في العلاقة مع أوروبا قد تتلاطم أمواج السياسة, وتتقلب أرقام الاقتصاد, وتختلف الألسن, لكن لغة الفنون والحضارة تظل الأسمي.. تتحدث بلسانها الفصيح لتتزيل الغيوم و تضخ الدماء في العروق وتؤكد رفعة مصر ومكانتها الحضارية والثقافية.. وتعود فكرة انشاء منارة للثقافة المصرية بأوروبا مقرها روما الي مطلع القرن العشرين.. وعلي مدار العقود.. مثلت الأكاديمية المصرية للفنون بالعاصمة الايطالية مركز اشعاع حضاري يخاطب القارة الأوروبية كلها. عايشت تحولات وتغيرات عالمية واقليمية كان آخرها ثورات الربيع العربي. في حوارها مع' الأهرام' تسلط د.جيهان زكي مدير الأكاديمية الضوء علي رسالة الأكاديمية في ظل المرحلة التي تمر بها مصرحاليا. كيف واكبت الأكاديمية أحداث الثورة وماهوانعكاس التغييرات بمصر علي أداء الأكاديمية ودورها ؟ تمثل الأكاديمية الوقوف درعا في غاية الأهمية للثقافة المصرية لحماية وصيانة صورة مصر بالخارج, والتصدي لعمليات التشويش علي الثقافة المصرية والأكاديمية كصرح ثقافي وبوتقة لنيل ثقة المجتمع الايطالي في مصر. و لذلك ومنذ تولي مهام منصبي عملت علي توطيد الصلات الثقافية و الفنية مع المؤسسات الايطالية والجمعيات الفنية والجامعات المتخصصة في الفنون والعمارة. وأنشأنا صالونا ثقافيا بصفة دورية وآخر للموسيقي وناديا للسينما, بما يجعل الأكاديمية بمثابة نافذة يطل منها الايطاليون علي الأحداث والحراك الثقافي بمصر. وكنا أحرص ما يكون علي مشاركة شباب الفنانين المصريين في معرض الفنون التشكيلية. كما عرضنا مسرح غنائي للفنانة انتصار عبد الفتاح يحمل عنوان' رسالة سلام'في ذكري25 يناير من العام الجاري,و يبرز العرض تنوع مصر الثقافي من مسلمين و أقباط وصوفيين. يعد بينالي فينيسيا الدولي بمثابة أولمبياد الفنون عالميا. كيف كانت مشاركة مصر في دورته للعام الحالي؟ كانت مشاركة ناجحة تعكس ثمرة التعاون بين قطاعات وزارة الثقافة المختلفة, وقد تم اختيار الجناح المصري كأحد أفضل عشرة أجنحة مشاركة بالبينالي من بين88 دولة'. كذلك حرصنا علي تنظيم مسابقة لاختيار الفنانين الذين مثلوا مصر في معرض البينالي واشترطنا ان يكونوا من جيل الشباب والوسط. ففاز في هذه المسابقة فنان الموزاييك الشاب محمد بنوي وكان قد حصل علي جائزة الدولة للابداع, كما كان من بين الفائزين ببعثة الي الأكاديمية لمدة عام. وشارك معه النحات الشاب خالد زكي. وتعد مصر هي الدولة العربية الوحيدة التي لها جناح دائم بالبينالي منذ عام1952. وماذا عن سائر أنشطة الأكاديمية في الوقت الراهن؟ البعد الثقافي عامل مهم للغاية في صياغة العلاقات الثنائية ولاسيما بين مصر وايطاليا فلديهما ارث ثقافي عريق و متميز. وتعد الأكاديمية هي الهيئة العربية الوحيدة المنوطة بالثقافة الممثلة بدولة أوروبية. ووسط ما تمر به مصر, تقدم الأكاديمية منتجا ثقافيا مواكب اللحراك الثقافي بعد الثورة بما يتناسب مع المجتمع الايطالي بمختلف مستوياته. فعلي سبيل المثال, نظمت يوما مفتوحا لطلبة كلية العمارة بجامعة روما, حيث حضروا لرسم مبني الأكاديمية بعد أن تم ادراجه بعد تطويره علي قائمة المباني المتميزة معماريا في روما. وقد استقبل مبني الأكاديمية عددا كبيرا من الزائرين في يوم التميز المعماري الذي يتم الاحتفال سنويا به في العاصمة الايطالية. ومن دواعي سروري اننا فتحنا الباب أمام اطفال المدارس الحكومية الايطالية من سن9 الي12 عاما, حيث اقمنا لهم ورش عمل ما بين متحف الأكاديمية ومكتبتها وتم تعريفهم برموز الأدب المصري مثل طه حسين ونجيب محفوظ, وتم طباعة كتيبات باللغتين الايطالية و العربية. وتعكف ادارة الأكاديمية حاليا علي الاعداد لمعرض يبرز التنوع الثقافي في مصر. وسيقام كسبيللمعرض' العصور الذهبية..الاستمرارية و التغيير' و الذي كان يعرض قطعا أثرية مصرية, بعد أن انتهت مدته المقررة بثلاثة أعوام. سيحمل المعرض الجديد شعار' كنوز مصرية' وسيتم افتتاحه في شهر أكتوبر المقبل. وسيجمع المعرض المرتقب بين الأصالة و المعاصرة و سيشارك في اعداده خبراء مصريين لأنه يتعلق بالتراث الشعبي,وكذلك خبراء دوليين من اليونيسكو بما ان مصر موقعة علي اتفاقية تعزيز التنوع الثقافي عام2005 مع اليونيسكو. وهو ما يؤكد التزام مصر باتفاقاتها الدولية في مجال الثقافة. من خلال نشاط الأكاديمية..هل تغيرت صورة مصر لدي الايطاليين بعد الثورة؟ هناك اقبال كبير من الايطاليين علي زيارة الأكاديمية المصرية للفنون بروما, ومن مختلف الأعمار. فهناك كبار السن المولعين بالحضارة الفرعونيةو الفن المصري. وهناك الشباب خاصة أن المجتمع الايطالي يولي اهتماما كبيرا للبعد الثقافي بشكل قد يفوق دولا أوروبية عديدة.. والأكاديمية المصرية تعتبر أحد أبرز وأنشط المراكز الثقافية في العاصمة روما التي تعد مقصدا للعديد من الدوائر الأكاديمية والاعلامية والثقافية عالميا واقليميا.