كرر الرئيس الأمريكي باراك أوباما في أكثر من محفل أمريكي ودولي أنه انتخب لإنهاء حروب أمريكا, وليس لبدء حروب جديدة, علي عكس كثير من رؤساء الولاياتالمتحدةالأمريكية. فقد كانت معارضته للحرب الأمريكية في العراق( مارس2013) وراء صعود نجمه سياسيا, كما كانت هذه المعارضة لحرب العراق أيضا أحد مصادر قوته في الانتخابات الرئاسية لعام2008, والتي استخدمها ضد خصومه ومنافسيه من الحزبين الجمهوري والديمقراطي.غير أنه قبل انتهاء فترته الرئاسية الثانية بثلاث سنوات يطلب أوباما من الشعب الأمريكي أن تخوض الولاياتالمتحدةالأمريكية حربا جديدة في منطقة الشرق الأوسط بعد أن تخطي نظام بشار الأسد الخطوط الحمراء التي أعلنها أوبامافي أغسطس2012 باستخدامه الأسلحة الكيميائية ضد مواطنيه في الحادي والعشرين من أغسطس الماضي, حيث يعتبر أوباما أن ما حدث في سوريا من استخدام السلاح الكيميائي ضد المدنيين أسوأ هجوم كيميائي في القرن الحادي والعشرين. يعول الرئيس الأمريكي علي الكونجرس الأمريكي بعد أن عاد من إجازته الصيفية في التاسع من سبتمبر الحالي للحصول علي موافقته للتدخل العسكري في سوريا, والذي من شأنه تشجيع دول المجتمع الدولي المترددة علي مشاركة الولاياتالمتحدة في تدخلها العسكري ضد سوريا; حيث تنتظر الدول الكبري موافقة الكونجرس حتي تعلن موافقتها. فرفض الكونجرس للتدخل العسكري في سوريا سيصعب من مهمة الرئيس الأمريكي في قيادة التحالف الدولي لمعاقبة نظام بشار الأسد علي استخدامه الأسلحة الكيميائية ضد مواطنيه. لجأ الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلي الكونجرس الأمريكي علي عكس كثير من الرؤساء الأمريكيين للحصول علي تفويضه للتدخل العسكري في سوريا رغم أنه لم يطلب تفويض الكونجرس الأمريكي قبل مشاركته في التدخل العسكري لإسقاط القذافي, ولاستخدام الطائرات بدون طيار في باكستانوأفغانستان. وقد يرجع توجه الرئيس الأمريكي تلك المرة إلي الكونجرس لأنه يري أن تصويت الكونجرس سيمنحه دعما سياسيا قويا, بينما يشهد الرأي العام انقساما بشأن توجيه ضربة عسكرية لسوريا. وهناك ثلاثة سيناريوهات بشأن تصويت الكونجرس الأمريكي علي قرار التدخل العسكري في سوريا بعد استخدام الرئيس بشار الأسد الأسلحة الكيميائية ضد المدنيين السوريين, تتمثل تلك السيناريوهات الثلاثة في: السيناريو الأول: تصويت الكونجرس لصالح الهجوم رغم معارضة نسبة كبيرة من الرأي العام الأمريكي للتدخل العسكري في سوريا حسب عدد من استطلاعات الرأي للأمريكيين, فتشير نتائج استطلاع معهد جالوب إلي أن51% من الأمريكيين يعارضون توجيه ضربات لسوريا, مقابل36% يؤيدونها. ونسبة المعارضين للعملية في سوريا أكبر من تلك التي سجلت قبل اندلاع حروب الخليج(1991) وكوسوفو(1999) وأفغانستان(2001) والعراق(2003), فقد عارض36% الحرب علي العراق في عام2003, و14% عارضوا الحرب علي أفغانستان.ناهيك عن ارتفاع تكلفة التدخل العسكري في وقت يواجه فيه الاقتصاد الأمريكي أزمات اقتصادية ومالية متتالية, الأمر الذي يزيد من الانخراط الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط, مع استمرار انخراطها في حربي العراق وأفغانستان, والحرب علي المنظمات الإرهابية في المنطقة. السيناريو الثاني: يرفض الكونجرس تفويض الرئيس الأمريكي للتدخل العسكري الأمريكي في سوريا, فيقرر أوباما تنفيذ الضربة العسكرية استنادا إلي قانون استخدام القوة العسكريةWarPowerAct الذي صدر في عام.1973 حيث يحق للرئيس الأمريكي بموجب هذا القانون الانخراط في عمليات عسكرية بدون تفويض من الكونجرس إذا كان الأمر حسب تقييم الرئيس يهدد الأمن الوطني الأمريكي ومصالح الولاياتالمتحدة. وعلي الرئيس حسب القانون أن يخطر الكونجرس عند القيام بعمليات عسكرية, خلال48 ساعة من بدء هذه العمليات, ويطلعه علي سيرها شهريا حتي انتهاء المهمة العسكرية. أما إذا رفض الكونجرس الذي يحدد المخصصات المالية لوزارة الدفاع( البنتاجون) والعمليات العسكرية; فإن القانون يمنح الرئيس60 يوما لينهي المواجهات, ولديه30 يوما إضافية لسحب آخر جندي من مسرح العمليات.وبذلك يكون أمام الرئيس الأمريكي90 يوما قبل إنهاء العمليات العسكرية بعد رفض الكونجرس الأمريكي للتدخل العسكري. السيناريو الثالث: رفض الكونجرس الأمريكي السماح للرئيس الأمريكي بالتدخل في سوريا مع رضوخ أوباما لقرار الكونجرس, وهو ما يفقده مصداقيته بصفته زعيما للقوة العظمي في العالم, والتي يقع عليها واجب أخلاقي لحماية الشعوب ضد ديكتاتورية وسلطوية حكامها. فضلا عن تأكيد تراجع القوة والتأثير الأمريكيين في منطقة الشرق الأوسط لصالح قوة إقليمية صاعدة كإيران أو جماعات مسلحة كحزب الله اللبناني, وتأثيراته علي مجريات الأمور في المنطقة, وهو الأمر الذي يوصل رسالة إلي حلفاء الولاياتالمتحدةالأمريكية في المنطقة بأنها عاجزة عن حماية حلفائها في حال مواجهتها تهديدا جديا, وأن مسئولية الحماية أضحت تقع علي عاتق الدول ذاتها, مع عدم التعويل علي الولاياتالمتحدةالأمريكية في هذا الشأن. في ظل توقعات برفض الكونجرس الأمريكي السماح للرئيس الأمريكي بالتدخل العسكري في سوريا فإن السيناريو الثاني ممكن في حال صدور قرار من الأممالمتحدة الذي يؤكد أن الأسد استخدم الأسلحة الكيميائية ضد مواطنيه, وضمان الرئيس الأمريكي التحالف الدولي للتدخل العسكري في سوريا, وقد نشهد تدخلا عسكريا علي شكل ضربات إجهاضية لمصادر قوة نظام الأسد التي قد تكون بتحالف دولي تقوده الولاياتالمتحدة, أو تقوم بها إسرائيل بدعم من المجتمع الدولي وعلي رأسه الولاياتالمتحدة, وأخيرا من خلال عمليات استخباراتية تتشارك فيها عدد من القوي الكبري الراغبة في تقويض قوة الأسد بما يرغمه علي الجلوس علي طاولة المفاوضات للتوصل لحلول سياسية للأزمة السورية. باحث متخصص في الشئون الأمريكية لمزيد من مقالات عمرو عبدالعاطى