في الوقت الذي جاء الغي فيه الاحتفال بعيد الفلاح تبدأ غدا لجنة الخمسين اجراءات إلغاء تميزهم من الدستور الجديد, وقد ذكرني بما نشره الأهرام في1906, حين شهد عام حادثة دنشواي أعلي معدل للجريمة3700 حالة قتل, وقد برر المندوب السامي البريطاني اللورد كرومر هذه الجرائم بقوله: إن الرخاء العظيم الذي أدركه الفلاحون قد أرهف شهواتهم ومد عيونهم إلي الكسب فلما ذاقوا لذة الغني رغبوا في الاستكثار منها فاصطدموا بغيرهم يسعون سعيهم, وكان الحل لانتشار الجريمة في نظره ليس بتغيير سياسات الاحتلال التي أدت إلي الخراب الاجتماعي والسياسي ولكن بالشدة في تطبيق قانون الكرباج! ومع الفارق الكبير في الموقفين من الفلاح, أدهشني تبريرات لجنة العشرة لإلغائها نسبة ال50% للعمال والفلاحين من دستور الثورة الجديد لتتجنب سوء تطبيقها في الواقع, وبدلا من وقف اعتداء الضباط ورجال الدين والأعمال علي نسبة العمال والفلاحين, رأت عدالة اللجنة مكافأة المعتدي بالتخلص من الضحية, بدلا من وضع ضوابط تضمن هذا التمثيل ولو بتخفيضه ومنع تسربه إلي الاقطاعيين الجدد؟ فعيد الفلاح لم يكن منحة من ثورة يوليو1952 لكنه جاء اعترافا بدور الفلاحين كظهير شعبي لثورة جيش مصر عبر العصور, فبعد حل الأحزاب والتخلص من الاقطاعيين الذين أفسدوا الحياة السياسية, كان أول قرار لحكومة اللواء محمد نجيب في9 سبتمبر1952 إصدار قانون الإصلاح الزراعي الذي وزع الأرض علي الفلاحين, وقلص الحد الأقصي للملكية, وعزز مفهوم العدالة الاجتماعية بحركة التأميم والتصنيع في الستينيات التي أعلت قيمة العمال, ورد الجميل للقوي التي منحت الجيش شرعيته في التمرد علي النفوذ الأجنبي منذ عهد الخديو توفيق9 سبتمبر1881, وجعل صحيفة التيمس وقتها تشيد بمكانة الجيش المصري الذي بقي الهيئة الوطنية الوحيدة التي تملكها مصر بالنظام والقوة, وحول الفلاح الطيب الي مقاتل مغوار, وفي ثورة1919 انضم العمال والفلاحون المتطوعون لسائقي الكارو والترامواي والطلاب في دعم مطالب سعد زغلول وزملائه في الاستقلال التام, فهل تدرك لجنة الخمسين, أن إلغاء مادة العزل والتلكؤ في حل الجماعة المحظورة, وذبح حقوق العمال والفلاحين, معناه معاقبتهم بكرباج كرومر؟ لمزيد من مقالات أنور عبد اللطيف