طالب علماء الدين وخبراء الاقتصاد لجنة الخمسين لإعداد الدستور بضرورة الإبقاء علي المادة المتعلقة بإحياء الوقف الأهلي في الدستور الجديد, وأكدوا أننا في أمس الحاجة إلي إحياء هذا الوقف وتفعيل دوره ورسالته, والجدير بالذكر أن هناك عدة مجالات للوقف ولكنها في الأعوام السابقة كان أغلبها مقصورا علي المجالات التقليدية, وربما البعض منها لا يعود بالنفع علي الفقراء والمحتاجين ومحدودي الدخل أو سد الثغرات الاقتصادية والاجتماعية لفئات عديدة في المجتمع. وأحسب أن هناك مجالات جديدة للوقف تخضع لمستجدات العصر واجتهادات العلماء المعاصرين بما يخدم الواقع ويعالج قضاياه, وعلي سبيل المثال لا الحصر الوقف العلمي والتكنولوجيا.. ذلك لان الثورات العلمية والتكنولوجية المتلاحقة اتسمت بقدرتها علي التغلغل في مختلف جوانب النشاط الإنساني, كما ان تقدم أي مجتمع وازدهاره يتسم بالتطور الإبداعي التكنولوجي, الأمر الذي يجعل معظم الدول المتقدمة تعمل علي تسخير أدوات التكنولوجيا لتحقيق معدلات أسرع للنمو الاقتصادي والاجتماعي بحيث تخدم قاعدة عريضة من الفقراء والمحتاجين, ومن ثم فإن انتهاج الوقف التكنولوجي كنهج خيري واجب العمل به علي كل قادر, فيمكن تخصيص جزء من أموال أهل الخير وقفا لنشر الثقافة التكنولوجية ورعاية المخترعين والمبدعين العاملين في مجالات التكنولوجيا وتوفير الإمكانات اللازمة وتهيئة المناخ التكنولوجي لهم, ومن المعروف بمقياس العلم المعاصر أن أهم المخرجات الناتجة من دمج العلم بالتكنولوجيا خاصة في ظل مجالات التكنولوجيا الحديثة مثل النانو تكنولوجي وليزر الفيمتو والهندسة الوراثية والمعلوماتية الحيوية والخلايا الجزعية وما إلي ذلك ما هي إلا تحقيق المنفعة العامة لأفراد المجتمع خاصة شريحة الفقراء والمحتاجين ومن هم دون الطبقة المتوسطة.. وقد يسهم هذا الوقف العلمي والتكنولوجي علي سبيل المثال في التوصل إلي تشخيص وعلاج الأمراض الخبيثة والمزمنة والمستعصية كالسرطانات وأمراض الكبد الوبائي والفشل الكلوي والزهايمر وغيرها. وعلي الجانب الآخر ينبغي علي الدولة وضع أسس وقواعد العمل بهذا النوع الخاص من الوقف وسن القوانين والتشريعات اللازمة للتسهيل علي الواقفين عليه من رجال الأعمال والمستثمرين من أهل الخير, وتوظيف الوقف في مساراته الصحيحة وتوجيه موارده التوجيه الأمثل حتي نلحق بركب الدول المتقدمة تكنولوجيا وننتقل من مصاف الدول التي تعتمد علي التكنولوجيا الزائرة والمستعارة إلي مصاف الدول التي تعمل بالتكنولوجيا الوطنية وبصناعة تكنولوجية مصرية001%. لهذا بات جليا ان يتضمن الدستور الجديد مادة تخص الوقف الأهلي بالمفهوم الجديد وفق المستجدات العلمية الحديثة من أجل تحقيق تقدم البلاد من خلال الاستثمارات الوقفية في العلوم والتكنولوجيا خاصة في المجالات الحيوية, والتنموية الهندسية والصناعية والزراعية والطبية والمعلوماتية الحيوية والتي هي في حاجة إلي إمكانات مادية لتهيئة المناخ المناسب للعقول المفكرة والمبدعة, وربط الاحتياجات المستقبلية لمصر وتلك المجالات الحيوية التنموية بها للحصول في النهاية علي ابتكار أو اختراع أو بحث علمي تطبيقي له قيمة مضافة في النهوض بالمستوي الاقتصادي والاجتماعي الذي سيعود بالنفع علي افراد المجتمع ولكي تتبوأ أمتنا الصدارة بين الأمم حيث, إن العلم والتكنولوجيا هما السبيل الوحيد لإعادة اعتبار الشعوب, وبمقياس العمل بالميزان الاستراتيجي الصحيح نجد دائما أن الطرف الأقوي علميا والمتسلح بالتكنولوجيا الحديثة هو الأقوي عسكريا واقتصاديا وأن الدول ليست بتعداد سكانها وبكثرة أموالها ولكن الدول بما تتمتع به من توظيف هذا التعداد وتلك الأموال في ابتكارات تكنولوجية حديثة وبحث علمي تكنولوجي راق. د. حسن علي عتمان نائب رئيس جامعة المنصورة