فيما يشبه الظاهرة, يرصد المشاهد يوميا ما يمكن أن يسمي بالضيوف( المتجولين) الذين يتنقلون( كعب داير) بين ستديوهات الفضائيات التي تتبادل استضافتهم في برامج التوك شو التي تعرضها, حيث تبدأ رحلة كل منهم بدعوة من أحد المعدين تفتح له أبواب مدينة الإنتاج الإعلامي, تليها اتصالاته العديدة بفرق إعداد برامج الهواء اليومية الأخري بالفضائيات عارضا نفسه لإبداء وجهة نظره في الأحداث الجارية, فيصبح ضيفا ثابتا فيها جميعها مع توالي عرضها في مواعيد متتالية, وبالتالي يحتكر مع من لا يزيد عددهم علي أصابع اليد الواحدة شاشات الفضائيات التي يعلنون من خلالها وجهات نظر متكررة علي مدي اليوم, لا تحقق للمشاهد فائدة من متابعتها, فهل ضيوف( الكعب الداير) إفلاس علني لبرامج التوك شو؟ تجيب د.مني الحديدي أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة وتقول: إن ظاهرة تكرار استضافة عدد قليل من الشخصيات في برامج التوك شو في نفس اليوم, تكشف عن ممارسة غير مهنية ينتج عنها ما يمكن تسميته بحالة( التشبع) الإعلامي للمشاهد من الضيف والبرنامج معا, وشعوره بإفلاس أفراد فريق الإعداد وعدم قدرتهم علي تقديم الجديد الذي يستحق المتابعة, وبمرور الوقت يتأكد من أنهم يتبعون أسلوب( الإستسهال) من خلال تقديم المتاح من الضيوف وليس الأكثر كفاءة, وعدم بذل المجهود المطلوب لإستضافة الشخصيات المتنوعة القادرة علي عرض وجهات نظر تعتمد علي مصادر معلومات مختلفة تستطيع تحليل كل حدث بنتائجه التي قد تكون سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو غيرها ويمكن رصدها من زوايا عديدة, بالإضافة إلي أن قواعد العمل الإعلامي تفرض علي المعدين اكتشاف وجوه جديدة من الضيوف في كافة المجالات, بدلا من المتكررين( المتجولين) علي الفضائيات منذ فترة طويلة والذين يقبلون التواجد في عدة برامج متتالية مواعيد العرض علي الفضائيات في اليوم نفسه بحثا عن مزيد من الشهرة أو المقابل المالي أو منصب في العمل العام, بما يؤثر سلبيا علي برامج التوك شو ويخصم الكثير من رصيد نجاحها وجاذبيتها, حيث لم يعد المشاهد مجرد متلقي فقط وإنما تحول إلي ناقد يقدر علي التقييم الجيد لما تعرضه الفضائيات في زمن السماوات المفتوحة والتفرقة بين المتميز من الضيوف والبرامج و(الردئ) من كل منهما أيضا. ويؤكد د.عبدالعزيز سيد عبدالعزيز رئيس قسم الإعلام بكلية الآداب بقنا جامعة جنوب الوادي علي أن40 شخصية فقط منذ ثورة يناير يتكرر استضافتهم في برامج التوك شو التي من المفترض أنها قائمة علي طرح كافة الآراء حول حدث محدد علي مائدة الحوار مع الخبراء وليس( المنتفعين) المدعين الذين يتجولون بين الفضائيات, ويعملون علي تفريغ القضايا المجتمعية المهمة من مضمونها وتقديم تحليل خاطئ لنتائج الأحداث الجارية بتحويل المناقشة معهم إلي مجرد( مكلمة) لا قيمة لها, بالإضافة إلي تعمد كثير منهم اللجوء إلي( تسخين) البرامج بإدعائهم الإطلاع علي خفايا الأمور بالكشف عن تفاصيل وقائع لا علاقة لها بالحقيقة, لكي تتكرر استضافتهم في برامج توك شو أخري, بهدف جمع أكبر قدر من المقابل المالي عنها, خاصة عندما يتفرغون لمجموعة منها في اليوم الواحد وكأنها( مقاولة), وقد انتشرت تلك الظاهرة علي الفضائيات بسبب سلوك( الشللية) الذي ساد مؤخرا بين معدي البرامج والضيوف, ثم فشل مديري الفضائيات في تحمل مسئوليات عملهم بتقييم الأداء يوميا, وعدم توجيه فرق الإعداد إلي ضرورة تنويع الضيوف علي أساس الاختيار القائم علي معيار الكفاءة فقط وليس صداقتهم مع المعدين, ولذلك فإنه مع غياب ما يفرضه ميثاق الشرف الإعلامي من ضرورة تنويع مصادر المعلومات, ومع استمرار ظاهرة تكرار نفس الوجوه في برامج التوك شو خلال فاصل زمني قصير سواء كان ساعات أو أيام سوف يشعر المشاهد بالملل ويقرر الإنصراف عن متابعتها.