الفريق الشاذلي حول ثورة25 يناير فما كان رأيه فيها؟ في فترة أحداث ثورة25 يناير الفريق الشاذلي كان في مرضه الأخير إلا أنه كان يشاهد الأحداث علي القنوات وكان أغلب الوقت صامتا ولم يذكر سوي عبارة واحدة وقت الأحداث ومطالب الثوار بإسقاط الرئيس بقوله يارب ما تتكررش. {{ ماذا كان يعني بهذه العبارة؟ لا نعلم مقصده فهي عبارة قالها دون إيضاح مقصدها. {{ يوم الوفاة الذي وافق10 فبراير وواكب رحيل مبارك ماذا كان شعوركم في تلك اللحظات. كانت لحظات مختلطة بين المذاق المر والحلو ورغم ذلك فمشاعرنا لم تكن مختلفة عن كل المصريين بفرحتهم برحيل مبارك إلا أنه قبل وفاة والدي بأسابيع ولتألمه ومعاناته في مرضه طلبت من الله أن يريني يوما في مبارك وبالفعل لم يمر أسبوعان إلا وتنحي ورحل عن السلطة. {{ هل هناك وثائق مهمة بأرشيف الفريق الشاذلي لم يتم الكشف عنها بعد؟ نحن نعمل حاليا علي فرز أرشيفه والذي لم نتسلمه إلا أخيرا حيث كان محتجزا من الجهات منذ عام1992 أي لفترة تجاوزت العشرين عاما. {{ وهل تم العبث بهذا الأرشيف خلال تلك الفترة؟ مازلنا في حالة جرد وفق ما هو مدون لدينا. {{ وهل هذا الأرشيف كبير؟ وهو عبارة عن صناديق كثيرة مليئة بالكتب والأوراق والأبحاث رغم أنه تبرع بأغلب مكتبته للجزائر قبل رحيله منها. {{ وهل هناك أسرار في تلك الأبحاث والأوراق؟ ليس لدي الشاذلي أسرار فهو رجل عسكري وكل شيء لديه أعلنه علي الكافة. وأغلب الأرشيف أبحاث دينية وسياسية كتبها بنفسه وستظهر كلها ولكننا نحتاج وقتا لتجهيزها من خلال فريق العمل الذي يختص في الأرشفة وحفظ الوثائق والكتب وبعدها سنقوم بعرضها علي موقع الفريق الشاذلي والذي لم نحدثه منذ أنشأناه من عشرين عاما, كما سنحرص علي وضع كل القضايا التي أقيمت منذ أن وضعنا تحت الحراسة وصولا للمحاكمة العسكرية الغيابية وفترة سجنه. {{ لماذا لم يخل سبيله بعد حصوله علي البراءة واستمر بسجنه فترة عام ونصف العام؟ هو لم يحصل علي البراءة ولكن ما حدث إننا حصلنا علي حكم محكمة أمن الدولة العليا بأن الحكم الصادر من المحكمة العسكرية باطل وهو والعدم سواء. وبعد صدور الحكم لم ينفذ وظلت القضية بالمحكمة الدستورية لمدة عام ونصف العام في التسعينيات حتي شعرنا أن المحكمة مسيسة, ولم يتم الإفراج عنه إلا بأحد الأعياد وليس بحكم المحكمة.