رغم الإنتصار الكبير الذي حققه اتحاد الحزبين المسيحيين الديمقراطي والاجتماعي بزعامة المستشارة انجيلا ميركل في الانتخابات الألمانية, بنسبة قاربت42% من اصوات الناخبين وبفارق ضخم عن منافسه اللدود الحزب الإشتراكي الديمقراطي, إلا أن المستشارة الألمانية لم تبد عليها مظاهر الفرحة بهذا الإنتصار الذي كاد يدخلها التاريخ، فلو أن حزبها حصل علي خمسة مقاعد إضافية لحكمت ميركل المانيا بأغلبية مطلقة وهو ما لم يحدث منذ حكومة المستشار كونراد اديناور في1957! غير ان ذلك لم يحدث وباتت تحتاج إلي شريك لتشكل معه حكومة إئتلافية بقيادتها تمنحها الأغلبية اللازمة لتمريرالقوانين. ولسوء حظها فإن الحزب الليبرالي, شريكها التقليدي الذي كانت تعول عليه فشل فشلا تاريخيا في تجاوز حاجز ال5% من اصوات الناخبين اللازمة للتمثيل في البرلمان, ليخرج هذا الحزب العريق الذي طالما وصف بأنه صانع الملوك. وهوما قد يرجع للإنقسامات الشديدة داخله في ظل قيادة ضعيفة وباهتة من قبل فيليب روسلر الذي خلف جيدو فيسترفيله في رئاسة الحزب إزاء هذا التغير في المشهد السياسي الألماني تقف المانيا امام عدة سيناريوهات:الأول أن تشكل ميركل حكومة أقلية بأصوات الاتحاد المسيحي فقط!إلا أنها نفت هذا الإحتمال. فلا يمكن لأحد أن يتصور أن تسمح المستشارة القوية لأحزاب المعارضة اليسارية الأخري بالتحكم فيها وإذلالها وعرقلة القوانين التي تصدرها أما الثاني والذي يرجحه المراقبون فهو تشكيل حكومة إئتلافية مع اي من حزبي المعارضة الإشتراكي الديمقراطي أوحزب الخضر. غير ان هذا السيناريو يواجه الآن عقبات عديدة. فقد لاحظ الجميع ان رئيس الحزب الاشتراكي زيجمار جابريل ومرشح الحزب بيير شتاينبروك ابديا قدرا مفاجئا من عدم الإهتمام واللا مبالاة بعرض المستشارة تشكيل إئتلاف مع الإشتراكيين! فمن الواضح ان هناك معارضة كبيرة داخل الحزب من خوض تجربة الإئتلاف الكبير مع المحافظين تحت قيادة ميركل مرة اخري بعد ان انتهت تجربتهم الأولي في الفترة من2005 2009 بهزيمة مؤلمة ما حزب الخضر فتفصله عن برنامج المحافظين المسيحيين آلاف السنوات الضوئية بالطبع يبقي هناك حسابيا او نظريا سيناريو ثالث وهو تشكيل حكومة يسارية من الحزب الاشتراكي والخضر وحزب اليسار ولديهم من الاصوات ما يمنحهم اغلبية في البرلمان. غير ان العقبة هنا تبقي عدم وجود إرادة سياسية لدي الاشتراكيين والخضر للتحالف مع حزب اليسار الذي يصفونه بأنه وريث الحزب الشيوعي السابق في المانياالشرقية ومن هنا فإن السيناريو الرابع الذي لا يرغب احد في الحديث عنه علنا الآن في برلين لا يزال ممكنا وهو إعادة الإنتخابات الألمانية! وهو سيناريو المحت إليه المستشارة ميركل نفسها بعد إعلان النتائج وينظر في ألمانيا لهذا السيناريو بأنه غير متوقع لأنه مهما طالت مفاوضات تشكيل الإئتلاف فإن رفض أي من الحزبين الإشتراكي أو الخضر في النهاية المشاركة مع الاتحاد المسيحي في حكومة جديدة سيفسره الناخبون بأنه فشل في التفاهم حول حلول وسط وهو شرط اساسي لأي نظام ديموقراطي. ولوعجزت ميركل قبل22 اكتوبر القادم وهو موعد انعقاد الجلسة التأسيسية للبرلمان الجديد من الإتفاق علي إئتلاف مع الأشتراكيين أو الخضر فإن انتخابها كمستشارة في البرلمان سيفشل بسبب عدم حصولها علي الأغلبية, وفي هذه الحالة سيضطر الرئيس الألماني للدعوة لإنتخابات جديدة لا يدري أحد نتائجها.