كتبت آمال علام: ما بين المرونة والحزم تاتي حزمة الاصلاحات المالية التي اعلن عنها الدكتور كمال الجنزوري رئيس الوزراء لمواجهة تزايد عجز الموازنة العامة, فهذه الحزمة من الاجراءات تتضمن جانبين الاول خفض وترشيد الانفاق العام بما لايؤثر علي اوضاع محدودي الدخل, والثاني تنمية الايرادات العامة للدولة بما لا يفرض اية ضرائب جديدة او أية أعباء علي المجتمع. هذا التحدي والمعادلة الصعبة فسرها وزير المالية ممتاز السعيد خلال لقائه مؤخرا مع الصحفيين حيث كشف الوزير عن وجود احتياطيات في كل باب من ابواب الموازنة العامة تتراوح بين2 و3% من مخصصات المالية لكل باب وهذه الاحتياطيات الغرض منها مواجهة اية ظروف طارئة او زيادات غير عادية في الانفاق بهذه الابواب وهذه هي المرونة التي تتميز بها طريقة إعداد الموازنة العامة وهو ما مكن مصر من مواجهة أزمة ارتفاع اسعار السلع الاساسية والمنتجات البترولية عام2008 دون تسجيل ارتفاع ملحوظ بالموازنة العامة في تلك السنة..وهذه التجربة توكد قدرة وزارة المالية علي استخدام نفس الطريقة في ترشيد وخفض الانفاق العام بشروط وضوابط لا تؤثر علي محدودي الدخل او هيكل الموازنة حيث يراعي المسئولون عددا من المؤشرات والسياسات المالية, وبالتالي فان استخدام هذه الاحتياطيات لا يمثل اي خطورة علي الوضع المالي والاقتصادي لمصر كما يتوهم البعض. واذا علمنا ان اجمالي الانفاق العام يبلغ نحو495 مليارا كما صدر بقانون الموازنة العامة الحالية, ومع استبعاد مخصصات فوائد الدين العام والاقساط المستحقة, ومع استخدام جزء كبير من هذه الاحتياطيات والتي تقدر بنحو19 مليار جنيه, واذا اضفنا الي هذا تراجع الاسعار العالمية لكثير من السلع الاستراتيجية مثل الاسمدة والزيت والسكر والحاصلات الزراعية فان التوقعات ان يرتفع الوفر المحقق من هذه الاجراءات لاكثر من رقم20 مليار جنيه الذي تستهدفه الدولة. ايضا من الامور التي حرص علي التأكيد عليها وزير المالية انه لا عودة لاساليب التقدير الجزافي لتعظيم الحصيلة الضريبية كالية لزيادة الايرادات العامة..بل علي العكس كشف الوزير عن الكثير من التيسيرات والمزايا التي يدرسها لتحفيز النشاط الاقتصادي لعل اهمها وعده بخفض غرامات تاخير سداد ضرائب المبيعات وتبسيط وتوحيد الاجراءات الضريبية والتي تمثل عبء كبير علي الممولين والمسجلين بضرائب المبيعات علي السواء... كما ان تعقد تلك الاجراءات الضريبية وتعدد تفسير مواد قانون الضرائب علي المبيعات هو سبب رئيسي لما نشهده من منازعات ضريبية والاف القضايا التي لا ترهق فقط النظام القضائي المصري وانما تتسبب في ايجاد مناخ غير مشجع علي الاستثمار ولذا وعد الوزير بوضع قوائم بيضاء بالسلع والخدمات لخاضعة للضريبة بدلا من القوائم السلبية للسلع والخدمات المستثناة وهو ما يحل كثيرا من اسباب الخلاف بين الادارة الضريبية والمسجلين. ايضا فان ما اعلنه رئيس مصلحة الضرائب المصرية من استهداف تحقيق حصيلة بقيمة200 مليار جنيه للعام المقبل رغم كونه أدهش الكثيرين, فإن وزير المالية حرص علي التأكيد علي قدرة مصر تحقيق هذا الرقم... إذا التزم الجميع بتنفيذ القوانين وتم ضم الاقتصاد الموازي لمظلة الشرعية فهو يمثل40% من النشاط الاقتصادي بمصر.