كل التجارب الذاتية في مصر ومعها سائر الدروس المستفادة من تجارب الآخرين الذين حققوا النهضة والتقدم تؤكد أن وراء النجاح حكومات ناجحة كانت تضم مجموعات متناسقة من الوزراء الذين يمتلكون أدوات النجاح. وبعيدا عن التشعب في تعديد مقومات النجاح يمكن الاكتفاء بالقول بأن الوزير الناجح هو الذي يقول لنفسه منذ اللحظة التي يقع عليه الاختيار: ليس من حقي أن أفعل ما أشاء فحقوقي تخضع لمدي ما أقوم به في سبيل المصلحة العامة ومصلحة المجتمع ككل! والمعني واضح هو أن ما يتوافر للوزير من سلطات وصلاحيات لا ينبغي التعامل معها كأنها حقوق تفتح الطريق لبناء المكانة الشخصية, وإنما يتمتع الوزير بالسلطات والصلاحيات لكي تتحرر أفكاره واتجاهاته الرامية لخدمة جمهور الناس من أي عوائق أو عقبات.. أو بمعني أصح فإن الوزير لا يتمتع بهذه الحقوق وسلطة اتخاذ القرار لكي يوفر المنفعة لأقربائه وأصدقائه ومعارفه, وإنما لكي يخدم الجميع ويعمل من أجل الجميع دون تفرقة أو استثناء! والحقيقة أن الوزير في معظم دول العالم, وبالذات في الدول التي تمر بمراحل تحول استثنائية يماثل دوره دور الطبيب المعالج تماما... والطبيب البارع لا يعالج مريضه بعقار يسبب له مرضا دائما في مكان آخر من جسده, وكذلك الوزير السياسي لابد أن يعتبر الأمة التي يمثلها جسدا واحدا تعتمد أعضاؤه بعضها علي بعض... ومن هنا فإن الوزير تتوافر له فرص النجاح كلما توافرت لديه القدرة علي أن يري الصورة بشكل أشمل من نطاق الحدود الضيقة لوزارته التي يشغلها فقط, وبالتالي يتمكن من إجراء القياس الصحيح لدرجة حرارة الرأي العام بترمومتر سياسي يقدر علي إجراء تقويم صحيح لقوة الرأي العام واتجاهاته تجاه أية قضية قبل حسمها! وأفضل رجال السياسة ذلك الوزير أو المسئول الذي يفحص الأمور المعروضة عليه بعناية بعد أن يستمع لرأي الخبراء والمتخصصين ثم يقول لنفسه: إنني أستطيع أن أصل إلي هنا فقط... وليس أبعد من هذا فقط. كل التوفيق للدكتور الجنزوري وحكومته التي ندرك جميعا أنها تتحمل مسئولية ثقيلة تتطلب دعما ونصحا بأكثر ما تحتاج إلي حملات التحامل أو التجريح المسبق!
خير الكلام: القليل مع التدبير أبقي من الكثير مع التبذير! المزيد من أعمدة مرسى عطا الله