توفي والدي وترك لنا قطعة أرض زراعية كبيرة, وثلاثة من الذكور وبنتا واحدة, وعند توزيع التركة رفض أشقائي منحي نصيبي الشرعي من الأرض تحت دعوي أن زوجي من خارج العائلة وأنهم لا يريدون أن تذهب أرض أبيهم إلي رجل غريب عن العائلة, وعرضوا دفع مبلغ مالي زهيد مقابل هذه الأرض, فما رأي الشرع في ذلك؟ يجيب عن هذا التساؤل الدكتور محمد نجيب أستاذ الشريعة الإسلامية ومدير مركز الدراسات القانونية والفقيهة للقضايا المعاصرة بجامعة القاهرة, قائلا: كانت المرأة في الجاهلية تحرم من الميراث تماما لأن العرب كانوا يحرمون الشيوخ والأطفال والنساء, تحت دعوي انهم غير قادرين علي القتال والدفاع عن القبيلة, فكان الرجل يوصي بتركة لمن يحب من أصدقائه ومعارفه ويحرم هؤلاء من ميراثه ومنهم المرأة. حتي لو مات دون أن يوصي كان لأهل صداقته وقرابته أن يوزعوا أمواله عليهم مع حرمان المرأة والكبار والصغار إلي أن جاء الإسلام فكان أول ما نزل من آيات الميراث العامة قوله تعالي:للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون, وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا, فقررت الآية علي المؤمنين الذين كانوا لا يزالون يطبقون نظام الميراث الجاهلي لأنه لم ينزل تشريع بإلغائه ولا أتي نظام جديد للميراث. ومن أهم أسباب وملامح تشريع الميراث الجديد أنه جاء لإنصاف المرأة ويجعل لها ميراثا هو حق لها كالرجل, بل يمكن القول إن هذا التغيير في أنظمة الميراث الإسلامي إنما هو بحق بسبب المرأة ومن أجلها. ولإخراجها من الحرمان والظلم, قال تعالي: يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك وإن كانت واحدة فلها النصف. فجاءت الآية بثلثي التركة لبناتها وهو أكبر فرض من حيث المقدار, ثم جاء التحذير القرآني من المولي عز وجل متمثلا في قوله تعالي في ختام كل آية من آيات الميراث بقوله تلك حدود الله فلا تعتدوها, وفي آية الميراث الثالثة في ختام سورة النساء قوله تعالي يبين الله لكم أن تضلوا. وحرمان أحد من ميراثه هو أكل لأموال الناس بالباطل, وحق المرأة أمانة بيد من يقسم التركة بقوله تعالي إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلي أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل كما أن من يسوف في رد الحق لصاحبه ظالم. ومن ثم فوجود ظاهرة حرمان المرأة من حقها في الميراث في بعض البيئات وظلم الذكور للإناث في حرمانهن من حظهن في الميراث بحجة أن حق الأنثي سيذهب إلي زوجها الغريب عن الأسرة, ويؤدي إلي تفتيت الأرض التي تركها الميت فهذا زعم باطل يجب مقاومته لأن الحق في الإرث ثابت لها بالنص القطعي من كتاب الله, ولا يجوز تعطيله ويجب أداؤه إليها وتتملكه وتحوزه ثم تتصرف فيه كيفما شاءت, وليعلم من يحرم أنثي من حقها في الميراث أنه ظالم آثم سيحاسب حسابا عسيرا يوم القيامة ولن يبارك الله له في الدنيا ولا في أولاده أو صحته. وقد نظم القانون دعوي تسمي دعوي تقسيم التركة عند النزاع ولكن حياء النساء يمنعهن من الوقوف أمام القاضي في مواجهة أخواتهن وأشقائهن أو أعمامهن, ولكن لا حرج في طلب الحق ودفع الظلم كما أمرنا الله.