لم يكن ما حدث في مباراة غزل المحلة أمام الأهلي التي لم تستكمل سوي امتداد لحالة الفوضي والشغب وغياب الضمير في الرياضة المصرية.. ما حدث لم يكن تصرفا طارئا أو عارضا. بل يحتاج إلي تحليل المتخصصين وخبراء علم النفس الاجتماعي لمناقشة وبحث المتغيرات الكثيرة التي طرأت علي المواطن المصري في تصرفاته ورد فعله!. ويمكن تشخيص المشكلة في غياب الضمير وعدم الشعور بالمسئولية.. وهل أصبح نجوم الكرة او من يمارسون الرياضة ومن يعملون في الحقل الرياضي يمنحون ضمائرهم إجازة داخل الملاعب وخارجها, واحيانا ما نجد التفوق والفوز لايتحقق سوي بالتدليس والخداع والغش من أجل إرضاء الجماهير ونيل تصفيقها وتهليل الإعلام! اعلم جيدا ان المشكلة لم تعد مصرية.. بل هي عالمية ونجدها تتكرر في العديد من البطولات والمسابقات ولكن لا احد يتوقف كثيرا عندها ونسأل كم من مرة فاز فريق بهدف من تسلل أو مشكوك في تجاوز الكرة لخط المرمي دون أن يكلف اللاعب نفسه الاعتراف بالخطأ وحتي الحكم لا يستطيع أن يراجع ضميره ويكتب في تقريره معترفا بالخطأ حتي تعاد المباراة مرة ثانية.. وللأسف في المرات القليلة التي يكون فيها ضمير الرياضي مستيقظا ويعترف بالخطأ لا نجد لذلك صدي أو تركيز عليه عند الجماهير أو حتي الإعلام ليتم تكريمه والاحتفاء به, بل يتحول في نظر زملائه وجماهير فريقه وربما داخل وطنه إلي خائن!. بالأمس تذكرنا واقعة علي خليل نجم الزمالك السابق عندما اعترف بان الكرة دخلت الشباك من الخارج.. وقبلها واقعة بدوي عبد الفتاح عندما اعترف للحكم بالخطأ فطالب اتحاد الكرة بإعادة المباراة.. والسؤال الذي يطرح نفسه أين لاعبونا وحكامنا من مثالية أخلاق عبد الفتاح وخليل وشجاعة الحكم مصطفي كامل منصور؟ أعلم أنني لو استعرضت الكثير من المواقف والطرائف التي شهدتها الكرة المصرية علي مدي العامين الآخرين والتي وقع فيها نجوم عدة وأقصد هنا النجوم الساطعة التي تستأثر بقلوب الجماهير سواء في الناديين الكبيرين لفتحت علي نفسي أبواب جهنم الحمراء والبيضاء.. وربما اتهمني البعض بعدم الوطنية وطالبوا بإسقاط أو سحب الجنسية لمجرد ذكر واقعة واحدة لطرف ولم تسعفني الذاكرة بواقعة لطرف آخر واترك ذلك لذكاء القارئ. برغم كل ما قيل عن المباراة الأزمة وما خلفته من أثار سلبية في ظل اتخاذ لجنة المسابقات عقوبات ضعيفة وهزيلة من وجهة نظري لن تحل المشكلة ولن تصل أبدا إلي الحقيقة والمثالية التي ننشدها في مسابقاتنا المحلية. أنني مندهش إننا نعيش في مجتمع شرقي تسيطر علي غالبيته الثقافة الدينية سواء كانت إسلامية أو مسيحية فكل الأديان تتفق علي تجريم الغش والخداع والتزوير وغيرها من التصرفات غير الأمينة ولكن السؤال الذي يلح علينا لماذا دائما لاعبونا لا يتصرفون من هذا المنطلق؟ ولماذا داخل الملعب يخلعون رداء الضمير والمثالية ونجدهم منفصلين تماما عما نراهم به أمام شاشات التليفزيون أو في اللقاءات الخاصة, للأسف دائما الاعتذار والاعتراف بالخطأ يأتي متأخرا وبعد ان تكون النتيجة اعتمدت أو البطولة ذهبت لمن لا يستحق! ولن نسرد الكثير ولكني سأتوقف عند واقعة ما زالت ماثلة في الذاكرة.. اللاعب يخدع الحكم سرعان ما يجري للاحتفال مع زملائه وتهلل له الجماهير ويمتدح الإعلام دهاءه وذكاءه في خداع الحكم سواء في التمثيل للحصول علي ركلة جزاء أو التسجيل بهدف باليد ثم تجده بكل فجاجة يسجد لله شكرا رغم تسجيله لهدف مشكوك.. المهم أنه أهدي فريقه الفوز.. لقد تسبب خطأ مارادونا الشهير في كاس العالم عندما سجل بيده هدفا في مرمي انجلترا في الكثير من الجدل حتي الآن ليخرج علينا بكل وقاحة ويقول إنها يد الله! ومنذ تلك الواقعة والإعلام الرياضي والجماهير تهلل لمن يقلد مارادونا. ما أحوجنا إلي عودة الضمير الي كل افراد المجتمع كلا في مجال عمله قبل لاعب الكرة والحكم الذي قد يعلم بالحقيقة ولايراجع نفسه ويخشي المساءلة أمام المسئولين ولايخشي المساءلة أمام الله يوم الحساب فيتجاهل الأمر ولا يشير له في تقريره.. نناشد كل من هو طرف في المنظومة الرياضية أن يحتكم إلي ضميره قبل أي شيء أخر حتي نستعيد أخلاقياتنا التي أضعناها بأيدينا عندما خلطنا بين الهزل والجد في كل حياتنا وأصبحنا نتاجر بكل شيء.. حتي الضمير!!. [email protected] المزيد من أعمدة أيمن أبو عايد