طالب علماء الأزهر بضرورة الاستفادة من دروس شهر رمضان, ورفع راية العمل والإنتاج من أجل النهوض بمصر والخروج بها من أزمتها الحالية. وناشد العلماء المصريين استغلال الطاقة الإيمانية التي أنارتها لنا الأيام المباركة في شهر رمضان, وذلك بالعمل علي توحيد الصف ورفع راية الوطن فوق أي مصالح فردية أو حزبية ضيقة. وشدد العلماء علي حرمة الدم المصري وأن قتل الأبرياء من أكبر الكبائر التي حرمتها شريعة الإسلام مطالبين جموع الشعب المصري بالالتفاف حول الأزهر ومنهجه الوسطي حتي تعبر سفينة مصر إلي بر الأمان. وقال الدكتور سيف رجب قزامل عميد كليه أصول الدين بجامعة الأزهر, إن منهج المسلم في حياته هو القرآن الكريم الذي أنزله الله سبحانه وتعالي في شهر رمضان, وأن منهج خاتم المرسلين سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم, هو منهج المسلمين إلي يوم الدين, وهو منهج مصدق لكافة الكتب السماوية السابقة, فالشرع شرع الله والدين دين الله الواحد.ويقول الله تعالي في كتابه العزيز شرع لكم من الدين ما وصي به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسي وعيسي أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه سورة الشوري. وأوضح أن القرآن الكريم يصلح للفرد والدولة, بل ويصلح للعلاقات بين الدول الإسلامية كافة, مع غيرها من الدول غير الاسلامية, ولو اتبع المسلمون ذلك لتحقق المنهج الشامل للمسلم الذي أعده الله, ليكون الإنسان خليفة الله في أرضه. كما أكد ضرورة قبول الآخر, بأفكاره المختلفة, ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة, ولكنه خلقكم شعوبا وقبائل لتتعارفوا. من جانبه قال الدكتور محمد أبو زيد الأمير, الأستاذ بجامعة الأزهر, إن الإسلام يحرم العنف ولا يقبله ولا يرتضيه ويحرم سفك الدماء وقد ورد في كتاب الله وسنة رسوله ما يؤكد ذلك كما قال النبي, صلي الله عليه وسلم: الإنسان بنيان الرب ملعون من هدمه وقوله من اعان علي قتل مسلم ولو بشطر كلمة لقي الله عز وجل مكتوبا بين عينيه آيس من رحمة الله كما حرمت شريعة الإسلام سفك الدماء وقد ورد عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما انه قال رأيت رسول الله يطوف بالكعبة وهو يقول ما أطيبك وما أطيب ريحك ما أعظمك وما أعظم حرمتك وإن حرمة المسلم أعظم عند الله منك فهذا البيان من رسول الله تأكيد علي مكانة النفس وحرمة الأنفس وإن قتل الأبرياء يعد من أكبر الكبائر التي حرمتها شريعة الإسلام. وناشد الشعب المصري بكل أطيافه الاتفاق والتآلف ونبذ العنف بكل أشكاله والعمل علي وحدة الصف المصري, مؤكدا حرمة إراقة الدماء المصرية كافة من أي طريق كان ولأي سبب ومطالبا جموع المصريين بإعلاء المصلحة العليا للبلاد فوق المصالح الفردية الضيقة وداعيا الله تعالي أن يجنب مصر وأهلها الفتن وان يجعلها واحة للأمن والأمان. الانتصار علي النفس وأوضح الدكتور محمد عبد العاطي عباس, أستاذ العقيدة والفلسفة ورئيس قسم الدراسات الإسلامية بكلية التربية جامعة الأزهر بالقاهرة, ان الدروس المستفادة من شهر رمضان تأتي علي رأسها انتصارات المسلمين سواء علي النفس أو علي الأعداء في ساحة الوغي. وحث جموع المصريين علي ضرورة الانسجام بين الواقع المعيشي والمثل المأمول أو بين النظرية والتطبيق متي نكون أهلا للخير الذي خص الله به امتنا. واستنكر ما نحن عليه من فرقة, وشتات واستقطاب واستباحة وإراقة الدماء بين ابناء الأمة الواحدة, والشعب الواحد دون اكتراث لأخوة الدين ولأخوة الوطن, مذكرا الجميع بالنصوص الواردة في كتاب الله تعالي والسنة, التي تنهي عن القتل وسفك الدماء, وتأمر بالعدل والإحسان والمؤاخاة والتصالح مع النفس والغير. كما طالب بضرورة التمسك بمنهج الأزهر الشريف الوسطي ونبذ الإسراف والغلو الذي لا يأتي من ورائه أي خير. قيمة العمل وحول قيمة العمل في الإسلام يري الشيخ سعيد عامر أمين عام لجنة الفتوي بالأزهر الشريف, أن ذلك العمل الدنيوي جزء من عقيدة هذه الأمة ومنذ أن هبط آدم عليه السلام إلي الأرض أصبح العمل هو سبيله الوحيد إلي إقامة خلافة الله تعالي في الأرض وإعمارها, وخلف آدم من بعده ابناؤه في إعمار الأرض, حتي كان البني من أبناء آدم لا يخلو من حرفة أو صنعة وأصبح العمل في الحضارات البشرية علامة تقدم الإنسان وتميزه. وأضاف: لم يأت نبي واحد من أنبياء الله تعالي بدعوة أبنائه في إعمار الأرض, بل كانت دعواتهم عليهم السلام دعوات إلي العمل واضحة في كل رسالات السماء, وكان الأنبياء والرسل قدوة في ذلك.وكانت رسالة الإسلام الخاتمة دعوة إلي الإيمان والعبادة والعمل في عمران الأرض ولما كانت القرون المفضلة متمثلة بذلك وأنقادت لهم الأمم وخضعت لهم الأرض وأصبحوا هم القوة الوحيدة المهابة في العالم, وجاءت مادة العمل وما يشتق منها في القرآن الكريم379 مرة, فالعمل جزء من فطرة الإنسان وتكوينه, وهو الذي يدعو إلي زيادة الإنتاج لا يكون ذلك إلا بمضاعفة الطاقة وذلك لاستخراج كنوز الأرض, وتحسين الإنتاج, وتعميق المعني الجماعي والتمكين للروح التعاونية. التأسي بأخلاق النبي ويري الداعية الشيخ أحمد ترك أن التأسي بأخلاق الحبيب المصطفي صلي الله عليه وسلم, هي الضمانة لتجاوز الأزمة الراهنة التي تمر بها البلاد, وأضاف قائلا: أخلاق النبي هي نور ينبغي ان نهتدي بها في الظروف الصعبة خاصة ما يتصل بحلمه وعفوه, فقد قال الله في كتابه لنبيه وأنك لعلي خلق عظيم, وما احوجنا ان نهتدي به عند الاختلاف وعند الشقاق والفتن التي نعيشها حاليا. ويطالب الداعية الإسلامي الشيخ حمدالله حافظ الصفتي, بالاستفادة من دروس الصيام في وقف البغضاء والحسد والمكيدة, وأضاف قائلا: إن الله تعالي خلق الناس من نفس واحدة وخلق منها زوجها, ثم بث منهما رجالا كثيرا ونساء, وجعلهم شعوبا وقبائل ليتعارفوا فيما بينهم, وأرسي بينهم أنواع العلاقات التي تجمعهم, والوشائج التي تربطهم, من الرحم والنسب والصهر. وجعل سبحانه أعلي تلك العلاقات الإنسانية وإقواها علاقة الدين ورابطة الاعتقاد, فقال سبحانه:? إنما المؤمنون إخوة?. فالعلاقة الجامعة بين المؤمنين هي الأخوة, بما تقتضيه من محبة وألفة ومودة وتضامن وانسجام وتعاطف ورحمة, تجعل المجتمع أمة واحدة, وكتلة متماسكة. ولقد نبه الرسول صلي الله عليه وسلم, علي هذا الأمر حين قال فيما رواه الإمام مسلم في صحيحه: لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا.. وكونوا عباد الله إخوانا.. المسلم أخو المسلم.. لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره.. بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم.. كل المسلم علي المسلم حرام: دمه وماله وعرضه. وإنما تظهر الآفات المجتمعية من الشقاق والافتراق والتنافر بل والاقتتال أحيانا; عندما يفقد الناس الشعور بهذه القيمة الإنسانية الكريمة, فلا ينظر المسلم لأخيه علي أنه جزء مكمل لبنائه المجتمعي, بل ينظر إليه بعين العداء والتنازع. وأوضح أن النظرة الفردية القبيحة وتوابعها من شهوة السلطة وحب الاستئثار ودناءة الحرص, تقطع أوشاج المجتمع في أقطار العرب, فتفسد كل موضوع وتبطل كل مشروع, وتشعث كل ألفة, فلا تجد فكرة جامعة, ولا مبدأ متحدا. وشدد علي انه لا ينبغي لمجتمع مسلم كمصر أن يقتتل أبناؤه وتراق دماؤهم من أجل النزاع علي خلاف سياسي أو مذهبي, فليس الخلاف في هذه الأمور مسوغا لإزهاق الأرواح, وهدم بنيان الله تعالي, ومن استهان بالدماء لأجل مكسب سياسي, أو نصر حزبي, أو ربح دنيوي, فهو محارب لله تعالي ورسوله, مفسد في الأرض, مشتت للوحدة, ممزق للشعب.