جاءت الشريعة الإسلامية كغيرها من الشرائع السماوية للحفاظ علي النفس، فحرمت القتل وإراقة الدماء وكل ما يوصل إلي ذلك، بل وضعت هذه الجريمة البشعة في المرتبة الثانية بعد الشرك بالله ومن ثم جعلت مرتكبها خالداً في نار جهنم بخلاف باقي العصاة الذين يدخلون النار لفترة ثم يخرجون منها بإذن الله ولهذا فقد حذر الاسلام من ارتكاب هذه الكبيرة أو الاقدام علي كل ما يؤدي اليها حتى من المزاح الهزار أو التلاعب بالسلاح أو لترويع الآمنين، فما يحدث الآن من ارتكاب لجرائم قتل انما هو دليل واضح علي مخالفة تعاليم الاسلام. حول حرمة الدماء في الشريعة الاسلامية كان هذا التحقيق في البداية يؤكد الدكتور جمال عبدالستار وكيل وزارة الاوقاف لشئون الدعوة أن الله سبحانه وتعالي حصن الدماء من الاعتداء عليها فقال تعالي "ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا" وحذر الرسول صلي الله عليه وسلم من سفك الدماء فقال "لايزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دما وقوله صلوات الله عليه أيضا المؤمن بنيان الله ملعون من هدم بنيانه" ولذلك وجب علي كل إنسان أن يتقي الدماء ويتجنب الوقوع فيها حتى لا يغلق علي نفسه باب الرحمات ويوقع الأمة في الأزمات، ويؤجج الفتن، والتنازع والشقاق، ونحن في احوج ما نكون في أيامنا هذه للتذكير بتلك الحرمة تحذير لأمتنا وحماية لدماء اخواننا وأهلينا ودعما لاستقرار بلادنا ويضيف د. عبدالستار ان جميع الشرائع السماوية جاءت لحفظ النفس والدين والنسل والمال والعرض ومن أجل الحفاظ علي النفس حرم القتل لأنه سبيل لإهلاك النفس التي أمر الله بحفظها وجعل لها حرمة وحرم الشروع في كل ما يؤدي اليه الا بحق الاسلام في حالات رجم الثيب الزاني حتى الموت والقصاص من القاتل والمرتد والحرابة "قطاع الطرق" وغيرهم. فالدماء لها حرمة عظيمة فيروي أن أول ما يقضي بين الناس يوم القيامة يكون في الدماء والنبي صلي الله عليه وسلم يقول "كل ذنب عسي أن يغفره الله الا من مات مشركا أو قتل مؤمنا متعمداً وقال صلي الله عليه وسلم لقتل المؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا وذلك لأن الانسان بنيان الله ملعون من هدم بنيانه حتى وإن كان غير مسلم لقوله صلي الله عليه وسلم. "من قتل رجلا آمنه علي دمه فأنا برئ من القاتل وإن كان المقتول كافرا". وشددت الشريعة الإسلامية علي حرمة النفس من القتل والإعانة عليه فقد ورد أن من أعان علي قتل مسلم ولو بشطر كلمة لقي الله يوم القيامة مكتوبا بين عينيه "آثم" ومن بشاعة القتل جعله الله قرين الشرك قال تعالي "والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق" إلي آخره فالقتل قتل بأي وسيلة في قتل أهل الذمة لقوله صلوات الله عليه "من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة" فكل طريق يؤدي للقتل حرمه الإسلام ومن أجل ذلك حرم الخصام وحرمت الشحناء والبغضاء وسوء الظن وحرم المزاح "الهزار" بالسلاح فقال صلي الله عليه وسلم ومن أشار إلي أخيه بحديدة فإن الملائكة تلعنه حتى يدعها وإن كان أخاه لأبيه وأمه" وبعض الروايات أشارت إلي قول النبي صلي الله عليه وسلم فإنه لا يدري أحدكم لعل الشيطان ينزغ في يده فيقع في حفرة من النار، وكلمة "حديدة" تشير إلي أي ألة حادة، وروي أن الصحابة كانوا يسيرون في سفر فاستراحوا ونام رجل منهم فقام أحدهم إلي حبل معه فأخذه ومرره علي جسد أخيه النائم ففزع فقال النبي صلي الله عليه وسلم "لا يحل لمسلم أن يروع مسلما" "وقال ايضا من أخاف مؤمنا كان حقا علي الله أن لا يؤمنه من أفزاع يوم القيامة" ولفت د. عبدالستار إلي أن كل ما يؤدي إلي ترويع الناس من المزاح بالأسلحة البيضاء والنارية والصواريخ المضيئة نهي عنه سواء كان بالصوت أو باليد أو بألة أو حجر أو أي شئ حتي لو كان ذلك في المسجد لقوله "إذا مر أحدكم في مجلس أو سوق وبيده نبل فليأخذ بنصاله ثم ليأخذ بنصاله أن يصيب أحدا من المسلمين منها بشئ" وحتى الحذر في مناولة السلاح لقوله صلي الله عليه وسلم ايضا "انه نهي أن يتعاطي السيف مسلولا" ويوضح الدكتور رشدي شحاتة رئيس قسم الشريعة بكلية حقوق حلوان أن من مقاصد الشريعة الإسلامية حفظ النفس كليا وجزئيا فالكلية من القتل فلا يجوز ولا يحل قتل النفس البشرية إلا قصاصا، قال تعالي "ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها" وذلك لان الجرائم التي يرتكبها الانسان يدخل بسببها النار لمدة محددة ثم يعفو عنه رب العالمين، إلا القاتل العمد فهو مخلد في نار جهنم لا يخرج منها ابدا جزاء ما اقترفت يداه، ويقول الرسول صلي الله عليه وسلم المؤمن بنيان الرب ملعون من هدم بنيانه" فلقد شرعت الشريعة الاسلامية منهاجا يتضمن "الأمن" فالقرآن حينما ذكر النعم التي أنعم الله بها علي الانسان "قال تعالي" أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف "فالأمن من الخوف هو الذي يؤدي إلي توفير الطعام. ويقول د. شحاتة ان علماء القانون الجنائي إذا كانوا يدعون بأنهم اخترعوا ما يسمي بالجريمة السلبية نقول لهم ان الشريعة الإسلامية عرفت هذه الجريمة منذ بداية الإسلام عن طريق منع إخافة المسلم أو ترويعه، مشيرا إلي أنه لا يجوز أن يكون الانسان سلبيا بمعني أن يترك انسان يؤذي أخاه بل يأخذ بيده ويمنعه عن التمادي في الظلم امتثال لقوله صلوات الله عليه "إذا التقي المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار" - قالوا يا رسول الله هذا للقاتل فما بالنا بالمقتول؟ قال: لأنه كان حريصا علي قتل أخيه ويقول الشيخ فكري حسن عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية - سابقا - لقد جاء في خطبة حجة الوداع قوله صلي الله عليه وسلم "أيها الناس - إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا أو قوله أيضا من أعان علي قتل أمريء مسلم ولو بشطر كلمة كتب بين عينيه يوم القيام "آثم" من رحمة الله ومعني ذلك أن من يشترك ويعد ويهييء الوسائل "الشماريخ والأدوات التي تؤدي إلي إراقة الدماء"انما هو مشترك في ارتكاب الجرم وله نفس العقاب ومحروم من رحمة الله.