سواء كانوا علي مائدة واحدة أو يتحاورون وبينهم أمتار قليلة كاختلاف في الشكل, إلا أن الأحداث الجارية قد كشفت عن اعتياد كثير من الفضائيات علي ارتكاب( خطأ مشترك) في المضمون يتمثل في استضافتها لمجموعات ثابتة من الضيوف في برامج( التوك شو) التي تقدمها يوميا لتحليل الأخبار, والذين يكررون نفس وجهات النظر علي الرغم من اختلاف الموضوعات المطروحة للمناقشة لافتقادهم القدرة علي التحليل لعدم إمتلاكهم لأدواته وكأنهم يحفظون ولا يفهمون, في وقت لا يغيب عن أحد حالة( الإلتصاق) الفعلية بين المشاهد و(ريموت الرسيفر) طوال فترة المشاهدة بحثا عن الجديد خبريا وفكريا, ليطرح السؤال نفسه: هل تهدد فرق التحليل( الملاكي) برامج( التوك شو) بفقد المشاهدين؟ يجيب د.حسن عماد عميد كلية الإعلام بجامعة القاهرة ويقول: إن القاعدة الإعلامية لنجاح الإعلام المرئي تحديدا- تفرض علي المسئولين عنه ضرورة تقديم التنوع من خلال وجهات نظر عديدة حول الأحداث الجارية في برامج( التوك شو) لوجوه جديدة من الشخصيات العامة التي تمتلك الخبرات الكافية من جميع المجالات وتقدر علي جذب المشاهد بالرؤي والأفكار(المتغيرة) والتي بلا شك سوف تحقق بمرور الوقت ثراء بلا حدود لبرامج( التوك شو) بصفة خاصة, علي عكس التعامل المكثف الحاصل حاليا مع تلك المجموعة من ضيوفها والذين لا يتجاوز عددهم(50 شخصية) أصبحوا مسئولين عن توجيه الرأي العام ومفروضين عليه يوميا وكأنهم يطاردونه بمضمون ثابت لا يتغير, ولذلك لم يعد غريبا أنه بمجرد ظهور أي منهم علي الشاشة يشعر المشاهد بالملل ويقرر التحول إلي غيره بسبب ما يسمي بحالة( التشبع الإعلامي) التي تسللت إلي نفسه تدريجيا بسبب حفظ إجاباته عن الأسئلة إلي درجة التطابق تقريبا, ويرجع تثبيت كثير من برامج( التوك شو) لفرق التحليل بها إلي اتفاق أفكار أفرادها مع توجهات الفضائيات التي تعرضها ولذلك فهي تصر علي أن تتمسك بهم وأيضا بسبب( الإعداد الضعيف) الذي يجهل أبجديات العمل الإعلامي ولا يجد من يوجه المسئول عنه إلي الطريق الصحيح! وتتفق في الرأي الناقدة ماجدة خيرالله وتقول: إن اعتماد كثير من برامج( التوك شو) علي( فرق) تحليل خاصة للأحداث يوميا يمثل( فقر خيال) لا مثيل له, حيث يجب علي من يتصدي للعمل الإعلامي أن يكون مبتكرا ومجددا مثلما يتطلب الإعلام المرئي من تطوير متواصل في الشكل والمحتوي, ولذلك فإنه من غير المقبول علي المستوي المهني الإحترافي تثبيت مجموعة من الشخصيات لتحليل كل الأحداث يوميا مع مقدم برنامج لا يتغير أيضا علي فضائية المفترض أن من يديرها يبحث عن الربح المالي أوالأدبي, فلا يحقق أيا منهما نظرا لهروب المشاهد ممن عرف توجهاتهم ورؤيتهم للأحداث وبالتحديد مع تكرار استضافتهم لأيام قليلة متتالية, علما بأن المشاهد تغلب عليه دائما الرغبة في التجديد ولذلك فإنه ينطلق يوميا في رحلة للبحث عن شخصيات أخري جديدة( الطلة) والأسلوب والمفردات الكلامية والتعبيرات الحركية( لغة الجسد) في البرامج العادية أو(التوك شو) أوفي الدراما حتي يجدها, مما يفرض علي كثير من المسئولين عن الفضائيات أن يعرفوا أن التجديد ليس رفاهية في حواربين( العقول) وإنما يعني( المنطق) المفقود حاليا في معظم برامج( التوك شو)! بينما يكشف بشير حسن رئيس تحرير قناة المحور عن( السر) وراء تثبيت كثيرمن برامج التوك شو لفرق التحليل( الملاكي), ويقول: إن الخريطة الإعلانية هي التي تضع مجموعة محددة من الشخصيات في صدارة المشهد الإعلامي علي الفضائيات والذين يطلق عليهم البعض مسمي( النخبة) ويتبدلون من فترة إلي أخري, فبعد أن كانت تضم نجوم الفن والرياضة, ومع تغير الحال منذ ثورة يناير فقد أصبح الطريق مفتوحا إلي برامج( التوك شو) أمام عدد ثابت من رموز السياسة والاقتصاد والقانون وعلماء النفس والاجتماع لتحليل الأحداث الجارية يوميا ظنا من المعلنين أنهم( قادرون) علي جذب المشاهدين, ولكن الواقع يؤكد أن تثبيتهم يعني ضررا مباشرا للبرامج نظرا لما تحتويه من آراء متكررة لا تفيد المشاهد وتؤدي إلي فقدها لجماهيريتها علي عكس الحال إذا تم الدفع بالضيوف من الوجوه الجديدة في برامج( التوك شو) أو ممن يقدمونها والذين يمثلون تطويرا يجعلها تتميز بالحيوية في الأداء نظرا لمحاولات إثبات الجدارة لضمان الإستمرار, بالإضافة إلي المصداقية في المضمون التي تنقلها روعة البداية لكل موهوب في أي مجال بما تعنيه من كونها عامل نجاح آخر وكلها تجتمع معا لعمل( خلطة) تستطيع جذب المشاهد إليها, وهوبالفعل الذي يتابعه المشاهد علي عدد قليل من الفضائيات في البرامج( النهارية) وليس في( المسائية) وكثيرمن( التوك شو)!