ونحن علي أبواب عيد الفطر المبارك, وفي هذه الأيام المباركة التي تتعلق فيها القلوب بالسماء, ونلتمس فيها ليلة القدر لتعمنا الرحمات, دعا علماء الأزهر الشريف إلي حفظ الدماء وترك البغضاء والشحناء هذه الأيام المباركة, وإشاعة جو التسامح والأخوة والحفاظ علي دماء المصريين الذكية. وطالبوا جموع الشعب علي اختلاف توجهاتهم أن يغلبوا مصلحة الوطن علي أي مصالح أخري, وخاصة أننا نعيش في أيام مفضلة عند الله ومباركة موضحين أنه لا يجوز لمجتمع مسلم كالمجتمع المصري أن يقتتل أبناؤه وتراق دماؤهم من أجل النزاع علي خلاف سياسي أو نصر حزبي, أو أن يكون ذلك مسوغا لإزهاق الأرواح, وهدم بنيان الله تعالي. وطالبوا الجميع بالاستجابة الفورية إلي الحوار, مؤكدين ان التاريخ لن يرحم متخاذلا أو معاندا علي حساب الأوطان والشعوب. وأكد الدكتور شوقي علام, مفتي الجمهورية, بأن العنف ليس طريقا لحل المشكلات, وأن حمل الأفراد للسلاح أيا كان نوعه حرام شرعا, ويوقع المسلم في إثم عظيم, لأنه مظنة القتل وإهلاك الأنفس التي توعد الله فاعلها بأعظم العقوبة وأغلظها في كتابه الكريم فقال:ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما. وطالب الدولة ممثلة في مؤسساتها المختصة بأن تحمي التظاهر السلمي, وأن تحافظ علي سلامة المتظاهرين وعلي أرواحهم, وأن تتعامل مع المخربين الذين يقتنصون مثل تلك الأحداث لافتعال الفوضي والاعتداء علي المنشآت العامة والخاصة وترويع المواطنين علي أن يكون ذلك وفق الدستور والقانون كما طالب جميع المصريين بالحفاظ علي أيديهم نقية غير ملوثة بدماء إخوانهم المصريين, وأن تلوث الأيدي بالدماء ليس بالضرورة أن يكون عن طريق القتل المباشر, وإنما الدعوة لأي مظهر من مظاهر العنف يرتقي لأن يكون قتلا مباشرا يقع المؤمن معه فيما لا يمكنه الفكاك منه, مذكرا بقول النبي صلي الله عليه وسلم في الحديث عن ابن عمر رضي الله عنه قال: لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما. من جانبه أشار الدكتور محمد عبدالفضيل القوصي, عضو هيئة كبار علماء الأزهر ونائب رئيس مجلس إدارة الرابطة العالمية لخريجي الأزهر, إلي أن هذه الأيام المباركات والتي تعم فيها رحمة الله لكل البشر, لابد لكل المسلمين أن يستفيدوا من هذه الرحمات التي تسود بينهم, وأن ينبذوا العنف وينظروا إلي مستقبل بلادهم, ويخلوا بينهم وبين الشحناء والبغضاء, وأن يجعلوا الله تجاههم ويحسنوا إلي بعضهم البعض بالتراحم والتواد ونزع البغضاء في هذه الأيام المباركة, وأضاف القوصي مذكرا بأن الله أفاء علينا بهذه الأيام في تلك الظروف العصيبة التي تعيشها مصر, وكأنها رسالة من الله لتوحيد صفوفنا وأن نتوخي الأمن والأمان, ونطالب جميعا بنبذ العنف وحرمة الدم وأن نعود لنكون عباد الله إخوانا نتنسم نسائم رمضان الحقة, وان نختم هذا الشهر بالتسامح والمودة والمغفرة وحسن العاقبة وأن يهيئ الله لمصر من أمرها رشدا وأن يتراحم أهلها بين بعضهم البعض وأن يختم لمصر بالتقدم والرخاء والأمن والأمان إنه سميع مجيب. وأكد الدكتور محمد سالم, أستاذ التفسير بكلية أصول الدين جامعة الأزهر, أننا في هذه الأيام التي نتلمس فيها ليلة القدر والقربات إلي الله ومن هذه القربات رحمة الإنسان بنفسه وأخيه المسلم فنتلمس وحدة الصف في المجتمع الإنساني وخصوصا في مصر, ونتلمس أن يرحم بعضنا بعضا وألا يعتدي بعضنا علي بعض, وأضاف قائلا: حرمة الدماء في الإسلام أمر عظيم ومقرر, ولابد للناس أن يحترموا حدود البلاد وأمن البلاد, وألا يعتدي إنسان علي أمن البلاد, أو ممتلكاتها وألا يعطلوا مصالح الخلق, لأن هذا ضرر في الشريعة الإسلامية, ومن القواعد الأولي في الشريعة لا ضرر ولا ضرار ولا يجوز تعطيل المصالح أو الاعتداء علي أمن الناس وأموالهم وأعراضهم, ويسمي ذلك في فقه الإسلامي عند شيخ الإسلام ابن تيمية باب الصائل, ويقول النبي صلي الله عليه وسلم لزوال الدنيا وما فيها أهون عند الله من قتل امرئ مسلم, وقال أيضا, أول ما يقضي يوم القيامة بين الناس, يقضي في الدماء, ودعا الدكتور سالم إلي وحدة الصف والتماسك في هذا المجتمع لأننا جميعا نأكل من خير هذا الوطن. ويوضح الدكتور محيي الدين عفيفي عميد كلية بجامعة الأزهر, وعضو الرابطة العالمية لخريجي الأزهر, أن هذه الأيام تضاعف فيها الحسنات ويغفر الذلات وفرصة لأن يتلاقي المؤمنون لإصلاح ذات بينهم, إلا أننا في العشر الأواخر نعيش أحداثا جسمت علي صدر الأمة الإسلامية وهي هذه الأحداث الدامية, وحذر أهل الحكمة من الخوض في الدماء أو اقترافها, وحذر المولي من ذلك وحذر النبي من هذا, وأن النبي حذر من إثارة الفتن وشدد علي حرمة الدماء, وهذه الأيام فرصة للصلح مع الناس ومع الله تعالي ومن أعظم ما أوصي به القرآن الكريم هو صلح ذات البين, وهو من أهم ما يهتم به المسلمون, ويقول الله تعالي: لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فسوف نؤتيه أجرا عظيما, فعلينا أن نقوم بهذا الإصلاح لأنه أعظم وأفضل عند الله من الصلاة والصيام والصدقة, ويقول النبي صلي الله عليه وسلم: ألا أخبركم بما هو أفضل من الصلاة والصيام والصدقة, قالوا بلي يا رسول الله قال: إصلاح ذات البين فإن فساد ذات البين هي الحالقة, التي تدمر العلاقات وأواصر المحبة والمودة بين المسلمين, وديننا ركز علي تقوية أواصر الروابط بين المجتمع ككل, وهو أمر عظيم في الإسلام ولا سيما في تلك الأيام المباركة التي تتجلي فيها رحمات الله علي عباده. ويختم الدكتور محمد أبو زيد الأمير عميد كلية الدراسات الإسلامية والعربية بالمنصورة, بالقول: أن الإسلام ينبذ العنف ولا يقره ولا يرتضيه, ولا يعرف سفك الدماء, وقد ورد في القرآن ما يبين ذلك, حينما قال تعالي: ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق وقول النبي صلي الله عليه وسلم: زوال الدنيا أهون عند الله من إراقة الدم, والإسلام لا يعرف العنف لأنه دين الرحمة والشفقة, والعنف ضد الرحمة والشفقة, وأن الله يحب الرفق واللين, وما كان الرفق في شيء إلا زانه وما نزع من شئ إلا شانه وقال تعالي: وقولوا للناس حسنا وفي الحديث الشريف قال النبي صلي الله عليه وسلم: الراحمون يرحمهم الرحمن, ارحموا من في الأرض, يرحكم من في السماء وأن الله جعل للإنسان حرمة, وكرمه وفضله, وأن الرسل والكتب السماوية كلها أرسلت من أجل الإنسان, ويقول الله تعالي ولقد كرمنا بني آدم.... وأن النفس البشرية أعظم عند الله من الكعبة, وأن للنفس البشرية مكانة ومصونة وعلينا أن نراعي ما أمرنا الله به وما ذكره النبي عن مكانة النفس البشرية, والأبرياء الذين يقتلون في المظاهرات غدرا وظلما وعدوانا فكل من قتلهم آثمون, وارتكبوا كبيرة من الكبائر التي حرمتها شريعة الإسلام.