الحكومة توافق على إنشاء 3 جامعات خاصة جديدة    السيسي يصدق على ربط الحساب الختامى لموازنة هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة 2023-2024    تي بي كي للتطوير العقاري تُطلق مشروعات جديدة باستثمارات 180 مليار جنيه    أسعار الحديد مساء اليوم الأربعاء 21 مايو 2025    مصر تدين إطلاق إسرائيل النار على وفد دبلوماسي دولي في جنين    تنديد أوروبي واسع بعد إطلاق الاحتلال النار على وفود دبلوماسية في الضفة    المملكة تشارك في الاجتماع الخامس للتحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين بالرباط    نيفيل: مانشستر يونايتد لا يستحق الحصول على موكب احتفالي لو فاز بالدوري الأوروبي    الزمالك يُعلن رحيل مدرب فريق السيدات    تعليم قنا يؤكد الانضباط وغياب الشكاوى في امتحانات الصف الثاني الثانوي    استعدادًا لعيد الأضحى.. زيادة الأطباء في طوارئ ونقل دم الفيوم    أحمد السقا يحذف بيان انفصاله عن مها الصغير بعد موجة هجوم    الزمالك يُبرم اتفاقية تسويقية جديدة    سعر الريال القطرى اليوم الأربعاء 21-5-2025.. آخر تحديث    ضبط راكبين بأوتوبيس نقل جماعى تحت تاثير المخدرات.. فيديو    لافروف: الاتحاد الأوروبي يريد تصعيد الأزمة الأوكرانية لمضاعفة تسليح كييف    رئيسة المجلس القومي للمرأة تلتقي محافظ بني سويف    مصدر من الزمالك ل في الجول: الاتحاد الدولي وافق على مشاركتنا في مونديال الأندية لليد    بريطانيا تتعهد بتقديم مساعدات جديدة لغزة بأكثر من 5 ملايين دولار    في يومه العالمي- إليك أفضل وأسوأ الإضافات للشاي    غدا.. انطلاق امتحانات الصف الأول الإعدادي 2025 الترم الثاني في القليوبية    بعثة "الداخلية" تتوج خدماتها لحجاج القرعة بزيارة الروضة الشريفة.. فيديو    أبو قير للأسمدة وموبكو: تلقينا إخطارا رسميا بخفض حصتنا من الغاز لأسبوعين.. وخفضنا الإنتاج 30%    ضبط 7 أطنان دقيق مدعم قبل تهريبها للسوق السوداء بالشرقية    طولان: إلغاء الهبوط لم يكن بسبب الإسماعيلي.. بل لمصلحة ناد آخر    «بالتوفيق لأم ولادي».. منشور طلاق أحمد السقا ومها الصغير يثير الجدل وتفاعل من المشاهير    وزارة الأوقاف تنشر نص خطبة الجمعة بعنوان "فتتراحموا"    حكم طهارة المريض المحجوز بالعناية المركزة؟ دار الإفتاء تجيب    تحقيقات موسعة داخل لجنة الحكام لهذا السبب    صحة الدقهلية: ختام الدورة التدريبية النصف سنوية للعاملين بالمبادرات الرئاسية    محافظ أسوان يشارك فى إحتفالية فرع الهيئة العامة للإعتماد والرقابة الصحية    قرار جديد من القضاء بشأن معارضة نجل الفنان محمد رمضان على إيداعه بدار رعاية    المشاط: مباحثات حول انعقاد المؤتمر الدولي ال4 لتمويل التنمية بإسبانيا    ولي عهد الفجيرة: مقتنيات دار الكتب المصرية ركيزة أساسية لفهم التطور التاريخي    تصعيد دموي جديد في بلوشستان يعمق التوتر بين باكستان والهند    قد يكون صيف عكس التوقعات.. جوارديولا يلمح بالرحيل عن مانشستر سيتي بسبب الصفقات    مصرع محامي إثر حادث تصادم بين موتوسيكلين في الشرقية    القبض على صيدلي هارب من 587 سنة سجن بمحافظة القاهرة    قبل عيد الأضحى 2025.. هل ارتفعت أسعار الأضاحي؟ رئيس الشعبة يجيب    363 شخصا فقط شاهدوه في أسبوع.. إيرادات صادمة ل فيلم استنساخ (بالأرقام)    العثور على جثة حارس عقار داخل وحدة سكنية في قنا    تأثيرات التكنولوجيا الرقمية على الأطفال في مناقشات قصور الثقافة بالغربية    الرئيس السيسى ل الحكومة: ليه ميتعملش مصنع لإنتاج لبن الأطفال في مصر؟    لمواليد برج الحمل.. اعرف حظك في الأسبوع الأخير من مايو 2025    «بنسبة 100%».. شوبير يكشف مفاوضات الأهلي مع مدافع سوبر    رئيس إذاعة القرآن الكريم الأسبق: أيام الحج فرصة عظيمة لتجديد أرواح المسلمين.. فيديو    "هندسة بني سويف الأهلية" تنظم زيارة لمركز تدريب محطة إنتاج الكهرباء بالكريمات    بالأسماء.. «تعليم الإسكندرية» تحصد المركز الأول في المسابقة الثقافية المسيحية    خلال 24 ساعة.. ضبط 49941 مخالفة مرورية متنوعة    استخراج جسم معدني خطير من جمجمة طفل دون مضاعفات بمستشفى الفيوم الجامعي    محافظ أسيوط يتفقد مدرسة النيل الإعدادية ويكرم المتفوقين رياضيًا – صور    وفقا للقانون، متى يستحق الموظفون صرف العلاوة الجديدة؟    بالصور- محافظ أسيوط ينقل مريضة بسيارته الخاصة لاستكمال علاجها    هل يجوز سفر المرأة للحج بدون مَحْرَم؟..الأزهر للفتوى يجيب    بوتين: نخوض حرباً ضد النازيين الجدد    موعد وقفة عرفات وأول أيام عيد الأضحى المبارك 2025    بيان مشترك بين الولايات المتحدة وتركيا بشأن سوريا.. ما القصة؟    تفسير حلم أكل اللحم مع شخص أعرفه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مباراة صفرية أم مصالحة سياسية؟
نشر في الأهرام اليومي يوم 28 - 08 - 2013

انشغلت منذ التسعينيات بالدراسة المنهجية للتغيرات التي لحقت بالعالم نتيجة عوامل شتي.
واكتشفت مبكرا ثلاثة مفاهيم رئيسية هي تدفق موجات الديمقراطية في مواجهة النظم الشمولية والسلطوية, مما يجعل زوالها حتمية تاريخية سواء بحكم عملية الإصلاح الديمقراطي أو بالثورة, والانتقال من القيم المادية التي تركز علي عوامل البقاء إلي القيم ما بعد المادية لكي تركز علي الجوانب الروحية والمعنوية للإنسان, بما في ذلك الإحياء الديني والاعتداد بالكرامة الإنسانية, وأخيرا التحول من الحداثة- وهو المشروع الحضاري الأوروبي الذي كان وراء تقدم المجتمعات الغربية- إلي ما بعد الحداثة التي أصبحت هي فلسفة ظاهرة العولمة.
ومن بين ما تعلمته من دروس نظرية قيمة وأنا في غمار مرحلة البحث عن إطار نظري جديد يوجه دراساتي وأبحاثي في مجال العلم الاجتماعي وهو تخصصي الدقيق, اكتشفت سقوط مقولة شهيرة تبناها الفكر الغربي الحديث منذ كتاب الفيلسوف الشهير ديكارت مقال في المنهج, وهي أن لكل مشكلة حلا! بمعني أنك لو طبقت قواعد التفكير المنطقية التي أبدع ديكارت في شرحها فلابد لك أن تصل لحل المشكلة التي تبحثها في أي ميدان.
سقطت هذه المقولة- بحكم تعقد العالم المعاصر- وظهرت بدلا منها مقولة جديدة قد تبعث علي اليأس والقنوط وهي أن هناك مشكلات لا حل لها!
أبرز هذه المقولة المفكر الأمريكي المعروف جيرمي ريكين الذي نشر عام1996 عن دار نشر بتنام كتابا لافتا بشدة للنظر عنوانه نهاية العمل, وله عنوان فرعي دال هو انهيار قوة العمل علي المستوي الكوني وبزوغ فجر مرحلة ما بعد السوق.
لا أدري لماذا أدي التداعي الفكري- وأنا أفكر في إشكالية جماعة الإخوان المسلمين في مصر بعد الموجة الثورية الثانية في30 يونيو وما ترتب عليها من دعم القوات المسلحة المصرية لهذه الانتفاضة الشعبية- إلي أنه يبدو أننا أمام مشكلة لا حل لها!
والدليل علي ذلك أن السوق السياسية- إن صح التعبير- يسيطر عليها في مواجهة مشكلة الإخوان المسلمين حلان لا ثالث لهما. الحل الأول يتمثل في اعتبارها مباراة صفريةzeroSumgame والتي يمكن ترجمتها ببعض التصرف إما نحن أو هم! بعبارة أخري إما نحن تعبر عن الملايين التي خرجت لإسقاط حكم جماعة الإخوان المسلمين, مما أدي إلي عزل الدكتور محمد مرسي من رئاسة الجمهورية أو هم والتي تعني وجود جماعة الإخوان المسلمين في الحكم مرة ثانية.
أما الحل الثاني فيرفض توصيف المشكلة بأنها مباراة صفرية تقوم علي الكسب المطلق أو الخسارة المطلقة, ويذهب إلي أن هناك مجالا للمبادرات السياسية التي تهدف إلي أن يتنازل كل فريق عن بعض مطالبه للوصول إلي حل للأزمة.
وقد عبرت عن هذا الاتجاه المحاولة التي قام بها سليم العوا وطارق البشري وعدد آخر من النشطاء المناصرين للإخوان المسلمين, وقدموا مبادرة تم رفضها علي الفور, لأنها لم تكن حلا بل إنها زادت من حدة الأزمة!
والمبادرة كانت تقول يفرج عن الدكتور محمد مرسي ويعود إلي منصبه كرئيس للجمهورية ولكن منزوع الصلاحيات, وتتشكل وزارة ائتلافية تقوم بانتخابات رئاسية مبكرة! هذه هي الخطوط العريضة لهذه المبادرة العبقرية التي ظن أصحابها أنهم يمكن لهم خداع ملايين المصريين الذي خرجوا في30 يونيو بإغرائهم بانتخابات رئاسية مبكرة, وكأن هذا كان أساس التحرك الشعبي الهادر!
لقد تجاهل هؤلاء- وجميعهم بالمناسبة شخصيات مرموقة- أن الشعب المصري خرج في غالبيته احتجاجا علي خلط الدين بالسياسة خلطا معيبا, واعتبار قادة الجماعة, وفي مقدمتهم الدكتور محمد مرسي مصر وكأنها ضيعة خاصة ورثتها الجماعة ومن حقها أن تغير في أوضاعها وتبدل كما تريد. وأسوأ من ذلك اتجاه حكم الإخوان إلي هدم الأركان الأساسية للدولة, كما ثبت من تلاعبها باعتبارات الأمن القومي وهذه هي قدس أقداس القوات المسلحة, ومحاولة نفاذها بكوادرها إلي أجهزة المخابرات والأمن القومي, وجهودها لإعادة تشكيل جهاز الشرطة بما يخدم أغراضها, ومعاداة السلطة القضائية ومحاولات تصفية القضاة, وأخيرا معاداة الإعلام الحر لمنعه من التغطية النقدية للأحداث, ومحاربة المثقفين بمحاصرة مجالات الإبداع المتنوعة.
وهكذا فثورة يونيو الشعبية لم تكن بغرض تنظيم انتخابات رئاسية مبكرة, ولكن بهدف الاعتراض علي التغيير الهدام لطبيعة الدولة المدنية المصرية التي ميزتها منذ إنشائها في عهد محمد علي. وفي ضوء ما سقناه عن المباراة الصفرية, ارتفعت المطالبات بضرورة حل جماعة الإخوان المسلمين وحظر نشاطها, والنص في الدستور علي عدم قيام أحزاب سياسية لها مرجعية دينية.
وإذا كانت هذه المطالبات لم تتطرف إلي درجة المناداة بالعزل السياسي لأعضاء جماعة الإخوان المسلمين لأنها طريقة غير ديمقراطية في حل المشكلات السياسية, إلا أنه سيبقي ولا شك أن من حق أعضاء جماعة الإخوان المسلمين إذا ما تم تنفيذ خريطة الطريق وبدأنا بالانتخابات الرئاسية وتليها الانتخابات البرلمانية, أن يرشحوا أنفسهم في هذه الانتخابات بصفتهم مواطنين عاديين, حتي لو لم يرفعوا شعارات دينية, أو يعلنوا بالضرورة عن انتمائهم لجماعة الإخوان المسلمين.
ولنتصور من باب استشراف المستقبل أن الانتخابات البرلمانية تمت وأنه- علي عكس كل التقديرات السياسية- نجح أعضاء جماعة الإخوان المسلمين مع السلفيين مرة أخري بالرغم من كل ما ارتكبوه من أحداث دموية مروعة ستتم محاسبة قادتها عليها, فماذا يكون الموقف من هذا الوضع الإشكالي المتصور؟
هل تقوم الملايين بثورة جديدة ضد الجماعة حتي في حالة حلها لمنعها من أن تحكم حكما مستبدا كما فعلت من قبل؟
ما هو الحل؟
في تصوري أن ما اقترحه الشيخ راشد الغنوشي رئيس حزب النهضة التونسي هو الحل. وذلك حين قال لابد من النص في الدستور التونسي بل وفي دساتير دول الربيع العربي عامة أنه لا يجوز للحزب الذي يحصل علي أغلبية الأصوات أن يحكم بمفرده وأن يشكل الوزارة, علي أساس أن الوزارة لابد أن تكون ائتلافية, وفقا لشروط يضعها القانون المنظم للنص الدستوري المقترح.
نزعم أن الأطراف السياسية المتصارعة في مصر وفي مقدمتها جماعة الإخوان المسلمين لم تفهم إطلاقا الرسالة الرئيسية التي أعلنتها الجماهير في ثورة25 يناير, وهي أنها لن تقبل أبدا أن ينفرد فصيل سياسي واحد بحكم البلاد, ويحتكر عملية صنع القرار!
بعبارة أخري الحل- في ذهن الجماهير- يكمن في التوافق السياسي! كيف؟ فلنبحث الموضوع بخيال واسع وبآفاق فكرية منفتحة, حتي لا يتحول الرفض السياسي لجماعة الإخوان إلي كراهية شعبية لأعضائها, وفي ذلك تهديد مؤكد للسلم الاجتماعي!
لمزيد من مقالات السيد يسين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.