أشرقت شمس يوم19 يوليو الماضي حاملة معها الكثير من الأنباء المهمة لأعضاء الكونجرس الأمريكي وتحديدا لأعضاء لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ. فقد اجتمعت اللجنة للإطلاع علي الرسالة التي بعث بها الجنرال مارتن ديمبسي, رئيس الأركان المشتركة لجيش الولاياتالمتحدة,إلي رئيس اللجنة السناتور كارل ليفين. كانت الرسالة التي وردت في3 صفحات فقط علي قدر كبير من الأهمية.فقد إحتوت الرسالة علي الخيارات العسكرية المتاحة للهجوم علي سوريا. وكان السناتور كارل ليفين قد بعث برسالة رسمية باسم اللجنة التي يرأسها إلي الجنرال مارتن ديمبسي رئيس الأركان المشتركة مطالبا إياه بالرد علي6 أسئلة تتعلق بالوضع في سوريا وتقدير نفقات وحسابات المكسب والخسارة والمخاطرة التي تكتنف تدريب وتسليح المعارضة السورية والخيارات المتاحة للتدخل العسكري في الأزمة ومدي فعالية كل خيار من تلك الخيارات.ومن الغريب أن جاء الرد سريعا وفي ذات اليوم. فما هي إلا ساعات حتي كان رد رئيس الأركان أمام أعضاء اللجنة للإطلاع عليه ومناقشة ما جاء فيه. وكان أبرز ما تمت الإشارة إليه هو نشر الولاياتالمتحدة لبطاريات صواريخ باتريوت للدفاع الجوي والمضادة للصواريخ في كل من تركيا والأردن, وإقامة مركز قيادة للعمليات وتقديم العديد من التسهيلات للدفاع عن الأردن(تشمل الطائرات إف-16). وأكد رئيس الأركان أن الولاياتالمتحدة أمامها5 خيارات متاحة حاليا وهي: (1)تدريب ودعم وتقديم خبرات للمعارضة السورية, وهو الخيار الذي دخل حيز التنفيذ,(2)تنفيذ ضربات جوية محدودة.(3)فرض منطقة حظر طيران فوق المجال الجوي السوري.(4)إقامة منطقة عازلة علي الأرض السورية.(5)السيطرة علي الأسلحة الكيميائية السورية. ووفق ما أعلنه الجنرال مارتن ديمبسي رئيس الأركان المشتركة لجيش الولاياتالمتحدة للكونجرس الأمريكي, فإن الولاياتالمتحدة تخطط وتتصل بجيران سوريا( تركيا وإسرائيل والأردن ولبنان والعراق) لاحتواء آثار أي توسع في دائرة الصراع, الذي يمكن أن يجعل شركاء الولاياتالمتحدة وحلفاءها أقل أمنا. وقد قدمت الولاياتالمتحدة دعمها الفني لدول الجوار مثل التخطيط المتعدد الأطراف والمساعدات الإنسانية والدعم الفني والتخطيط العسكري لحالات الطوارئ. ووفق ما تناقلته الوثائق والشهادات الرسمية الموثقة في الكونجرس, فإن الولاياتالمتحدة تتبع إستراتيجية إقليمية تقوم علي4 أعمدة هي: العمل بالتعاون مع شركاء الولاياتالمتحدة بالمنطقة, وتقديم الدعم للمواقف المعتدلة من الأزمة, وتقديم الدعم الإنساني لمواجهة أزمة اللاجئين, وأخيرا, التخطيط واتخاذ أوضاع للقوات الأمريكية بما يتيح لها الكثير من الخيارات العسكرية في الوقت المناسب. أما فيما يتعلق بالاعتقاد السائد بأن الولاياتالمتحدة تحاول تحقيق التوازن العسكري فقط بين قوات النظام السوري من جانب وقوات المعارضة من جانب آخر, فقد ثبت وجود إعتقاد لدي الولاياتالمتحدة بأن إيجاد توازن عسكري فقط بين أطراف الصراع في سوريا لايكفي للحفاظ علي دولة قادرة علي القيام بدورها فما زالت التجربة القاسية التي مرت بها الولاياتالمتحدة في أفغانسان والعراق ماثلة عمليا علي أرض الواقع.ولذلك أشار رئيس الأركان إلي الكونجرس بأن أي تدخل عسكري ستكون له تبعاته التي يجب أن تكون الولاياتالمتحدة مستعدة لها مثل إنهيار مؤسسات الدولة في غياب المعارضة القوية القادرة علي تولي السلطة. ولذلك تبنت الولاياتالمتحدة التوجه الداعم للمعارضة السورية المعتدلة أملا في تجنب وصول العناصر المتطرفة إلي السلطة والسيطرة علي الترسانة الكيميائية السورية. وفي النهاية تجدر الإشارة إلي أن الولاياتالمتحدة تواجه حتي اليوم الكثير من العقبات التي تحول دون التدخل العسكري المباشر الواسع النطاق في سوريا. فهناك الأزمة المالية التي تعصف بإقتصاد البلاد وهو ما بدا بشكل واضح في التحذيرات التي أطلقها رئيس الأركان, من أن بعض خطط التدخل العسكري, مثل فرض منطقة حظر جوي, قد تكبد البلاد ما بين نصف مليار إلي مليار دولار شهريا. وهناك عدم التعافي من حربي أفغانستان والعراق خاصة وأن القوات الأمريكية ما زالت في أفغانستان حتي اليوم.