السطور المقبلة لا تحوي إلا نقولات موثقة لا تصرف فيها من كتب الشيخين القرضاوي والغزالي- بالطبع قد اضطررت اضطرارالتجريدهما من لقبيليق بوصفيهما في العنوان تجنباللإطالة- وكلاهما معروفليس فقط بانتمائه التنظيمي لجماعة الإخوان ودفاعه المستميت عنها; ولا حتي بكونهما من أبرز رموز الجماعة علي امتداد تاريخها; بل بما يمثله كلاهما من مرجع فكري شامل لجماعة الإخوان في سائر أقطار العالم. مرارت تجرعها الشيخان; وفي طياتها كثير من النصح نقلتها كما هي دون اجتزاءأو زيادة; منسوبةإلي مصادرها الأصلية ولم أتدخل سوي في الربط بينها; أو التعليق المختصر... ولعلي أتابع نشر غيرها في نفس هذه المساحة أو في سواها... فقط لنعرف ما كاد يطويه النسيان من شهادات تاريخية عن الجماعة بلسان أبنائها... لست أبغي من ذلك إلا أن يقرأ الناس إخوانا كانوا أو غير إخوان... فقط يقرأوا. وأبدأ بالشيخ الغزالي إذ يقول:((إن قيادة الإخوان الآن حريصة علي الأوضاع الغامضة والقرارات المريبة الجائرة; وهي مسئولة من قبل ومن بعد عن الخسائر التي أصابت الحركة الإسلامية في هذا العصر- يتكلم عن عصره هو- وعن التهم الشنيعة التي توجه للإسلام من خصومه المتربصين; فقد صورته نزوات فرد متحكم كما صورت هيئة الإخوان المسلمين وكأنها حزبمن الأحزاب المنحلة تسودها الدسائس وتسيرها الأهواء)) من كتابه من معالم الحق في كفاحنا الإسلامي ص220 وتزيد نبرته ارتفاعافي انتقاد ما يراه وقتها شططاوغلواولم يدر بخلده رحمه الله أن الخرق في زماننا ازداد اتساعافيقول:(( ولقد رأيت جمعا غفيرا من شباب الإخوان المسلمين ينظرون إلي مرشدهم نظرة ينبغي أن تدرس وإن تحذر.. قال أحدهم في اجتماع ضخم للهيئة التأسيسية: إن المرشد لا يخطئ)) من معالم الحق في كفاحنا الإسلامي ص206 أما الشيخ القرضاوي فيدفع ثمن بعض أرائه الإصلاحية داخل الجماعة; ويعلق قائلا:(( ومن الذكريات المؤلمة التي لا أنساها: أن الإخوان كانت لهم نشرة سرية... وقد أذاعت هذه النشرة نبأقالت فيه: إن القرضاوي والعسال قد مرقا من الدعوة وانضما إلي ركب الخونة وعلي الإخوان أن يحذروا منهما وقد استجاب الإخوان لذلك... وهذا أمر شائع في الإخوان)) من كتابه سيرة ومسيرة2/77 وبمناسبة ما طارت به لجان الزور الإخوانية الألكترونية بشأن ما قلته في حق ذكري عبد الناصر منذ يومين فقط; أقول ليس بجديد عليكم بل فعلتم الأمر نفسه مع الشيخ القرضاوي من قبل إذ يحكي قائلا:(( ونقل خبر تعزيتي في عبد الناصر إلي الإخوة في الكويت وغيرها مجردة عن دواعيها وملابساتها; فإذا بي أواجه حملة شعواء من الإخوان علي; أني عزيت في الطاغية الذي عذب الإخوان; وعطل دعوتهم وعوق مسيرتهم وفعل بهم الأفاعيل; وكان بعض الإخوة السطحيين المساكين يتقربون إلي الله تعالي بالتشنيع علي; والنيل من عرضي)) الجزء الثالث من كتابه ابن القرية والكتاب. ونعود لوصف الشيخ الغزالي بعضا من معاناته الشخصية في كتابه من معالم الحق في كفاحنا الإسلامي ص206 و207:(( كنت أسير مع زميلي الأستاذ من شعبة المنيل; فمر بنا اثنان من أولئك الشباب المفتونين; أبيا- يعني رفضا- إلا إسماعنا رأيهم فينا; وهو أننا من أهل جهنم))...... صدمت وتريد أن تستوضح أكثر ؟ إذن فاسمع لتعليق الشيخ القرضاوي:(( كنا في معتقل العامرية; وكنت أتحدث مع أحد وعاظ الإخوان المعروفين وجاء ذكر الأخ الشيخ الغزالي فقال لي: الغزالي لم يعد أخا لنا; لا هو ولا إخوانه المفصولون من الجماعة)) من كتابه سيرة ومسيرة2/77 اندهشت بالتأكيد لهذه القسوة المفرطة لكن اندهاشي لم يلبث أن تبدد حينما أفصح الشيخ الغزالي نفسه عن سببها قائلا:(( فلما استغربناه وتأبينا عليه- يقصد نصحه وإنكاره علي المرشد العام وقتئذ المستشار الهضيبي- ورأينا أنفسنا نبصر الحقائق القريبة والرجل لا يحسها; ونعامله مخطئاومصيبا- مثل باقي خلق الله يعني!- غير مقرين هذه الهالة التي أضفاها الأغرار عليه; مقتنا الرجل- يعني الهضيبي- أشد المقت; مقتنا كما يمقت الكفار والفساق)) ولما قبل الإخواني الدكتور عبد العزيز كامل منصب رئيس شئون الأزهر زمن عبد الناصر; قال الشيخ القرضاوي:(( ولم يرض ذلك منه جمهور الإخوان; واعتبروه قد خان الدعوة التي نشأ فيها; وسار في ركب أعدائها; وأنه قد أحبط عمله; وضيع تاريخه; وختم حياته خاتمة سوء)) من كتابه سيرة ومسيرة196/....2 كيف ألوم علي الجماعة إذن وهذا تعاملها مع أبنائها! ويقول الشيخ القرضاوي معقبا علي ذلك:(( وأقول بكل أسف لقد كان رجال المباحث أصدق في الحكم علينا من إخواننا الذين عرفناهم وعرفونا وعايشونا وعايشناهم; وهذا ما يعاب علي كثير من الإخوان: أنهم إذا أحبوا شخصا رفعوه إلي السماء السابعة; وإذا كرهوه هبطوا به إلي الأرض السفلي)) من كتابه سيرة ومسيرة78/....2 يعيب عليهم نفس الخصلة المذمومة التي يعاني منها الآن كل من انتصر لبعض مواقف الإخوان يوما من الأيام ثم عارضهم وانتقدهم لما انحرفوا عن جادة الصواب. لمزيد من مقالات نادر بكار