تشهد بعض برامج التوك شو حالة من الفوضي وعدم التزام بعض المتحدثين بأخلاقيات الحوار والتجاوزات باستخدام الألفاظ الخارجة والمسيئة, ويندرج الحال أيضا علي بعض مقدمي هذه البرامج, مما يدعو لضرورة وجود وقفة تجاه هذه التجاوزات وهو ما قامت به ولا تزال د.درية شرف الدين وزيرة الإعلام والتي ساهمت في ضبط الإيقاع ببرامج التوك شو والحفاظ علي الالتزام بالمعايير الأخلاقية وعدم الخروج عن السياق وذلك في التليفزيون الرسمي, بينما يختلف الوضع في القنوات الفضائية التي لا تحقق هذا الإنضباط بالرغم من انها تدخل كل البيوت المصرية. وحتي لا يتحول المشهد لفوضي أخلاقية قد تكون لها آثارها العكسية علي المتلقي, توجهنا للخبراء لمعرفة أرائهم في هذه القضية. فتقول د. مني الحديدي, أستاذة الإعلام بجامعة القاهرة: مطلوب من الإعلام أن يلتزم بالمعايير وأخلاقيات العمل الإعلامي, وتزيد الحاجة لمثل هذه المعايير في ظل المنافسة بين الإعلام الوطني والوافد من الخارج, مما يعكس أهمية الالتزام بالمعايير الأخلاقية والمهنية في الحوار, والذي لابد أن يحقق للمشاهد المتعة والمنفعة وحقه في أن يسمع حوارا راقيا يضيف له كيفية اكتساب السلوكيات الإيجابية, وكيف يعبر عن رأيه, وكيف يحترم الرأي الآخر, وكيف يتعلم فن الاستماع والحوار. والتجاوز في الحوار لا يحدث فقط من الضيوف, ولكن يحدث أحيانا من بعض مقدمي البرامج, لذلك لابد للقائمين علي القنوات والبرامج أن يراعوا حسن اختيار الضيوف وارتباط السيرة الذاتية للضيف بموضوع الحوار, وارتباط تخصصه بالموضوع, وعدم إطلاق الألقاب جزافا علي الشخصيات, أيضا لابد أن تستضيف هذه البرامج ضيوفا من أجيال مختلفة, وألا تقتصر علي شخصيات بعينها. ويقول الخبير الإعلامي ياسر عبدالعزيز: إن مصر تواجه أوضاعا استثنائية وتتعرض لتهديدات إرهابية, بالإضافة لحالة احتقان سياسي حادة وغموض وتذبذب في الرؤية, وأي منظومة إعلامية تواجه مثل تلك الأوضاع تتأثر تأثرا شديدا, وهو التأثر الذي ينعكس في ممارسات إعلامية حادة ومنفلتة, ولن يكون بوسعنا القضاء علي تلك الممارسات أو الحد منها, إلا من خلال عمل منهجي علي صعيدي السياسة وتنظيم الإعلام, وحينما تهدأ حالة الاحتقان والانقسام وتتراجع خطورة التهديد الإرهابي ونبدأ في إعادة بناء النظام الإعلامي علي أسس تكفل الحرية والمسئولية وحماية مصلحة الجمهور, ستتراجع الممارسات المنفلتة. والحديث عن أن ما تواجهه مصر الآن هو مشكلة إعلامية مجردة ليس دقيقا, وإنما هي مشكلة أمنية وسياسية وإعلامية, وبالتالي فالحل يجب أن يشمل الأصعدة الثلاثة, فنحن في حاجة إلي إعادة بناء النظام الإعلامي علي أسس تضمن استقلالية الإعلام وحريته من جهة, وترسي مواثيق وأكواد وطريقة لإخضاع الأداء للتقييم وإنزال عقوبات علي أنماط الأداء المخالفة, وإذا كانت السياسة مجنونة, فالإعلام سيفقد الرشاد. ويقول د. فرج الكامل أستاذ الإعلام: لابد من التزام القنوات الخاصة بالأداب وأخلاقيات الحوار مثلها مثل التليفزيون المصري وقد يكون السبب فيما تشهده الساحة الإعلامية من فوضي هو آن معظم مقدمي برامج التوك شو يقدمها غير دارسي الإعلام, ففقدان المهنية معيار خطير يتسبب في الخروج عن الإطار علي معظم القنوات الفضائية التي تدخل البيوت المصرية وتشاهدها كافة الفئات العمرية والإجتماعية ولذلك فلابد أن تقال كل كلمة علي الشاشة بشكل محترم ولا يجب أن يكون الاعتبار الوحيد هو جذب المشاهد والإعلانات فقط وقد يجذب بعض المشاهدين ولكن هناك اعتبارات أخلاقية لابد من مراعاتها ولابد أيضا من تدخل المذيع بشكل راق لصالح المشاهد ولصالح رقي برنامجه وألا ينجرف لحوار يبتعد عن الرقي مع ضيفه. وأشارت د.هالة منصور أستاذ الإجتماع: إلي ضرورة الاهتمام بالذوق العام والحفاظ عليه لأن الخروج عنه معد ويقلده البعض فحتي لو تمسك البعض بالسلوك القويم في ظل انتشار السلوك الردئ سنجد ان السلوك الردئ هو الذي سيصبح عاديا والقويم سيصبح شاذا ولذلك فلابد من التصدي للخروج علي الآداب العامة واللياقة خاصة علي شاشة التليفزيون الذي يعد أشد خطرا من العشوائيات حيث يمكن أن يفرز أخلاقيات الشارع باعتبارها بيئة مختلفة ولكن عندما يحدث ذلك علي الشاشة ومن رموز في المجتمع سواء ممثلين او لاعبي كرة فإن ذلك يصيب المشاهدين بالصدمة في البداية وبعد فترة يصبح آمرا اعتياديا وجزءا من المجتمع وهو ما نخشاه ونحذر منه فمناعة أفراد المجتمع قد تضعف لدي انتشار الفوضي الإعلامية خاصة في ظل انتشار التوترات والمشاحنات في المجتمع, وهناك فرق كبير بين الجرأة والوقاحة وبين الحرية والتسيب وبين الإبداع والشطط ولابد من أن تسرع القنوات وتحقق الضبط الأخلاقي في برامجها حتي يتحقق في المجتمع بين أفراده من الفئات المختلفة.