قمة الدوري الإسباني.. قائمة ريال مدريد لمواجهة برشلونة في الكلاسيكو    صنع الله إبراهيم يمر بأزمة صحية.. والمثقفون يطالبون برعاية عاجلة    الدوري الفرنسي.. مارسيليا وموناكو يتأهلان إلى دوري أبطال أوروبا    بالتردد.. تعرف على مواعيد وقنوات عرض مسلسل «المدينة البعيدة» الحلقة 25    في ظل ذروة الموجة الحارة.. أهم 10 نصائح صحية للوقاية من ضربات الشمس    شفافية في الذبح والتوزيع.. الأوقاف: صك الأضحية يصل كاملًا للمستحقين دون مصاريف    تعليق مثير من نجم الأهلي السابق على أزمة زيزو والزمالك    ديروط يستضيف طنطا في ختام مباريات الجولة ال 35 بدوري المحترفين    موعد مباراة برشلونة وريال مدريد في الدوري الإسباني    إخلاء عقار بالكامل بعد الحريق.. إصابات وحالة وفاة في حادث مصر الجديدة    تامر أمين بعد انخفاض عددها بشكل كبير: الحمير راحت فين؟ (فيديو)    وزيرة التضامن: وقف دعم «تكافل وكرام» لرب الأسرة المدان جنائيًا واستقطاعه للمخالفين    بوتين: أوكرانيا اخترقت وقف الضربات على منشآت الطاقة    سهير رمزي تكشف مفاجأة عن زواج بوسي شلبي ومحمود عبد العزيز    ما شروط وجوب الحج؟.. مركز الأزهر للفتوى يوضح    ارتفاع ملحوظ.. أسعار الفراخ البيضاء اليوم الأحد 11 مايو 2025 بمطروح    بوتين: أوكرانيا حاولت ترهيب القادة القادمين لموسكو لحضور احتفالات يوم النصر    إعلان اتفاق "وقف إطلاق النار" بين الهند وباكستان بوساطة أمريكية    إنتهاء أزمة البحارة العالقين المصريين قبالة الشارقة..الإمارات ترفض الحل لشهور: أين هيبة السيسى ؟    مصرع وإصابة 4 أشخاص في حريق مطعم مصر الجديدة    الأرصاد تكشف موعد انخفاض الموجة الحارة    إخلاء عقار من 5 طوابق فى طوخ بعد ظهور شروخ وتصدعات    كارثة منتصف الليل كادت تلتهم "مصر الجديدة".. والحماية المدنية تنقذ الموقف في اللحظات الأخيرة    إصابة شاب صدمه قطار فى أبو تشت بقنا    وزير التعليم: إجراءات مشددة لامتحانات الثانوية العامة.. وتعميم الوجبات المدرسية الساخنة    نشرة التوك شو| "التضامن" تطلق ..مشروع تمكين ب 10 مليارات جنيه وملاك الإيجار القديم: سنحصل على حقوقن    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. الأحد 11 مايو 2025    انطلاق النسخة الثانية من دوري الشركات بمشاركة 24 فريقًا باستاد القاهرة الدولي    غلطة غير مقصودة.. أحمد فهمي يحسم الجدل حول عودته لطليقته هنا الزاهد    ورثة محمود عبد العزيز يصدرون بيانًا تفصيليًا بشأن النزاع القانوني مع بوسي شلبي    أحمد فهمى يعتذر عن منشور له نشره بالخطأ    مثال للزوجة الوفية الصابرة.. نبيلة عبيد تدافع عن بوسي شلبي    "التعليم": تنفيذ برامج تنمية مهارات القراءة والكتابة خلال الفترة الصيفية    سامي قمصان: احتويت المشاكل في الأهلي.. وهذا اللاعب قصر بحق نفسه    وزير الصحة: 215 مليار جنيه لتطوير 1255 مشروعًا بالقطاع الصحي في 8 سنوات    رسميًا.. أسعار استمارة بطاقة الرقم القومي وطريقة استخراجها مستعجل من المنزل    حكام مباريات الأحد في الجولة السادسة من المرحلة النهائية للدوري المصري    محافظة سوهاج تكشف حقيقة تعيين سائق نائباً لرئيس مركز    مصابون فلسطينيون في قصف للاحتلال استهدف منزلا شمال غزة    انتهاء هدنة عيد النصر بين روسيا وأوكرانيا    «التعاون الخليجي» يرحب باتفاق وقف إطلاق النار بين الهند وباكستان    راموس يقود باريس سان جيرمان لاكتساح مونبلييه برباعية    «أتمنى تدريب بيراميدز».. تصريحات نارية من بيسيرو بعد رحيله عن الزمالك    ضع راحتك في المقدمة وابتعد عن العشوائية.. حظ برج الجدي اليوم 11 مايو    في أهمية صناعة الناخب ومحاولة إنتاجه من أجل استقرار واستمرار الوطن    أمانة العضوية المركزية ب"مستقبل وطن" تعقد اجتماعا تنظيميا مع أمنائها في المحافظات وتكرم 8 حققت المستهدف التنظيمي    وزيرة التضامن ترد على مقولة «الحكومة مش شايفانا»: لدينا قاعدة بيانات تضم 17 مليون أسرة    أبرزها الإجهاد والتوتر في بيئة العمل.. أسباب زيادة أمراض القلب والذبحة الصدرية عند الشباب    تبدأ قبلها بأسابيع وتجاهلها يقلل فرص نجاتك.. علامات مبكرة ل الأزمة القلبية (انتبه لها!)    منها «الشيكولاتة ومخلل الكرنب».. 6 أطعمة سيئة مفيدة للأمعاء    وزيرا خارجية السعودية وبريطانيا يبحثان مستجدات الأوضاع    بوتين يعبر عن قلقه بشأن استمرار الصراع الفلسطيني الإسرائيلي    سعر الذهب اليوم الأحد 11 مايو محليًا وعالميًا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير (تفاصيل)    بعد انخفاضه.. سعر الدولار مقابل الجنيه اليوم الأحد 11 مايو 2025 (آخر تحديث)    عالم أزهري: خواطر النفس أثناء الصلاة لا تبطلها.. والنبي تذكّر أمرًا دنيويًا وهو يصلي    رئيس جامعة الأزهر: السعي بين الصفا والمروة فريضة راسخة    وقفة عرفات.. موعد عيد الأضحى المبارك 2025 فلكيًا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 10-5-2025 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل تغير مصر وثوراتها مسار التاريخ؟
نشر في الأهرام اليومي يوم 20 - 09 - 2013

حينما كتب فرنسيس فوكوياما كتابه نهاية التاريخ في بداية الألفية الثالثة ارتاح الغرب لمقولته الأساسية المتعلقة بوصول التقدم البشري إلي نهايته, والتبشير بأن الأفكار الأيديولوجية في التاريخ الإنساني قد وصلت إلي حدها النهائي بانتشار قيم الليبرالية والديمقراطية الغربية وسيادتها بين مناطق وأقاليم العالم الأخري.
وساعد علي هذا الاعتقاد خلو العالم من وجود قوي أخري تناطح السيادة الأمريكية الأوروبية أو حتي تستطيع أن تنافس نفوذهما في أي من مناطق العالم إثر انهيار الاتحاد السوفيتي وما مثله من انهيار للأيديولوجية الشيوعية التي استند عليها. لذا فقد بدا أن العالم قد رضخ للهيمنة الغربية علي مقدراته بما يملكه الغرب من نفوذ سياسي وقوة اقتصادية وعسكرية يستطيع بها أن يفرض السيادة لأفكاره ومبادئه وقيمه.
ولأن الرياح دائما تأتي بما لا تشتهي السفن إذا ما استكانت لحالها ولم تحسب حساب حتمية التغير في الظروف المحيطة كنظام كوني ثابت في الحياة الإنسانية, فإن السنوات التالية من القرن الحادي والعشرين قد حملت العديد من الأحداث التي شكلت تحديا صارخا لمقولات فوكوياما, حيث نهضت اقتصاديا قوي إقليمية جديدة مثل البرازيل وماليزيا إلي جانب الصين والهند من قبل متبعة في نموها سياسات غير تقليدية لا تنتمي للنظريات الغربية الرأسمالية, كما تحدث إيران ومن قبلها روسيا النظام الغربي سياسيا. ولعل أخطر التحديات التي واجهت النظام الغربي في العقد الثاني من هذا القرن كانت بلا جدال هي تلك المتمثلة في ثورات الربيع العربي التي قلبت أنظمة كانت راسخة في الحكم وأيضا في ولائها للغرب, الأمر الذي أربك ردود الفعل الغربية تجاهها في بداياتها إلي حد كبير. ولكن سرعان ما عاد الغرب إلي سياسته الاستعمارية القديمة باتباع منهج فرق تسد الذي جبل علي استخدامه في تفتيت القوي الوطنية المناوئة لنفوذه في المنطقة, وقامر علي التحالف مع ما يسمي بقوي الإسلام السياسي لإقامة نظم جديدة يضمن ولاءها وتنفيذها لمخططاته في إقامة الشرق الأوسط الجديد الذي بشرت به وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كونز اليزا رايس.
ثم جاءت ثورة الثلاثين من يونيو 2013 في مصر لتصبح نقطة تحول جذرية في مصير المنطقة بإزاحتها حكم جماعة الإخوان المسلمين وبتصميم شعبي علي رفض الفكر الواقف وراءها بعد أن تم فضخ نواياه الخفية وأيضا عمالته للغرب, لتصبح الثورة المصرية بداية النهاية لهذه الجماعة وفكرها كما كانت مصر من قبل منبتها والتربة الخصبة لنموها وانتشارها فيما بعد إلي باقي العالم الإسلامي. وبذلك وجهت هذه الثورة ضربة قوية للمخطط الغربي في تقسيم مصر والمنطقة بأسرها إلي دويلات ضعيفة. ولعل ذلك ما يفسر ردود الفعل الغربية التي رأت في الثورة انقلابا عسكريا, وسعت بكل قوتها الدبلوماسية والإعلامية إلي مساندة الرئيس المعزول ونظامه الإخواني وتحدي الإرادة الشعبية الكاسحة في تحرير مصر من حكمهما والتي كانت واضحة جلية وضوح الشمس.
ولم يكن الغرب هنا يدافع فقط عن خططه المهددة بالفشل في المنطقة, وإنما أدرك أن سطوته علي العالم وهيمنته علي مقدرات الشعوب الأخري والتي تمتع بها منذ انهيار الاتحاد السوفيتي تواجه تحديا مصيريا, وأن ما بشر به فوكوياما من هيمنه الفكر الغربي الرأسمالي إلي أبد الآبدين قد يثبت للعالم كونه وهما لا يمت للواقع بصلة. فقد مثلت ثورات الربيع العربي بموجاتها الأولي والثانية في جوهرها رغبة أكيدة للإنسان العربي في رسم طريق جديد يسير فيه من أجل تحقيق آماله في العيش الكريم وفي العدل الاجتماعي وفي التحرر من قبضة الهيمنة الغربية علي مقدراته. وكان تهاوي حكم الإخوان وسقوطه سقوطا مدويا في مصر قد ترك تداعيات أثرت علي مصير أقرانه في المنطقة وولد رغبة عارمة في بلاد الربيع العربي الأخري في التخلص من حكم تلك الجماعة بعد أن كشف عن وجهها القبيح وتواطؤها مع المخطط الغربي كثمن لتحقيق أطماعها. وهكذا فإن السعي الغربي الحثيث نحو الدفاع عن وجوده وهيمنته في المنطقة بتحدي إرادة الشعوب في اختيار مصيرها ومستقبلها يقابله أيضا إصرار شعبي أصيل في تحقيق الحرية والاستقلال الوطني والعدالة الاجتماعية, الأمر الذي كشف كل أوراق اللعب في المنطقة أمام العالم. ويمكن النظر إلي الاستنكار الشعبي في الولايات المتحدة ورفض بعض البرلمانات الأوروبية توجيه ضربة عسكرية لسوريا بزعم استخدام النظام الحاكم بها الأسلحة الكيماوية كصورة من صور فضح النوايا الحقيقية للنظم الغربية أمام شعوبها, مهما حاولت أن تغلف ذلك بدعاوي الدفاع عن حقوق الإنسان ونشر قيم الديمقراطية الغربية.
ولعل ذلك الأثر هو الأكثر خطورة من نتائج الثورة المصرية, فالقيم والأفكار والمفاهيم التي قامت علي أساسها الحضارة الغربية لم تعد هي السبيل الوحيد أو خارطة الطريق الوحيدة أمام الشعوب الأخري لتتبناها بحثا عن تحقيق آمالها الوطنية, وأن ما يروج له الغرب من حقوقه في الدفاع عن تلك القيم إذا ما رأي بحسب معاييره تهديدا لها ومحاولة فرضه لها بالقوة قد غدا غير مقبول بين قطاعات غير قليلة من الرأي العام الغربي ذاته, الأمر الذي قد ينظر إليه في إطار تحولات عميقة تجري في النظام العالمي, ليس فقط ببدايات العودة إلي مناخ الحرب الباردة بعد عودة الوجود الروسي القوي علي الساحة الدولية, وتكتل القوي الإقليمية من أجل حماية بعضها البعض, وإنما أيضا بتراجع مشهود في القناعة العالمية بحقوق الغرب في فرض قيمه ومعاييره التي تحكم عملية الحرب والسلام العالمي, والتي تؤثر أيضا علي وضعه ومركزه كلاعب أوحد في السياسة الدولية.
والسؤال الذي يطرح نفسه بالتبعية هو هل يدرك صانع القرار المصري حجم الدور الذي تمثله الثورة المصرية وآثارها الإقليمية والعالمية, وأن مصر التي وضعت نهاية الإمبراطورية البريطانية التي لا تغيب عنها الشمس بثورة 1952 ثم بصمودها في حرب 1956 تؤثر الآن وبعد ما يزيد علي نصف قرن علي انفراد الغرب بالمشهد السياسي العالمي وتعامله مع العالم العربي كقطع شطرنج يحركها وفقا لمشروعه الشرق الأوسط الكبير؟ إن إدراك التبعات الدولية والإقليمية المترتبة علي حركة الشعب المصري يفرض علي من يمسك بزمام الأمور في مصر مزيدا من اليقظة تجاه رد الفعل الدولي, وإنما قبل كل هذا وبعده فإنه يفرض عليه التزاما أمام هذا الشعب بالارتقاء إلي مستوي طموحاته من أجل العيش في وطن يتمتع بالعزة والكرامة والعدل الاجتماعي. فلا يليق بمن يتولي الحكم في مصر بعد ثورتين متتاليتين ألا يرتقي لمستوي التضحيات التي بذلها هذا الشعب عبر عقود طويلة تحمل فيها بصبر سياسات خاطئة أدت بمصر إلي ما هي فيها الآن من فقر وتخلف, ومن ثم فإنه لا ينبغي الآن أن تستمر هذه الأوضاع بعد انتفاض هذا الشعب مرتين رفضا لتكرار تلك السياسات وفشل القيادات التي اعتلت سدة الحكم في تلبية طموحاته. لذا فإنه من غير المقبول أن تأتي هذه الثورات بأنظمة تدور في فلك الفكر الغربي ومعاييره التي تجاوزها الشعب المصري ووضعها محل المراجعة والفحص أمام العالم متحديا النظريات التي تعتبر الفكر الرأسمالي نهاية للتاريخ, كما لا يجوز أن تكون المرجعية الغربية ورضا الأنظمة الحاكمة هناك هي غاية الحكم في مصر بعد الثورة, بدلا من أن, يضع نصب عينيه مطالب وطموحات شعبه المشروعة التي لم ولن يتنازل عنها مهما تكبد من تضحيات. فهل يعي من يملك صناعة القرار هذه اللحظات التاريخية التي يعيشها الشعب المصري فيرتقي إلي مستوي الإسهام في تغيير مسار التاريخ؟.
لمزيد من مقالات د.نجوى الفوال


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.