تصادف وجودي بالعاصمة الايطالية مع بداية السنة الدراسية الجديدة هناك.. ووجدت نفسي دون ان ادري- اقارن بين استعداداتهم واستعدادتنا. زرت كثيرا من المدارس الايطالية لاطلع علي استعدادتها.. لم يكن مديرو تلك المدارس مشغولون بتركيب زجاج النوافذ ولا تصليح صنابير المياة.. ولاحتي تجديد العلم الايطالي الذي يرفرف في وسط ارض الطابور.. ولم اجد وزير التعليم الايطالي يشغل باله بصيانة المدارس وترميمها وتجديدها.. ولا بالتأكد من وصول الكتب الجديدة الي الادارات ومنها الي المدارس كما يفعل وزراؤنا! هناك الكل يعرف مهمته جيدا.. بدء من الوزير وحتي_ الكاميريرا_ التي تدعي عندنا فراشة مرورا بالمدرسين والاداريين.. لم اجد مدرسا مشغولا بالسعي الي نقله من مدرسة الي اخري قريبة من محل اقامته.. ولا مدرسة تحمل في يديها حقيبة مستندات تدل علي الظروف المرضية التي تعاني منها شخصيا او روشتات علاج احد والديها لتقديمها لمن يرأف بحالها ويوافق علي نقلها الي مدرسة اخري او يمنحها اجازة لرعاية اسرتها! العاملون بالمدارس شغلهم الشاغل قبيل بدء العام الدراسي مباشرة هو كيفية الابداع والابتكار في اسلوب استقبال التلاميذ وخاصة الجدد وصغار السن الذين التحقوا بالدراسة لاول مرة.. ليحولوا المبني المدرسي الي مكان جاذب للطفل وليس منفرا.. اجهزة الكمبيوتر والتاب والايباد هي الادوات التي يستخدمها التلاميذ دون ان يشغل اي منهم باله بتحضي الكتب حسب جدول اليوم الدراسي. حوائط الفصول مهونة بالوان زاهية ليس من بينها اللون البيج المسفر الذي يلطخ به حوائط فصول مدارسنا.. ومقاعد التلاميذ لم يكن بها مسمارا واحدا يشبك في بنطلون من يقعد عليه او جيب بنت صغيرة ليخطف فرحتها بدخول الفصل كما يحدث في المدارس المصرية.. فكل الفصول بها مقاعد جميلة مصنوعة من البلاستيك والاكليرك والسقان الحديد.. والقعدة دائرية والمدرس او المدرسة تقف في الوسط يراها كل من بالفصل وكأنها امامه وحده! وبفضول المصريين دخلت الفصل الايطالي ووقفت بين التلاميذ اسألهم ماذا يدرسون فكانت الاجابة التي افحمتني فعلا: ان كل تلميذ يدرس مايختاره ولا يفرض عليه احد دراسته خاصة في المرحلة يجوز تقسيم العام الدراسي إلي فترات مدتها ثلاثة أشهر أو أربعة, ذلك بناء علي قرار مجلس المعلمين الخاص بكل مدرسة, ويتم إعداد تقويم لعمل كل طالب في نهاية كل فترة, ولا يستند التقويم إلي الدرجات التي حصل عليها الطالب في الاختبارات الشفوية والتحريرية فقط, وإنما يستعين أيضا بالمعلومات التي يقدمها المعلمون عن مشاركة الطالب في النشاط المدرسي بوجه عام, واستعداده الأولي ومدي تقدمه, بالإضافة إلي معلومات أخري يتم الحصول عليها من خلال الاتصال بالعائلة, حيث تفيد في الحصول علي معلومات عن شخصية الطالب. وتختتم الفترة الأخيرة من العام الدراسي بتقويم ختامي عن التزام وتقدم كل طالب علي مدي العام الدراسي كله, ويتحول هذا التقويم إلي درجات عشرية, فإذا حصل الطالب علي6 درجات علي الأقل في كل مادة,8 درجات عن السلوك حقق درجة النجاح التي تؤهله للانتقال للسنة التالية. وبدءا من العام الدراسي1995/94 م تم إدخال فكرة التدريس المساعد الإضافي( مايشابه فصول التقوية) للطلبة الذين لا يحصلون علي تقدير مقبول ويضطرون إلي اجتياز ما يسمي باختبارات الإعادة وتستهدف هذه الفصول طلبة الدورات الصباحية والمسائية في المدارس الثانوية العليا ممن يعتبر مستواهم في مادة أو أكثر دون المستوي المطلوب, ويدير هذه الفصول معلمو المدرسة ويمكن أن تجري أثناء العام الدراسي. وفي نهاية دورات المدرسة الثانوية العليا, يخضع الطلاب لاختبار شهادة إتمام المدرسة الثانوية العليا, ولا يحق دخول الاختبار إلا للطلاب الذين حصلوا علي تقويم إيجابي في نهاية العام الأخير, ويتكون الاختبار من اختبارين تحريريين وثالث شفهي, يعقد أمام لجنة من الممتحنين تعينها وزارة التعليم, ويحصل الطلاب في الأقسام التقليدية, والعلمية, وتدريب المعلمين, والمدارس الفنية علي شهادة إتمام المرحلة الثانوية العليا, والتي تعتبر ضرورية للحصول علي أي عمل أو للتسجيل في معاهد التعليم العالي أو الجامعات. اما عن اوضاع المعلمين في ايطاليا فحدث ولاحرج.. ففي لقائي مع بعضهم اكدوا أن التدريب الأولي للمعلم لا يتم في الوقت الحالي في إيطاليا إلا عندما يحصل المعلم علي فرصة تعاقد دائم للعمل في هذه المهنة ومن ثم يبدأ التدريب منذ دخوله في النظام التعليمي, والواقع أن الأنشطة التدريبية لا تتوفر إلا في المدرسة والحلقات الدراسية, وتهتم برامج التدريب بشكل أساس بالجوانب المهنية لوظيفة المعلم مثل المسؤوليات المنهجية والتعليمية المكلف بها المعلم, والمعرفة النفسية التعليمية, ومهارات الاتصال والعلاقات الشخصية المتداخلة علاوة علي المعلومات الإدارية والقيادية, والتوجيه وكيفية معاملة الطلبة المعاقين, والصحة المدرسية.. إلخ. ويتوجب علي المعلم المؤقت في نهاية العام الدراسي, أن يقدم تقريرا عن الأنشطة التدريبية والتدريسية والخبرات والتجارب التي نفذها علي أن يناقش هذا التقرير مع لجنة خاصة لتقويم المعلم, وذلك ليتسني له الحصول علي تثبيت في وظيفة التدريس. وقد صدر في عام1990 قانون يقضي بوجوب أن يتلقي معلمو المرحلة الابتدائية ومرحلة ما قبل المدرسة تدريبهم الأولي علي مستوي الجامعة, بحيث يحصلون علي مؤهل أكاديمي خاص بالتدريس في هاتين المرحلتين. أما معلمو المرحلة الثانوية, والحاصلون بالضرورة علي درجة جامعية, فيتم تنظيم دورات تخصص لهم بعد التخرج, وتتضمن هذه الدورات تعاونا مع الكليات المتخصصة في المواد الدراسية( كالرياضيات, والفنون, والآداب.. إلخ) وذلك في الجوانب المنهجية والتعليمية لتدريس هذه العلوم. ولكي يتمتع المعلم بالحقوق المنصوص عليها في عقود العمل من حيث الترقي, وأفضلية التعيين وما شابه ذلك, يجب أن يجتاز ما يسمي بTheConcorse ويقصد به الاختبار التنافسي. ويحق لحملة الدرجات الجامعية اللازمة للتدريس في المرحلة الثانوية المتوسطة والعليا, وكذلك حملة شهادات مدارس تدريب المعلمين للمرحلة الابتدائية وما قبل المدرسة دخول هذا الاختبار المذكور, والذي يمنح المعلم المؤهل مكانة خاصة إذا نجح في اجتيازه. جدير بالذكر أن معلم الابتدائي مؤهل لتدريس جميع مواد المنهج الدراسي ماعدا اللغة الأجنبية, التي تتطلب الحصول علي مؤهلات محددة, بينما يقوم معلم المدرسة الثانوية بتدريس مادة واحدة فقط أو مادتين علي الأكثر, وذلك حسب تخصصه الجامعي والاختبار التنافسي الذي اجتازه. أما ساعات العمل الأسبوعية للمعلم فهي كالتالي:25 ساعة لمرحلة ما قبل المدرسة.22 ساعة للمعلمين في المدارس الابتدائية+ ساعتين لبرامج التدريب.18 ساعة للمعلمين في المدارس الثانوية بنوعيها. وعلاوة علي ذلك, يجب أن يضطلع المعلمون بجميع الالتزامات ذات العلاقة بمهام التدريس مثل تحضير الدروس, وتصحيح الواجب المدرسي للطلاب, وإعداد التقويم الدوري والنهائي لهم, والاتصال بذويهم وأولياء أمورهم, وإعداد الاختبارات وأي أنشطة أخري. التعليم حق يكفله الدستور.