من رحم المعاناة والأحداث الجسام يولد الإبداع والفن الراقي. ومع ذلك, ورغم كل ما نحن فيه, لا نكاد نتذكر اسم أغنية واحدة' عليها القيمة' تعبر بقوة وبصدق عن ثورتي 25 يناير و30 يونيو وما بينهما. فإلي الآن, لا يبدو أن مطربينا انفعلوا بأي شيء مما يحدث, وما زالت أغاني العظماء هي الأصدق والأكثر تعبيرا عن الأحداث الراهنة التي نعيشها, وكلما استمعنا إليها نجدها قريبة من وجداننا كما لو كانت قد صنعت خصيصا من أجل حقبة ما بين يناير ويونيو. وكما زلزلت أغنيات عبد الوهاب وأم كلثوم وحليم وشادية ميادين مصر علي مدي عامين ونصف, فإن هناك أغنيات تعبر ب'عبقرية' عما يحدث' الآن', مثل أغنية' حق بلادك' التي تبدو فيها' الست' وكأنها تخاطب شعب مصر الذي لم يفعل شيئا منذ 12 فبراير 2011 وتتوسل إليه للكف عن التظاهر والاعتراض والاتجاه للعمل' بإيمان وبروح وضمير', وهي أشياء مفقودة بالفعل! حتي الأغنيات المعاصرة التي مست مشاعرنا بعض الشيء لم تكن جديدة بالضبط, فأغنية' يا بلادي' مقتبسة من لحن بليغ حمدي الشهير في فيلم' العمر لحظة', وأغنية' فيها حاجة حلوة' من فيلم' عسل أسود' الذي عرض قبل25 يناير, وأغنية' لو بتحبوا البلد دي خلوا عيونكم عليها' من أيام مبارك, وهي علي أي حال تتحدث عن افتراض أننا نحب بلدنا, والمعروف أن' لو' تفتح عمل الشيطان! أما الأغنيات المنتجة بعد يناير فعلا, فلم يدخل أي منها القلب, وبعضها لم يكن موفقا علي الإطلاق مثل تلك الأغنية عن شهداء يناير' اللي ماتوا في أحداث يناير', فيا لها من معلومة! أما أفضل الأعمال في رأيي فكانت أغنية' الشهيد' لعمرو دياب, و'تسلم الأيادي', التي' علمت مع الناس' بلغة أهل المغني, رغم تشابه مطلعها مع أغنية' هل البدر بدري' الرمضانية المعروفة! علي أي حال, ما زال رصيدنا من الإبداع القديم يكفي ويشبعنا, إنما حسرتي فقط علي الفرص التي أهدرها مطربونا المعاصرون, فقد عشنا ثورتين في ثلاث سنوات, ولم نر أحدا منهم انفعل أو أبدع بصدق. .. وألف رحمة ونور علي روح بليغ حمدي! لمزيد من مقالات هانى عسل